المنيا التى لا يعرفها أحد «3»

سليمان شفيق
سليمان شفيق
بقلم - سليمان شفيق

مرة أخرى وليست أخيرة.. المنيا، مدينة الفقه والحداثة، مدينة الإصلاح الدينى والتشدد، مدينة السماحة والدماء، مدينة النور والظلام.. الأجيال الجديدة تعرف المشايخ الثلاثة: شكرى مصطفى، أسس فى «أبوقرقاص»، جنوب المنيا 20 كم، جماعة «التكفير والهجرة»، وقاتل وزير الأوقاف الشيخ الذهبى 1977، وخالد الإسلامبولى من ملوى، 50 كم جنوبًا، من مؤسسى جماعة الجهاد، وقاتل السادات 1981، والإرهابى القاتل الشيخ عاصم عبدالماجد من قرية دلجا، غرب ملوى، من مؤسسى الجماعة الإسلامية، والقاتل المحترف الذى قتل حوالى مائة جندى وضابط فى أحداث مديرية أمن أسيوط، والمسؤول عن القتل والحرق فى المنيا، بعد فض الاعتصامات الإرهابية فى رابعة والنهضة، الهارب فى قطر.


الأجيال الجديدة لا تعرف ثلاثة شيوخ أزهريين، من أقصى شمال المنيا، مغاغة آخر حدودها الشمالية، ولد ثلاثة فرسان أزهريين، الأخوان مصطفى وعلى عبدالرازق، وطه حسين.
فى البدء كان الشيخ على عبدالرازق «1885 1947» مفكرًا وأديبًا ومن المجددين بالأزهر، ومؤسس المدرسة الفلسفية العربية، تولى وزارة الأوقاف 1945، كأول أزهرى يتولاها، ثم اختير شيخًا للأزهر فى ديسمبر 1945.


الشيخ على عبدالرازق، صاحب كتاب الإسلام وأصول الحكم 1925، والذى أغضب الأزهر، ومن أجله سحب من الشيخ على شهادة عالمية الأزهر، ذلك الكتاب الذى أكد فقهيًا انتهاء وانتفاء زمن الخلافة، وكلاهما، مصطفى وعلى، تربى فى بيت وطنى، والدهما حسن عبدالرازق، أول من أسس جريدة فى المنيا، ومن مؤسسى حزب الأمة، ومن تلاميذ الإمام محمد عبده.


حاكم الأزهر على عبدالرازق لرفضه فكرة الخلافة، وقامت هيئة كبار العلماء، وفصلت الشيخ على من زمرة العلماء ومن القضاء، ووافق على ذلك الملك فؤاد، لأنه اعتبر أن كل الحكومات بعد الخلفاء الراشدين لا دينية!


ومن المركز ذاته، مغاغة، ولد الأزهرى المصلح الثالث طه حسين 1889، فى قرية الكيلو، 1902 دخل الجامع الأزهر، وتلقى العلوم الدينية، وانتقل إلى الجامعة الأهلية 1908 «القاهرة الآن».. 1914 حصل على الدكتوراة «فى ذكرى أبى العلاء المعرى». 


واتهمه أحد أعضاء البرلمان حينذاك بالزندقة، وبعد عودته من باريس 1915 دخل فى معارك فكرية عديدة، وعُين عميدًا لكلية الآداب، وكان من أبرز كتبه ومعاركه كتاب «فى الشعر الجاهلى» 1926، الذى أثار جدلًا عنيفًا، وقُدّم للمحاكمة وبُرّئ منها.


طه حسين، صاحب أول فكرة عن مجانية التعليم، وكان شعاره «التعليم كالماء والهواء» وحينما عُيّن وزيرًا للمعارف «التعليم» طبقت للمرة الأولى فى تاريخ مصر مجانية التعليم.
المثير للجدل أن المشايخ الثلاثة القتلة ليسوا أزهريين، ومن مواليد ما بعد 1952، وتعليمهم «مدنى».. شكرى مصطفى درس الثانوى فى أبوتيج بأسيوط، وخالد الإسلامبولى درس الثانوى فى ملوى، ثم التحق بالكلية الحربية، وعاصم عبدالماجد درس الثانوى فى المنيا، ثم كلية هندسة المنيا، وداخل السجن درس التجارة، جامعة أسيوط، وحصل على الماجستير فى إدارة الأعمال!


القتلة الثلاثة لم يسافر أحد منهم خارج البلاد، ماعدا عاصم عبدالماجد حينما هرب إلى قطر، فى حين أن المشايخ العظام المصلحين الأزهريين، مصطفى وعلى عبدالرازق وطه حسين حصلوا على دراساتهم العليا من السربون بباريس!


القتلة الثلاثة لم يمارسوا العمل السياسى إلا من خلال التنظيمات الدينية، فى حين أن آل عبدالرازق من بيت منتسب إلى حزب الأمة، الذى تأسس فى مطلع القرن العشرين من عباءة الإمام محمد عبده فى مطلع القرن ومطلع الحداثة والتنوير، ثم انتمى ثلاثتهم مصطفى وعلى عبدالرازق وطه حسين إلى فخر الأحزاب الليبرالية «الأحرار الدستوريين».


الفرسان الأزهريون السربونيون جمعوا بين التعليم الدينى والمدنى، وأجادوا اللغات الأجنبية، الفرنسية والإنجليزية واليونانية والتركية، والثلاثة مشايخ الدم لا يجيدون أى لغات سوى لغة الدم.


المشايخ الفرسان الأزهريون تتلمذوا على فقه التجديد للإمام محمد عبدة، وتنوير فولتير، ومشايخ القتل تتلمذوا على فقة التكفير لسيد قطب.


هكذا من شمال المنيا، ومن رحم الأزهر انبعث النور من عباءة محمد عبدة ورداء فولتير، وإلى جنوب المنيا خرج فكر التكفير لسيد قطب، وابن تيمية، وسالت الدماء.. تلك هى المنيا التى لا يعرفها أحد.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المعاينة: النيران التهمت مخزن مواسير على مساحة 200 متر ببولاق أبو العلا

الزمالك يتفوق على المقاولون فى القيمة التسويقية قبل لقاء الليلة.. إنفوجراف

حقيقة إعلان المحكمة الرياضية قرارها بشأن شكوى بيراميدز

الساعة السكانية تسجل وصول عدد سكان مصر لـ108 ملايين نسمة.. جهاز الإحصاء: حققنا مليون نسمة خلال 287 يوما ومعدل المواليد يتراجع منذ 5 سنوات.. أسيوط وسوهاج الأعلى وبورسعيد ودمياط الأقل.. و2.41 معدل الإنجاب فى 2024

إمام عاشور يشارك فى التدريبات الجماعية للأهلى الإثنين المقبل


الأهلي يكشف حقيقة إصابة محمد علي بن رمضان فى مباراة فاركو

توم كروز في انتظار الأوسكار الفخرية بعد رفضه جائزة ترامب.. اعرف القصة؟

بدء اجتماع مجلس المحافظين لمتابعة لجان حصر المناطق المختلفة بقانون الإيجار القديم

كواليس استبعاد 7 لاعبين من الزمالك أمام المقاولون.. بانزا والجزيري الأبرز

وزارة التعليم: حظر تحصيل أية مبالغ مالية من أولياء الأمور


علشان تختار لابنك صح.. أبرز 10 فروق بين البكالوريا والثانوية العامة

سفاك الدماء يصعد جرائمه فى لبنان.. غارات الجنوب مستمرة وإصابات فى غارة على الناقورة.. "صحة لبنان": مقتل شخص على "حداثا".. تحليق لطيران الاحتلال فوق بيروت.. رئيس الأركان: اغتلنا 240 بحزب الله منذ وقف إطلاق النار

مواعيد مباريات اليوم السبت.. السيتي يواجه ولفرهامبتون وبرشلونة ضد مايوركا

عيد ميلاد مادونا.. ما لا تعرفه عن قصة حبها مع مايكل جاكسون وسبب عدم زواجهما

قانون الإيجار القديم يحدد نسبة زيادة الأجرة للمحال التجارية.. التفاصيل

إنبى يواجه وادى دجلة اليوم بحثا عن الفوز الأول في الدورى

1500 فرصة عمل كأفراد أمن بمرتبات تصل لـ9000 جنيه.. اعرف التفاصيل

تفاصيل جلسة محمد يوسف مع أحمد عبد القادر في الأهلي

رحلة لا تنتهى.. من شواطئ البحر الأحمر إلى قلب المتحف الكبير.. مصر ترفع دخلها السياحى إلى 24 مليار دولار بنهاية 28/29.. خطة لزيادة الليالى السياحية لـ240 مليون وحملات ترويج عالمية تفتح أسواقا فى آسيا وأفريقيا

القومى للمسرح يحتفى بذكرى ميلاد بديع خيرى الأحد

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى