صابر حسين خليل يكتب: أين كتبى؟!

كتب - أرشيفية
كتب - أرشيفية
الموت هو الحد الفاصل بين حياتين، وها أنا الآن أقف على هذا الحد، فأنا ميت منذ عدة أيام لكن روحى مازالت تعيش فى حياتى الأولى، دُفن الجسد وتوارى تحت الثرى، عينى مازالت ترى ورثتى وقد اقتسموا كل شيء الأموال والعقارات حتى أثاث منزلى لم يتركوا شيئاً، لا بل تركوا هذه الغرفة، لم يتنازع أحد عليها، لم يطلبها أحد، إنها مكتبتى المليئة بكل كتبى منذ أن كنت طفلاً حتى آخر يوم فى حياتى. فهذا الكتاب الموجود على المكتب آخر كتاب اشتريته، لم أضعه فى المكتبة بعد.

الورثة بعد أن اقتسموا كل شيء تنبهوا لأمر المكتبة وأرادوا التخلص منها وتبارى البعض منهم فى ذكر طرق التخلص من هذه الكتب التى تأخذ مساحة غرفة كبيرة، البعض قال نتبرع بها لمكتبة الجامعة وقال أحدهم بل نبيعها لتجار الكتب، فربما بيعت بمبلغ كبير. فرد عليه آخر بأى سعر نبيع نريد التخلص منها فحسب، وكانوا فيها من الزاهدين.

إلى هذا الحد هانت عليكم حياتى وذكرياتى. هذه المكتبة جمعتها على مدار ستين عاماً من الشراء، هذا الكتاب هو كليلة ودمنة من أوائل ما قرأت عندما كنت صبياً صغيراً ومازالت حواشيه تحفظ تعليقاتى حتى الآن، وهذه مجموعة إحسان عبد القدوس، هى زادى العاطفى فى بداية شبابى، لازالت أشعارى تملأ أركانها.

أى ورثتى هل نسيتم كم كنت أحب هذه الكتب، وكم كنت حريصاً على قضاء وقتى وسط هذه الكتب، كنت أحدثها ساعات طوال، وكانت تسمعنى وتبادلنى الحديث، حوارات دارت بينى وبين كبار الكُتّاب عباس العقاد، طه حسين، المازنى، نجيب محفوظ، زكى نجيب محمود، أحمد شوقى وحافظ إبراهيم وغيرهم مئات من الكُتّاب تحاورنا معاً، كيف تعرضون كل هذه الذكريات للبيع.

أى بنى ألا تذكر هذا الركن من المكتبة الذى خصصته لك، ولكتبك عندما كنت طفلاً صغيراً، ألا تذكر قصص الساحرة والبحيرة، وعصام والحصان، ألا تذكر قصة السلحفاة والأرنب، كيف كنت أشترى لك هذه القصص لأحبب لك القراءة منذ كنت صغيراً.

أى بنى ألا تذكر ذهابنا لمعرض الكتاب وشراء عشرات الكتب، وفرحتنا ونحن نرجع بهذا الكنز الثمين.
بنى إن هذه الكتب هى أنا، فهل تبيع أباك، انظر لهذا الكتاب وافتحه فى وسطه وردة حمراء هديتى الأولى لوالدتك وبداية قصة حبنا، انظر لهذا الكتاب، فى أوله إهداء لوالدتك أقول فيه " حبيبتى يا أغلى الناس أهديك أغلى ما أملك، أهديك الكتاب " انظر لأسفل الإهداء تجد رد والدتك على الإهداء " قبلته منك يا أغلى الناس ".

أى بنى هل تباع هذه الأشياء ؟ هل تلقى ذكريات أبيك على الأرصفة تتلقفها أيدى الناس ؟
أى بنى، لا تجعل أباك سلعة تباع، أكرمنى فى مكتبتى حتى ترتاح روحى. خصص لهذه المكتبة مكاناً مناسباً واجعلها قبلة لطلبة العلم يطالعون فيها ما يريدون.

بنى العلم ثروة وزكاتها تعليم الغير، فلا تكن مانعاً لهذه الزكاة، القراءة سبيل تقدمنا فاجعل مكتبتى نواة فى سبيل التقدم. خصص من ثروتى جزءاً ليكون راتباً لموظف يقوم على أمر المكتبة.
بنى هل أطمع فى برك لى بعد وفاتى ؟
اجعل هذه المكتبة سبباً فى دخولى الجنة.

هل تقف حاجزاً بين أبيك والجنة ؟
لقد أطعمتك من حلال، وربيتك على تقوى الله، فهل أجنى ثمار هذا وأنا فى برزخ بين الدنيا والآخرة ؟ لعلى أرجع لربى بما يكون سبب لدخولى الجنة.

بنى لا تمزق مكتبتى فتمزقنى وأسألك يوم القيامة أمام الواحد القهار، أين كتبى ؟
رحمنى الله برحمته الواسعة، إنه هو الغفور الرحيم.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ريبيرو يعود للقاهرة غداً لقيادة فترة إعداد الأهلى للموسم الجديد

الخارجية الأمريكية تبدأ عملية تسريح جماعي لأكثر من 1300 موظف

بسبب تغيرات المناخ.. مخاوف من تراجع نحو 10% من محصول الكاكاو في غرب أفريقيا.. كوت ديفوار وغانا ونيجيريا والكاميرون تساهم بأكثر من ثلثي الإنتاج العالمي.. وانخفاض الإنتاج يرفع احتمالات زيادة أسعار الشوكولاتة

اليوم.. السكة الحديد تشغل عربات فاخرة وVIP على خط الإسكندرية القاهرة المنيا

تحركات سياسية وإنسانية مصرية شاملة لنصرة الأهالى فى غزة ودعم حقوق الفلسطينيين.. خبراء وسياسيون: الدولة لم تكتفِ بالجانب الإنسانى فقط بل تصدت لمحاولات التهجير.. وتسعى لحشد موقف دولى ضاغط على الاحتلال الإسرائيلى


تعرف على موعد صرف تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة

باراك: واشنطن لا تدعم إنشاء دولة لـ"قسد" فى سوريا

غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك

انفجارات عنيفة تدوي في مدينة جبلة السورية

طلاب الهندسة الحيوية بالإسكندرية ينجحون فى تصميم ذراع روبوت بـ6 درجات حرية.. "6-DOF" يُستخدم كمساعد لأطباء الجراحة فى المستشفيات.. تنفيذه يكلف نحو 22 ألف جنيه.. وأعضاء هيئة التدريس يشيدون بالمشروع.. صور


تسونامى المخدرات يهدد أمريكا اللاتينية.. الكوكايين ينتشر فى البرازيل ويضرب 11 مليون متعاطى.. السباق التكنولوجى للتجار فى كولومبيا يؤجج المخاوف.. "مخدر الزومبى" يثير الرعب فى المكسيك.. والفنتانيل ينتشر فى تشيلى

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

زى النهارده.. هدف بشعار "غزل الملاعب" بين متعب وغالى فى مباراة الأهلى ودجلة

بالأسماء والرموز.. قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ بجميع محافظات مصر

السيطرة على حريق مصنع منظفات وكيماويات مدينة بدر وبدء عمليات التبريد

ننشر قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن دائرة محافظة المنيا

أخبار × 24 ساعة.. النقل تحذر من اقتحام مزلقانات القطارات

بريطانيا: المفوضية الأوروبية تدعم اتفاق إعادة المهاجرين رغم اعتراضات

ماكينات حفر الخط الرابع للمترو لا تتوقف.. طاقم مصرى يصل الليل بالنهار لإنجاز المشروع.. المكينة تحفر 22 مترا يوميا والنفق حلقات خرسانية يتم تركيبها وتصنيعها محليا.. وهذه طرق تأمين العمال تحت الأعماق.. صور وفيديو

جهود أمنية متطورة بالطريق الإقليمى.. ضبط آلاف المخالفات باستخدام أجهزة ذكية.. خبراء أمنيون لـ"اليوم السابع": التكنولوجيا والتوعية سر نجاح حملات المرور.. ويؤكدون: ضبط 40 سائقا من متعاطى المخدرات و22 محكوما عليهم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى