الأقمار الصناعية تكشف: فيضان إثيوبيا يشق مجرى مائيًا بسد النهضة ويتجه للسودان ومصر.. المحور الأفقى للسد اكتمل ومتبقى107 أمتار لم تكتمل رأسيًا.. وحصة القاهرة لن تقل عن 60 مليار م3 مياه فى 2016

سد النهضة

كتب محمد محسوب

السبت، 20 أغسطس 2016 12:05 ص

كشفت آخر صور للأقمار الصناعية والتى حصل "اليوم السابع" عليها، أن مياه الفضيان الحالى بإثيوبيا والناتج عن الأمطار الغزيرة التى تسقط على الهضبة الأثيوبية أدت إلى غمر جزء من سد النهضة وصنعت ما يشبه بمجرى مائى، واتجهت المياه إلى النيل الأزرق ومنها إلى مصر والسودان.

وأكد الدكتور علاء النهرى نائب رئيس المركز الإقليمى لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة، وممثل مصر بلجنة الاستخدام السلمى للفضاء بالأمم المتحدة، أن صور الأقمار الصناعية، وبالتحديد صور القمر الأمريكى لاندسات "Landsat 8" كشفت حتى أغسطس 2016 اكتمال المحور الأفقى لسد النهضة بطول 1800 متر، وأن البعد الرأسى للسد لم يكتمل بالشكل المقرر له فى التصميمات الهندسية، والتى تنفذها شركه سالينى أمبرجيليو الإيطالية.

وأضاف النهرى فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أنه مازال هناك جزءا من جسم السد بطول 107 أمتار، أى أنه لم يصل للارتفاع المقرر "145 مترا"، وبالتالى غمرته مياه الفيضان، وأصبح يشبه المجرى المائى، واتجهت المياه إلى النيل الأزرق ثم إلى السودان ومصر، مشيرا إلى أن هذا ما أكدته صورة القمر الصناعى Landsat 8 الملتقطة بتاريخ 23 يوليو الماضى، وهو أحد الشهور ذو الإيراد المائى العالى فى موسم ذروة الفيضان.

وتابع النهرى: "لعبت التغيرات المناخيه المضطربة بسبب الأنشطة الصناعية الكثيفة للدول الكبرى دورا فى زيادة درجات حرارة الأرض، والتى دائما أتحدث عنها بلجنة الاستخدامات السلمية للفضاء بالأمم المتحدة، موضحا آثارها السلبية على مصر، لأن لها دورا أساسيا فى تذبذب كميات الأمطار التى تهطل على الهضبة الإثيوبية، ومن ثم إلى بحيرة تانا منبع النيل الأزرق، الذى يمد مصر بنسبه 85% من إيراد النيل المصرى، حيث فوجئنا الموسم الماضى 2015 بفيضان شحيح (21 مليار متر3 من المياه)، وفوجئنا الآن بموسم فيضان يمكن التنبؤ بأنه سيكون متوسطا إلى عال فى نهاية الموسم نوفمبر 2016".

وأكد النهرى أن اتساع عرض مجرى النهر بسبب الكتلة الخرسانية لجسم السد، أدى إلى حجز كميه قليلة من المياه بالنسبة إلى ما ورد لكل من مصر والسودان هذا العام، حيث قدرت تلك الكمية بـ325 مليون متر3، وهى تعادل أقل من ثلث مليار متر3، موضحا أن هذا طبيعى وأقل بكثير من المتوقع، حيث لم يصل السد إلى ارتفاعه المقرر بعد، وأن الجزء المتبقى من جسم السد لم يصل للارتفاع المقرر، ما أدى إلى مرور المياه المتدفقة من أعلاه.

وفى سياق متصل قال النهرى، "قمت بالصمت لفترة من الزمن وذلك بعد قيام البعض من المتربصين بالوطن باستغلال الحديث عن سد النهضة بغرض عمل بلبلة تهدد الأمن القومى، ولكنى خرجت عن صمتى لإيضاح الحقائق حيث لجأ البعض ممن يسمون أنفسهم خبراء إلى إبداء آراء بدون سند من الحقيقة، فمنهم من قال إن سد النهضة الأثيوبى قام بحجز المياه عن مصر، مما أدى إلى حرمان بعض الترع والمساقى من المياه وعلى غير الحقيقة".

وأضاف النهرى أن السبب الحقيقى لنقص المياه كان فى أوقات السدة الشتوية حيث إنها عادة ما تتم فى هذه الأوقات من كل عام مائى، وطبقا للاحتياجات الفعلية للمحاصيل من المياه "فترة أقل استهلاك مائى" وهى تحدث باستمرار منذ إنشاء السد العالى وتشغيله فى نهاية الستينات وأوائل السبعينات، بالإضافة إلى أن أقل الفيضانات التى شهدتها مصر كان العام الماضى 2015 حيث لم تتعدَ حصة مصر 21 مليار متر3 ولذلك قامت وزارة الرى بتقنيين استخدامات المياه للخروج بالموازنة المائية إلى بر الأمان.

وبالنسبة للموقف الحالى المائى لمصر، أكد النهرى أنه مطمئن جدا بالنسبة للإيراد المائى أمام السد العالى وبحيرة ناصر نظرا لاستمرار سقوط الأمطار بغزارة على الهضبة الأثيوبية، كما توضح صورة القمر الصناعى NOAA والخاص بالمناخ، حيث يتنبأ بسقوط أمطار لن تقل عن 20 مليار متر3 خلال الخمسة أيام القادمة، مشيرا إلى أن فترة التنبؤ تقاس كل 5 أيام وكل ربع ساعة على مدار اليوم بالإضافة إلى عدم قدره السدود السودانية وهى الروصيرس وسنار ومروى على الصمود أمام الفيضانات العالية هذا العام، بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من الولايات السودانية تتعرض لسيول جارفة وستمر المياه من خلال تلك السدود للنيل المصرى.

كما أكد النهرى، أن الموقف المائى لمصر مطمئن بسبب تعرض شرق السودان لفيضانات عاليه تأتى اليها من المرتفعات الاثيوبية والمرتفعات الاريترية والمرتفعات السودانية، مما أدى إلى فيضان نهرى الجاش وعطبرة وكذلك النيل الأزرق بالقرب من العاصمة الخرطوم مما يصب فى صالح النيل المصرى.

وعن موقف بحيرة ناصر والمخزون الاستراتيجى للمياه أوضح النهرى، أن مساحة بحيرة ناصر تقلصت من 5169.06 إلى 4619.51 قبل اكتمال الإيراد المائى نتيجة السحب الكبير خلال سنوات الجفاف السابقة، مؤكدا أنه سيتم تعويض جزء كبير من تلك المياه هذا العام حيث ورد إليها حتى منتصف أغسطس هذا العام ما يزيد عن 20 متر3 بارتفاع منسوبها 4 أمتار.

أما بالنسبة إلى مفيض ومنخفضات توشكى فأشار النهرى، إلى أنهما خاليان من المياه حتى الآن متابعا: "نهيب بالإخوة الذين يعلنون أن البحيرة قد امتلأت وفاضت عبر مفيض توشكى أن يكفوا عن ذلك الحديث غير الحقيقى بالمرة، لأن ذلك يدعو الغير إلى محاولة تخزين المياه بحجة أن مصر بها وفرة مائية جراء ذلك الفيضان، والذى لم يصل لمصر منه إلا أقل من ثلث ما يصل إليها فى سنوات الفيضان المتوسطة".

فى سياق متصل أكد النهرى، أنه من المبكر أن يتم إعلان عن مستوى الفيضان هذا العام هل هو متوسط أم عال إلا بعد انتهاء موسم الأمطار الغزيرة والتى تمثل أكثر من 70% خلال أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وحتى ديسمبر، متابعا أنه من المتوقع ألا يقل الإيراد المائى عن 60 مليار متر3 هذا العام.