صرخة الصمت الموجع

طارق الخولى
طارق الخولى

جرح «عمران» ومات «إيلان» فى وطن هدمته الحروب والطائفية وشرور العالم

 
«عمران» صرخة الصمت الموجع التى كشفت عورات العالم البغيض، الطفل السورى الذى أبكى العالم، ولم يبكِ فقد بدا شاردًا وهو جالس على كرسى سيارة الإسعاف ليصيبه الذهول عندما مسح وجهه ليختلط دماء وجهه البرىء بتراب يده من حطام منزلهم، فكيف تحمل قلبه الصغير الظلمات تحت الأنقاض، وفيما يا ترى كان يفكر، أعتقد أن ما شعر به ليس ببعيد عما كان يدور فى قلب وعقل «إيلان».
 
فقلبه الصغير كان يخفق بقوة حتى كاد أن يقتحم ضلوعه، فقد ذبلت ضحكته البريئة، فبراءته وهو ذو الخمسة أعوام لا يجوز أن تتحمل كل ذلك، فكل من حوله يصرخ بلا توقف، ومصدر طمأنته الوحيد أمه لم تتوقف عن النحيب والبكاء، وقد اعتصرته فى أحضانها خوفًا عليه من أصوات القصف فى أرض كان اسمها وطن، ودمار كان من قبل دولة ليصيب البيت قصف الطائرات، فيتخلل التراب كل مسامه وتتلاعب الأنقاض بجسده الملائكى، وهو لا يتوقف عن التساؤل من دون فهم ما الذى يحدث له ولماذا؟ حتى جاءته طاقة نور من رفع الركام وجذبه المسعفون لنرى صورته التى وجهت صفعة مدوية للعالم البغيض.
 
ومن قبل «عمران» كان الطفل «إيلان» الذى مات غرقًا مع شقيقه ووالدتهما، حيث كانوا على متن قارب فى البحر المتوسط بالقرب من السواحل التركية، فصورته وهو مسجى على رمال الشاطئ فى سباته العميق الهادئ، قد أسقطت ورقة التوت لتكشف عورات العالم، وقبح إنسانيته المزعومة، فكيف نحيا فى هذه الغابة البغيضة، وبأى ذنب قد جرح «عمران» وقتل «إيلان»، ففى النهاية قد ارتاح «إيلان»، وفاز برحلة سفر أبدية إلى عالم بالتأكيد أفضل مما نحن فيه، ليترك رفيقه «عمران» وكل ذوى الضمير معذبين، فبرغم تعودنا على مشاهد الدماء هنا وهناك فى منطقتنا، فإنه تأتى بين حين وآخر بعض الصدمات الكهربائية لتفض الجرح المُضض فنعتصر ألمًا، هذا حال أصحاب الضمير ممن استطاعوا أن يحتفظوا لأنفسهم ببصيص من الإنسانية، أما من ماتت ضمائرهم الذين جنوا على سوريا لبضع سنوات مريرة، فمازالوا فى فجرهم خائضين، فالشعب السورى بات الدواعش أمامه، ومؤامرات أصحاب الأجندات من خلفه، لتتحول سوريا إلى مسرح عمليات للاقتتال الطائفى، ومنصة انطلاق لإعادة تقسيم المنطقة.
 
ولم يكتفوا بذلك، فالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أعلنت أن أكثر من 12 مليون سورى بحاجة للمساعدة للبقاء على قيد الحياة، ورغم ذلك أخذ أراذل العالم والمنطقة فى المتاجرة بأوجاع اللاجئين لأغراض سياسية، وأكثر مثال صارخ يتجسد فى أردوغان فى مشاهد الحنو المزيفة التى يجسدها فى معسكرات النازحين على الحدود السورية التركية، فى الوقت الذى يقمع فيه شعبه بجانب اتخاذ بعض القوى الدولية معسكرات اللاجئين فى بعض الدول العربية ذريعة فى تحويلها إلى «مسمار جحا» لزيارتها من وفود أجنبية بدون «إحم ولا دستور»، وهو ما تنبهت له مصر باكرًا عند استقبال اللاجئين السوريين، ففتحت لهم أرض الوطن بالكامل ليوزعوا، ويندمجوا فى المجتمع المصرى، دونما التمركز فى منطقة محددة وهو ما فوت الفرصة على دول محور الشر.
 
فى النهاية، جرح «عمران» ومات «إيلان» فى هذه المشاهد المريرة، لأنهم فقدوا جيشهم الذى تفكك وتلاشت بيوتهم التى كانت يومًا ما رقمًا فى شارع، فى وطن هدمته الحروب والطائفية، وشرور العالم التى تحكمه القوة، ولا يعرف للرحمة سبيلًا.. لنحمد الله عز وجل على نعمة الوطن، وأن حمى مصرنا بجيشنا وحفظ أبناءنا ونساءنا من القتل والرق والسبى والشتات، وإن كان مرمى الخطر ليس ببعيد.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الداخلية تضبط 166 قطعة سلاح و 339 قضية مخدرات خلال 24 ساعة

الأهلى يدرس التراجع عن ضم ظهير أيمن.. والقرار النهائى لـ ريبيرو

منتخب مصر يتراجع مركزين فى تصنيف فيفا.. والأرجنتين بالصدارة

الداخلية تضبط 48 سائقا بتهمة تعاطى المخدرات على الطريق الإقليمي

الرياضيون يساندون إبراهيم سعيد فى أزمته.. قرب من ربنا وحل مشاكلك


تحركات حزبية مكثفة مع غلق باب الترشح لانتخابات الشيوخ.. تنسيقات واستعدادات ميدانية ووضع اللمسات الأخيرة على الخطط الدعائية.. الجبهة الوطنية: اختيار المرشحين وفق معايير النزاهة والكفاءة والعمل لصالح المواطن

ضربة قاسية.. ملحمة باريس والريال بمونديال الأندية حديث صحف إسبانيا

الأدلة الجنائية ترفع الآثار والأدلة من سنترال رمسيس لبيان سبب الحريق

بلقطات حب ورومانسية.. زوج أسماء أبو اليزيد يحتفل بعيد ميلادها

محمد هنيدى وشيكو وإدوارد ينعون سامح عبد العزيز: ربنا يصبرنا على فراقك


الأهلي يستقر على تمديد عقد إمام عاشور حتى 2029 وضمّه إلى فئة "السوبر ستارز"

سامح عبد العزيز.. رحيل صادم وتاريخ مشرف فى السينما والدراما

لورانس العرب عمر الشريف.. كاريزما وأداء وتاريخ سينمائى فى ذكرى وفاته

طلاب الثانوية العامة يودعون امتحانات العام الدراسى 2025.. بدء اختبار الأحياء والرياضيات والإحصاء.. وزارة التعليم تتابع دخول الطلاب اللجان ووصول الأسئلة وتوجه بالتصدى للغش.. وأولياء الأمور يدعمون أبنائهم بالدعاء

فتح باب التقدم للالتحاق بمدارس المتفوقين وهذه شروط وموعد امتحان القبول

الأهلي يرفض مُبالغة الأندية الأخرى في طلباتها لبيع لاعبيها خلال ميركاتو الصيف

وفاة المخرج سامح عبد العزيز بعد تعرضه لوعكة صحية والجنازة من مسجد الشرطة

محمد عواد يرحل بنفس سبب وفاة أحمد عامر.. أزمة قلبية مفاجئة

جمهور المطرب محمد عواد يتداولون صورة نادرة له فى الحرم ويطالبون بالدعاء له

وفاة المطرب الشعبي محمد عواد.. وأمينة والعيسوي ينعيانه بكلمات مؤثرة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى