رواية "خير الله الجبل" تؤكد: ظهور البلطجية وأطفال الشوارع نتيجة غياب الدولة

غلاف الرواية
غلاف الرواية
كتب محمد غنيم

تغرقك روايات نجيب محفوظ بواقعيتها، فتغوص فى عبقرية المكان بجدارة باللغة، حتى تتكئ على الشاطى، تستمتع بما كتبه شيخ الحكائين خيرى شلبى عن المهمشين، وبين جيل وأجيال تظهر رواية خير الله الجبل لعلاء فرغلى، الصادرة عن دار العين، لتجمع بين عبق الزمان وعبقرية المكان، وتجسد حياة المهمشين من سكان العشوائيات.

جغرافية المكان فى الرواية سمة رئيسية للسرد، تجعلك تتشبث بأركانه، وكأنه المكان الأم دون النظر إلى حياة المدينة أو الريف، كأنك تعيش فى دولة متكاملة من المهمشين، سكان خير الله الجبل شخوص تعيش وتتعايش معهم عبر الكلمات، وكأنك تشاهد تفاصيل التفاصيل اليومية لحياة فئة مهمة من المجتمع المصرى، فتستنشق عبقرية المكان من أحجار الجبل ورمال الطرقات والعقارب والثعابين التى تسكن الشقوق، مرورا  باسطبل عنتر "جبخانة محمد على" التى بناها لتكون مستودعا للأسلحة والذخيرة حتى تصل تل الطواحين الذى أقيم فى عصر الدولة الفاطمية كمخازن للغلال، إلى أن استخدمت حجارتها فى بناء بيوت السكان الجدد حتى أوصلوها إلى مبانى متطورة.

 أما عن عبق الزمان فتجد الراوى متعدد الأزمنة فى الحكى للحدث الواحد، مستخدما نظرية التقديم والتأخير، كأحد فنون الكتابة، فالقفزات الزمنية الرشيقة تجعل القارئ يتلمس الأحداث، وكأنه من سكان المكان مشدوه الانتباه ممسكا بيد الراوى الذى يجبرة إلى الغوص فى قاع المجتمع العشوائى  بعاداته وتقاليده وسلبياته وإيجابياته، إن وجدت، مرورا بالتحولات الاجتماعية إلى أن يكتسب النضج الاجتماعى فى آخر سطور الرواية، مستمتعا  بسلاسة السرد وتعدد الأصوات والتداخلات الحوارية.

تقرأ وكأنك تعيش مع الأشخاص الذين يلفظهم رحم المدينة فيهرولون إلى المناطق العشوائية خشية من الظروف القاسية، منهم أناس متصالحون مع المدينة لا ينقصهم السكن وإنما لقمة العيش أو المشاركة فى تأسيس منطقة بكر حتى وإن كانت عشوائية كباب من أبواب زيادة الرزق، ومنهم من يريد أن يسكن فى القاهرة دون التكلفة الباهظة، كما فعل صف الضابط المتقاعد.

تدور الأحداث حول شخصية محورية وإن كانت الرواية بها العديد من الأبطال إلا أن "صالحين" تستحق دور البطولة بجدارة أخذت بأخواتها كقطة تحمل أبناءها بين فكيها خشية من الموت السحيق إلى جبل خير الله، بعد أن تكوم منزلهم المتهالك وسقطت أمها شهيدة الفقر تحت أنقاضه، تحتضن "صالحين" أخواتها فتكتشف خبايا المكان، وتتكون ملامحه الجغرافية من حوارى وشوارع شاهدة على عصر حديث من البلطجة فى التعمير، حيث يقوم "المعلم الضبع" ببيع مالا يملكه من أرضى، فهو يستقبل المطاردين والخارجين على القانون والبلطجية، إضافة على الفقراء المعدومين اللذين يبحثون عن حياة شبه آدمية فى بوتقة عشوائية سرعان ما تحولت إلى حى شعبى بلا ضوابط حتى قسمته الحكومة عنوة بالكوبرى الدائرى، كما تقسم الأنف الحواجب.

 تفرض عليك الرواية أسئلة عند الانتهاء من قراءتها، قد تجبرك على إيجاد حلول لها حتى وإن لزم تفكير عميق فى دور الحكومة الغافلة عن تكوين العشوائيات فى مصر وما الأسباب الرئيسية لهجرة المعدومين لمثل هذه الأماكن، وكيف تطورت العشوائيات حتى احتضنت البلطجية والمطاردين والخارجين عن القانون وكيف أقامو دولتهم داخل الدولة.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الداخلية تضبط تيك توكر تحرض على الفسق وبحوزتها كمية من مخدر الآيس بالهرم

تشكيل برشلونة المتوقع أمام ليفانتي في الجولة الثانية من الليجا

وزير الإسكان ومحافظ مطروح يختتمان جولتهما بتفقد مشروع توسعات محطة مرسى مطروح

"العش بديلا".. ثنائية بيكهام وداري تقود دفاع الأهلى أمام غزل المحلة

محمد صلاح ضمن أفضل هدافى القرن الحادى والعشرين عالميًا.. ميسي يتصدر


ارتفاع معدلات الإشغالات الفندقية فى البحر الأحمر.. السياحة المحلية والدولية تسجل أرقامًا مرتفعة خلال صيف 2025.. ومصر تحتل المركز الخامس عالميًا خلال النصف الأول من العام الحالي بالنسبة للسياح الروس.. صور

سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

سقوط أوراق التين رواية تبحث عن مواجهة الشر.. مينا عادل جيد: لا أخشى الموضوعات الشائكة.. وطيف "دون كيخوته" ملمح أساسي في أعمالي.. صغت لغة أقرب للترجمات عن القبطيّة للعربية.. وفكرتي هي خلق النظام في وجه الفوضى

التشكيل المتوقع لمواجهة النصر والأهلي في نهائي كأس السوبر السعودي

العثور على جثة شاب ملقاة بجوار أحد المصانع فى المنطقة الصناعية بالفيوم


الأهلي يستعد لعقد "جمعية خاصة" 12 سبتمبر وإجراء الانتخابات في أكتوبر

صفقة إيزاك إلى ليفربول تعجل برحيل 4 لاعبين من الريدز

ورم في رقبتها وصعوبة بالنطق.. عجز المنظومة الصحية بغزة يهدد حياة الطفلة جوليا

دوا ليبا تتحدث عن حبيبها: أنا أكثر سعادة من أي وقت مضى.. والحب يستحق المجازفة

ورش تدريبية للميسرات العاملات بمركزي استقبال أطفال العاملين بوزارتي التضامن والعدل

طائرة خاصة لمنتخب مصر للسفر 7 سبتمبر لمواجهة بوركينا في تصفيات المونديال

ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا

مواعيد مباريات اليوم.. مان سيتي أمام توتنهام وليفانتى مع برشلونة

"يونيسيف" تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة

طلاب الثانوية العامة دور ثان يؤدون امتحان الأحياء والإحصاء والرياضيات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى