أنا وأنت و«افتكار الميتين فى العيد»

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
«وقلبى.. ساقية حزن سيالة، باغنى.. ما اعرف مغنى ولا عديد، زى افتكار الميتين فى العيد»، هكذا كان يرى الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى التناقض الظاهر فى الإنسان، فهو فرحان وحزين فى الوقت نفسه، وهكذا أتذكر أنا العيد قديما.
 
نقاوم النعاس بالحكايات وأحلام اليقظة فـ«ليلة العيد» فى بدايتها، وقد انتهينا منذ قليل من «عد» قروشنا القليلة ربما للمرة المائة، نعرف ما الذى سنفعله بكل ربع جنيه، يقوم أحدنا ليغسل وجهه للمرة الثالثة خلال نصف ساعة ويعود بعينين متورمتين من السهر، نخشى أن يأخذنا حمار النوم لبلاده البعيدة، فنعود متأخرين، لكن المقاومة تنهار فجأة فنسقط نائمين حتى توقظنا الملائكة، بينما قرآن الفجر يرسل نفحاته الأولى إلينا.
 
عندما يقول المؤذن «الله أكبر» نكون فى طريقنا للجبانات، لصباحات العيد فى الصعيد «نسمات» مختلفة عن أى يوم آخر، نفكر هل سنلتقى فى المقابر بمن يزيد عيديتنا ربع جنيه آخر، وعندما نصل قبل شروق الشمس بكثير يكون الناس جميعا قد سبقونا إلى هناك، فنمرر أيدينا الصغيرة على قبور أحبابنا الراحلين ونقرأ الفاتحة ونأكل البرتقال.
 
عندما أقول لأحدهم إن العيد لا بد أن يبدأ بزيارة الطيبين الراحلين ينظر لى كأننى ارتكبت إثما عظيما ويسألنى كيف يبدأ الفرح بالحزن؟ فى الحقيقة رغم أن الجبانات تكون ممتلئة بالبكاء والنحيب والصراخ لكن نحن الصبية الصغار لم يكن الحزن مسيطرا علينا بشكل كبير، على العكس كانت رؤية الراحلين مبهجة، والشعور بعدم التقصير مريحا، وهناك كنا نلتقى عماتنا وأعمامنا وبنات جميلات يبدأن يومهن الجميل من نهاية العالم.
 
أصبحت هذه الأشياء التى أقولها الآن مجرد ذكريات أكلها الزمن، فى وقتنا الراهن يستيقظ الطفل صباح العيد ليجلس أمام التليفزيون ولا يتحرك من أمامه إلا للعب أو لإنفاق كل ما فى جيبه من نقود مرة واحدة، لكن أن تحدثه عن موتى وأجداد لهم حق فلن تجد منه قبولا أو إدراكا لما كنت تفعله أنت فتصمت متمنيا أن يفهم ذات يوم.
 
اختلفت الثقافات حتى فى المكان الواحد، لا أقصد أنها تطورت، لكن ما أقصده أنها اختلفت لدرجة التناقض، وأنا لا أدين الآخرين، لكن أريد أن أخبرهم بأن التواصل مع الموتى وزيارتهم سيجعلك ثابتا فى حياتك قابضا على انتمائك لقيمك وأرضك، ستعرف أن جذورك ممتدة للبعيد فى هذه الأرض، فقبور القدامى تحكى تاريخهم وتعرفك من أنت وتفتح باب الخيال داخلك، لكنه خيال يختلف عما نشاهده فى التليفزيون لكونك مشاركا فيها، فهى حلقة طويلة وصلت إليك لكنك أصبحت عاجزا على نقلها لمستقبلك. 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حسام حبيب: شيرين عبد الوهاب بخير ومرورها بوعكة صحية كذب

دنيا عبد العزيز ومنير مكرم وياسر صادق يشاركون فى عزاء الدكتور يحيى عزمى

هل تتعرض البلاد لموجة شديدة الحرارة خلال الأيام المقبلة؟

مكتب التنسيق: إتاحة الفرصة للطالبة عائشة أحمد بإعادة ترتيب الرغبات مرة أخرى

ليفانتي ضد برشلونة.. رباعي هجومي للبارسا في الدوري الإسباني


البرازيلى خوان ألفينا لاعب الزمالك وزوجته فى زيارة للأهرامات.. صور

القطار السريع يحقق المعادلة الصعبة.. ساعتان من العين السخنة للإسكندرية بسرعة 250 كم وتجربة استثنائية للسفر.. وعربات بطابقين في القطار الإقليمي لأول مرة في البلاد.. وجرار البضائع يصل مصر قريبا.. صور

الداخلية تضبط متهما زعم صلته بتجار مخدرات وآثار واستعداده لتقديم معلومات عنهم

بعد إعلان رؤية هلال ربيع الأول.. تعرف على موعد المولد النبوى الشريف 1447

أرسنال يدك ليدز بثنائية تيمبر وساكا فى شوط مثير بالدورى الإنجليزى.. فيديو


صاحبة دعوى تعويض ضد الزمالك: تلقيت 1000 مكالمة سب وتنمر عقب نشر إعلان الدباغ

محمد صلاح ضمن أفضل هدافى القرن الحادى والعشرين عالميًا.. ميسي يتصدر

سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

الأهلي يستعرض مهارة زيزو بـ"الكعب" قبل مواجهة غزل المحلة.. فيديو

بعد المغرب.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا

جينيفر لوبيز تستمتع بحياتها بعد الطلاق وتعلن انتهاء رحلتها مع الزواج

صفقة إيزاك إلى ليفربول تعجل برحيل 4 لاعبين من الريدز

سباق الحذاء الذهبي في أوروبا يشتعل مبكرا.. هاري كين يدشن موسمه مع بايرن ميونخ بهاتريك تاريخي.. جواو بيدرو يتألق مع تشيلسي.. أمم أفريقيا 2025 تهدد حلم محمد صلاح.. ومبابي وهالاند يستعدان للانقضاض على الجائزة

شيرين عبد الوهاب: ياسر قنطوش لا يمثلنى قانونيا ولدى الخبرة الكافية لاتخاذ قرارتى

العراق: مقتل مجموعة إرهابية بضربة جوية في محافظة صلاح الدين

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى