"الندم"

الأنبا إرميا
الأنبا إرميا
الأنبا إرميا

"تسلل إلى حجرته وأغلق بابها. ثم ارتمى على أقرب كرسى التقاه. لم يكُن يدرى ماذا يمكنه أن يفعل، فقد استبدت به مشاعر الحيرة ! كانت المواقف تمر أمام عينيه، وأصداؤها تتردد داخل عقله، محْدثة دَوِيًّا وجَلَبة شديدة. لم يكُن يهتم بكل تلك العواصف التى تجتاحه اجتياحًا. لم يكُن يهتم بشيء سوى تلك المشاعر التى كانت تسيطر على ذاته كما يسيطر النَّوء على السفينة فيُمِيلها حيث يشاء. تنهد، وقال: يا ليتنى ما فعلت ذٰلك! كيف لم أدرك.. كيف لم أُدرك؟ وفرَّت دمعات من عينيه دون إرادته! ومر قطار العمر يحمل ما تبقى له من ذكريات !".

 

تجتاز بعابرى طريق الحياة كثير من المشاعر التى تقدم لهم السعادة، أو تنطوى على آلام. إلا أن أصعب تلك المشاعر وأعمقها وأشدها تأثيرًا هى مشاعر "الندم". وقد قيل عن الندم أنه: "العقل الذى يحضَُر متأخرًا". وتعتصر مشاعر الندم الإنسان بشدة وقسوة، وتنزِع منه السعادة والفرح إذا ما تملكت على حياته؛ فكما يقولون: " أقسى ما يمر بنا أن نفهم الأشياء فى موقت متأخر جدًا!". وتعتمل فى الإنسان تلك المشاعر عندما يشعر بأنه أخطأ التصرف فى موضوع ما، وتزداد حدة الندم كلما ازدادت أهمية ذٰلك الموضوع لديه. والإفراط فى تلك المشاعر يمكنه أن يحطم حياة الإنسان ويقضى عليها. ولٰكننا نقف أمام تساؤل: أهناك ندم جيد أو مرغوب ؟

 

نعم، إن الندم الذى يمر بحياة إنسان بسبب ما ارتكب من خطايا وذُنوب هو خير حين يقود إلى التوبة وطلب مراحم الله، وحين يكون دافعًا له لتغيير اتجاهه. ومع التوبة، تُفتح أبواب الرجاء للإنسان فتُنتزع منه كل مشاعر إحباط ويأس وندم، إذ يبدأ خُطواته نحو الطريق المؤدية إلى الحياة. أيضًا الندم الذى يجعل الإنسان يتراجع عن مواقف وسُلوكيات غير حكيمة وبعيدة عن الخير هى مشاعر جيدة، مثل أن يكتشف الإنسان خطأً ارتكبه فى حكمه على آخرين فيندم، ولٰكنه لا يتوقف عند مشاعر الندم ويجعلها تدمر حياته، بل يتخذ المواقف والقرارات المناسبة لتعديل خطئه. وهنا أتذكر قصة لشخص دُعى "بطرس" العشار إذ عُرف بمحبته الشديدة للمال وقساوته الشديدة وعدم رحمته، حتى إن المحتاجين كانوا يبتعدون عن طريقه! وفى ذات يوم، التقاه أحد الفقراء وطلب إليه أن يمنحه شيئًا، فانتهره "بطرس" وحاول طرده!! ولٰكن الرجل لم يتركه وأخذ يُلح عليه بشدة أن يحنو عليه بشىء!! ومع ذٰلك الإصرار، أخذ "بطرس" كِسرة من خبز حمله إليه غلامه، وضربه بها على رأس الفقير على سبيل الإهانة لا الرحمة!!! أخذ الرجل كِسرة الخبز فرِحًا منطلقًا بعيدًا. ولٰكن لم يمر الليل هادئًا مثل كل ليلة، بل... بل للحديث بقية...!

الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تصفيات كأس العالم.. قرعة الملحق تضع السعودية فى مواجهة العراق وإندونيسيا

ابنة مدير FBI الأسبق.. إقالة مدعية قضية جيفرى أبستين من وزارة العدل الأمريكية

إمام عاشور ينشر صورته مع زيزو من داخل صالة الجيم بالأهلى

سفير الصين بالقاهرة: اتفاقيات التعاون مع مصر مثال مضىء للشراكة الفاعلة مع دول الجنوب

الأهلي يواجه الملعب والبنزرتي في معسكر الإعداد بتونس


نيمار يكتب التاريخ بهدف خيالى فى مباراة سانتوس وفلامينجو.. فيديو

الطقس اليوم الخميس 17-7-2025.. ارتفاع بدرجات الحرارة وأمطار أقصى الجنوب

الانسحاب الكارثى للغرب من أفغانستان يعود للصدارة.. انتقادات لبريطانيا بعد تعريض آلاف الأفغان للخطر نتيجة اختراق أمنى.. وجارديان: لندن فشلت فى حماية حقوق المرأة وبناء الديمقراطية والتسريبات خذلان جديد

الزمالك يُنهي اتفاقه مع أحمد عيد ويتبقى موافقة المصري

بشرى لخريجى الدبلومات 2025.. قبول الحاصلين على 75% فأكثر فى عددٍ من الكليات


احجز الآن بإعلان "سكن لكل المصريين 7".. وهذه الشروط والمواعيد والمدن PDF

الآن.. سجل بياناتك للحصول على نتيجة الثانوية العامة 2025

الزمالك يحسم صفقة الجناح المغربي عبد الحميد معالى مقابل 500 ألف دولار

أخبار × 24 ساعة.. اقتراب انتهاء التصحيح الإلكترونى لإعلان نتيجة الثانوية العامة 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى