نموت نموت ويحيا «الوهن»

وائل السمرى
وائل السمرى
بقلم-- وائل السمرى
حينما كنا صغار، كنا نسأل آباءنا عن مقدار حبهم لنا، فيقولون: «قد الدنيا وقد البحر»، ثم يعودون ويسألون عن مقدار حبنا لهم فنقول: «قد الدنيا وقد البحر»، ومن هنا نما لأعيننا يقين بأن الدنيا كبيرة واسعة وأن البحر هو تمام الاتساع، وحينما كبرنا قليلاً اكتشفنا أن الدنيا ضيقة وأن أجواءها خانقة، وأن الحياة فيها تأتى دوماً بما لا تشتهى الأنفس، لكن البحر ظل «البحر» واسعاً شاسعاً رحباً وفسيحاً، لكن للأسف- ويا لكثرة الأسف- لم يبقَ البحر على حاله، وصار هو الآخر مثل الدنيا الضيقة، لا يرحم المستضعفين، ولا يربت على كتف لاجئ، صرنا نموت فى البر، كما نموت فى البحر، نموت نموت ويحيا الوهن، هنَّا على الدنيا فهانت علينا الدنيا، وليست مركب رشيد الغارقة فى عرض البحر سوى صورة مكثفة لما نمر به يومياً من مآسٍ وصعاب، وليس فى قسوة البحر وجبروته على الفارين من جحيم الهواء الفاسد من جديد على من صار الفساد فيهم خلقة وفطرة.
 
ترى هل نستطيع أن نكذب مرتاحين، ونقول لأبنائنا إننا نحبهم «قد البحر» بعد أن ضاق البحر على المصريين وابتلع شقاءهم وأحلامهم؟ ترى هل نعزى أهالى الضحايا أم نعزى وطن الضحايا، أم نتقبل العزاء فى وطن كان مهبطاً للأنبياء فصار قبراً للأبناء؟ ترى هل تجدى المناقشات والتحليلات والتحقيقات وتبادل الآراء ووجهات النظر بعد أن صار لكل منا خنجراً يمده فى صدر أخيه دون وخز من ضمير أو مراجعة من عقل؟ ترى هل يستطيع هذا الوطن أن يحلم بخروج آمن من نفق الموت فى حين أن كل أزمة يتعرض إليها تتحول من مناسبة للتلاحم واختبار للـ «المعدن الأصيل» إلى ساحة رماية لا يتورع فيها أحد بأن يلقى الآخر بكل ما لديه من زخائر التخوين والتحقير والتشكيك والرمى بالباطل؟
 
نموت نموت ويحيا الوهن ليضرب فى كل شىء، فيموت كل شىء، وهن فى العيون، وهن فى الأبصار، وهن فى الحلم، وهن فى الدولة ومؤسساتها، وهن فى الأمل، وهن فى العزيمة، وهن فى الحاضر، وهن فى الآتى، وهن فى الضمائر، وهن فى الثقة، ضربنا الوهن فصرنا ضعافاً، ولم تعد أرض الله واسعة لنهاجر فيها، ولم يعد البحر واسعاً ليفرش لأحلامنا بساطاً بزرقته الشاسعة، إذ تضاءل كل شىء ولم يتسع إلا الضيق.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محاولات أهلاوية لإعارة محمد ياسر في الدوري المحلي ..اعرف التفاصيل

محمد صلاح يتفوق على يامال وفينيسيوس في سباق أفضل أجنحة العالم

قمة إفريقية أمريكية مصغرة.. ترامب يستضيف قادة 5 دول أفارقة فى البيت الأبيض.. واهتمام متزايد لواشنطن بمنطقة الساحل الإفريقى.. وقانون النمو والفرص مطروح للنقاش.. والأولويات هى الحد من التطرف والهجرة غير الشرعية

سجل سلبي يطارد مبابي أمام باريس سان جيرمان قبل موقعة مونديال الأندية

بعد ملاحقة إبراهيم سعيد للحجز على ممتلكاته.. اعرف المستندات اللازمة للدعوى؟


التشكيل المتوقع لموقعة بى إس جى ضد الريال فى نصف نهائى كأس العالم للأندية

إنريكى: يجب أن نكون فى أفضل حالاتنا ضد الريال.. ومبابى أصبح من الماضى

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

محمد صلاح ضمن نجوم تستحق المتابعة في أوروبا قبل إنطلاق الدوري الإنجليزي

ماريسكا: التأهل لنهائى مونديال الأندية إنجاز كبير.. وهدفنا التتويج باللقب


تفاصيل اتفاق الزمالك مع شيكو بانزا لاعب امادورا البرتغالى

للأزواج.. إجراء بمحكمة الأسرة لو زوجتك طالبتك بنفقات غير مستحقة

اختبارات القدرات 2025 تبدأ السبت.. هل يمكن استرداد الرسوم حالة الرسوب؟

الجبهة الوطنية: القائمة الوطنية تضم كوادر وكفاءات تثرى مجلس الشيوخ القادم

تعرف على موعد انطلاق استعدادات الأهلي للموسم الجديد ومعسكر تونس

أخبار × 24 ساعة.. الإسكان: طرح كراسات شروط حجز 113 ألف شقة 15 يوليو

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

السجن 10 سنوات لـ7 متهمين بدفن شاب حيا داخل ماسورة مياه فى المحلة

حفل فضل شاكر..حقيقة أم وهم؟

قائمة الأجانب تهدد مفاوضات الأهلى لتدعيم الدفاع والهجوم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى