خالد زهير يكتب: التوهان فى الماضى

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بين نسيان الماضى ومعرفته يقبع هذا التوهان. هذه هى اختيارات التعامل مع الماضى أيا ما كان: التوهان - معرفته أو نسيانه.

نجد فى ماضينا الحل النفسى الأمثل الذى يساعدنا على الاستمرار فى الحياة. وبالتالى فالماضى يجب أن يكون إما جميلا بشكل مبالغ فيه لنَحِن إليه كمنبع دائم للحلم والأمل أو أنه فى غاية السوء فيكون علتنا لما نحن عليه فيغسل فينا ويرفع عنا الإحساس بالإثم أو التقصير. ولحاجتنا للأمل ولتبرئة أنفسنا أى شبهة تقصير فنحن نقسم الماضى جزاءان لكل حاجة. ولا يشترط أن نقسمه كلنا بنفس الشكل فكل منا يقسم الماضى كما يريد. فما أراه جميلا تراه سبب كل مشاكلنا والعكس المهم أن يجد كل منا دواءه من الماضى ليريحه فى الحاضر والمستقبل.

هذا هو التوهان فى الماضى وهو بلا شك أفضل وصف لحالنا وبالأصح فهو اختيارنا. وهناك خياران آخران معرفة الماضى أو نسيانه. وقبل أن أدخل فى الخياران الآخران أود أن أنوه أن وصفى لخيار التوهان غير مكتمل ولا يظهر الجانب الإيجابى منه. وبالتالى فإنى أتفهم هذا الاختيار ولا أنبذه أو أُحَقِّره وبالتالى لا أحذر ولا أنذر أننا إذا ظللنا على هذه الخيار فستحل علينا اللعنة وسيحدث ما لا يحمد عقباه (وهذا ما كتبته فى مقالين سابقين: 1 2). وهذا لا يمنع تفضيلى للخيارين الآخرين.

طبقا لما تعلمناه فمعرفة الماضى مطلوبة بل ضرورية. فمن لا ماضى له لا مستقبل له (لا أعرف من قالها ولا أعتقد أنها مقولة صحيحة). ولكن طبقا لهذه النظرية فإننا لا ندرس الماضى للتسالى أو للحكم عليه بل ندرسه أساسا للاستفادة من تجاربه.

بالتالى فعلينا دراسته بموضعية (ولا أقول بحيادية). ولا مانع أبدا أن ننحاز لأنفسنا أو ننحاز عليها كمُسَكن أو لاكتساب ثقة أكبر فى مجتمعنا على ألا تخل بالدراسة الموضوعية. مثلها مثل شرب الخمر أو تعاطى المخدرات. خطرها يكمن فى الانسياق والتمادى ولكنها لا تشكل خطرا إذا استخدمت أحيانا بحيث لا تؤدى لإدمان أو لفقدان تام للوعى أو طبعا للوفاة بسبب الجرعة الزائدة (فقليل منه يصلح المعدة).

ولأننا نعيش فى التوهان (إدمان) فلا أعتقد أن دراسة الماضى بموضعية ستحقق الغرض منها. فلن نقرأ منها سوى سطور التوهان تماما كالمدمن حين يتعاطى أنواعا من الأدوية التى تحتوى على نسبة قليلة من المواد المخدرة ولا يرى المدمن فيها سوى تلك المواد.

إذاً وجب فى المرحلة الأولى التكلم عن الماضى بحيادية تامة. والانحياز أن وجد يكون علينا أكثر ما يكون لنا. وهذا بعض ما أنوى الكتابة عنه: ماضينا بحيادية.

أما الخيار الثالث، نسيان الماضى فهو اختيارى المفضل. فدراسة ماضينا لا تفيد إطلاقا لمعرفة المستقبل أو معرفة كيفية التعامل معه. وهذا يختلف تماما عن دراسة ماضى الإنسانية عموما. نستطيع ببساطة أن نأخذ كل التجارب لكل الأمم لاستخلاص كل الدروس والعبر كما يستطيع غيرنا أن يستفيد من تجاربنا. فقبل التقاء الحضارات كان على كل حضارة أن تستنتج دروسها منفصلة عن الحضارات الآخرى. وتطور الأمر بعد ظهور الطباعة والترجمة (الخ) فأمكننا أن نستفيد من تجارب الآخرين.

أما اليوم مع التغيرات المتلاحقة وثورة الاتصالات فالتكنولوجيا هى العامل الأساسى فى تحديد المستقبل. فدراسة التاريخ وخصوصا تاريخ أمتنا ليس مهم أو ضرورى خصوصا حين نتكلم عن تحلية مياه البحر أو الطاقة المتجددة أو مكينة الزراعة ما إلى ذلك وتأثيرها على كل مناحى وقيم الحياة.

وهذا صحيح بالنسبة لكل الأوطان. فلا أعرف ما الذى يستفيده الفرنسى من دراسة نابليون. إذا كانت لاستخلاص الدروس فهذا ليس حكرا على الفرنسيين. وإذا كانت لإعطاء دفعة نفسية للفرنسيين لكى يشعروا بأنهم أعلى من الآخرين أو أنهم ليسوا أقل منهم فالتكنولوجيا اليوم غيرت تماما النعرة الوطنية المتعالية من كونها قيمة حميدة ومثار للافتخار لكونها سبة أو شبه جريمة أسمها العنصرية!

ما أريد أن أصل إليه هو أنه من الأفضل لنا أن نتطلع للمستقبل وألا نبقى أسرى لماضينا. وأحاول دائما أن أكتب عن المستقبل لأهميته وأكتب أحيانا أخرى عن الماضى ليس لأهميته ولكن لأساهم فى كسر الأصنام البالية التى صنعها الإنسان والتى لم تعد مفيدة.

 

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

القوة المقدسة.. رجال دين يلعبون دورا هاما فى سياسة غانا.. الدين والسياسة يتشابكان بشكل عميق فى الدولة الإفريقية.. قساوسة يتمتعون بنفوذ أخلاقى كبير على المواطنين.. وتأثير كبير على الناخبين وصناع السياسات والقادة

الأهلي يكسر لعنة كأس العالم للأندية ويعزز صدارة الأكثر تتويجًا

كل ما تريد معرفته عن الموسم الثانى من مسلسل The Gentlemen لـ جاى ريتشى

البيت الأبيض: نأمل أن تنخرط موسكو وكييف في مفاوضات مباشرة الأسبوع المقبل

للصائمين.. موعد أذان المغرب اليوم الجمعة 30 مايو ثالث أيام ذى الحجة


اتحاد جدة يواجه القادسية فى نهائي كأس خادم الحرمين الليلة

معلومات لا تفوتك عن ملاعب كأس العالم للأندية 2025 .. صور

حدائق سوهاج تتزين لاستقبال المواطنين خلال عيد الأضحى 2025.. مساحات خضراء تنشر البهجة وتعيد للعائلات متعة التنزه فى أجواء احتفالية.. وفتح 11 حديقة جديدة مجانًا للجمهور.. وجزيرة الزهور تتلألأ فى ليالى العيد.. صور

خططت للجريمة وسرقت محل عملها.. خادمة الشروق خلف القضبان

تحذير هام من معهد التغذية: لا تشترِ هذه اللحوم فى عيد الأضحى المبارك


محمد منير .. "دموعك غالية علينا" الجمهور يتفاعل مع فيديو بكى فيه الكينج

بيراميدز يبحث عن الانتصار الأول على صن داونز في ليلة التتويج القاري

موعد مباراة بيراميدز وصن داونز فى إياب نهائى دوري أبطال أفريقيا

مصطفى منصور وهايدى رفعت فى جلسة تصوير رومانسية احتفالا بخطبتهما

كأس العالم للأندية عن رباعية وسام أبو علي في فاركو: ساهمت في فوز الأهلي بالدوري 45

رئيس الوزراء يتفقد عددا من المشروعات الجارى تنفيذها بحدائق العاصمة

صندوق التمويل العقارى: بدء إرسال رسائل نصية بأولوية التقدم لـ سكن لكل المصريين 5

الداخلية تضبط مالكى شركة "بدون ترخيص" بالقاهرة

إصابة 11 شخصا فى حادث تصادم بالشرقية

الحكومة الإسرائيلية توافق على مقترح ويتكوف بشأن وقف إطلاق النار بقطاع غزة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى