"حُلم تائب"

الأنبا إرميا
الأنبا إرميا
الأنبا إرميا
بدأنا الحديث فى المقالة السابقة عن مشاعر الألم التى تمر بالإنسان، وتطرقنا إلى مشاعر الندم المرغوب الذى يقود الإنسان إلى التوبة ، ثم تغيير مسار الحياة نحو الخير والصلاح. وبدأنا قصة "بطرس" الذى تغلغلت محبة المال فى قلبه فجعلت منه رجلاً قاسيًا لا يعرِف الرحمة، وذٰلك الفقير الذى طلب إليه أن ينفحه شيئًا مما رزقه الله، ولم تفلح محاولات "بطرس" فى إبعاد هٰذا المسكين عنه، ليضربه بكِسرة خبز! فيأخذ الرجل تلك كسرة الخبز وينطلق فرِحًا!
 
لم يمر الليل هادئًا مثل الليالى المنقضية من حياة "بطرس"، بل رأى فى نومه كأنه فى اليوم الأخير، وهناك ميزان: كفته اليسرى فى أيدى جماعة قبيحة المنظر تُلقى بأعماله الشريرة القاسية فيها، والكفة اليمنى فى أيدى جماعة جميلة من النور تقف فى حَيرة من أمرها لا تعرف ما يمكن أن تضعه فيها! وبعد مدة من البحث، وجدت كِسرة الخبز التى ضُرب بها رأس الفقير، فوضعتها فى الكفة اليمنى. انتفض "بطرس" من حُلمه، وهو قلق حزين يملؤه الندم على ما صدر منه من قساوة. وقرر أن يُصْلح من حياته، ويعيش بقية أيام حياته فى فعل الخير. وبالفعل تغير قلبه : فبدل القسوة ملأت المحبة قلبه ، وصار يهتم بالمحتاجين يساعدهم ويسنُدهم، ويترفق بالجميع، ثم أخذ يوزرع ماله على كل محتاج، بل وصل الأمر به أن باع نفسه عبدًا لدى أحد الأثرياء الرومان ووزع مال عُبوديته على الفقراء!
 
عاش "بطرس" عبدًا، نعم، لٰكنه أصبح يحمل قلبًا حُرًّا، ذهبيًّا، متسعًا للجميع، مشاركًا الجميع أتعابهم وأحمالهم. وشعر سيده أنه ليس بعبد، فحياته كانت تشع سلامًا وفرحًا حتى كان له أثر طيب فى نفس كل من قابله!! وظل هٰكذا حتى جاء أحد أثرياء بلدته لزيارة سيده وعرَفه فأعلن قصته، وكيف أنه باع نفسه من أجل الفقراء. شعر "بطرس" أن المجد والكرامة سيلاحقانه، وإذ كان ينتظر مكافأته من الله فقط، هرب واختفى فى الصحراء مع الرهبان، حيث أصبح راهبًا ناسكًا يحب ويخدُم أخوته الرهبان، فنال محبتهم وصار مثالاً لهم فى أعمال الخير والصلاح، حتى انتقل من هٰذا العالم إلى الحياة الأبدية. لقد قاد الندم إلى التوبة، والتوبة إلى تغيير الفكر والسلوك لتتغير الحياة كلها. إن مثل ذٰلك الندم يساعد الإنسان على تخطى سلبيات الحياة. وليس معنى ذٰلك أنه مطلوب من كل إنسان أن يفعل كما فعل "بطرس" كحرفية القصة، إنما هو نموذج فقط للقلب الذى تحرر من الخطإ بالندم المؤدى إلى التوبة.
 
إلا أن هناك ندمًا يدمر حياة البشر، إذ يؤدى إلى اليأس والإحباط وفقدان الرجاء فى الحياة، فيتوقف الإنسان فى مفترق الطرق غير قادر على اجتياز مشاعره، بل قد ينحدر سريعًا فى طريق الحياة فتزل قدماه ويَهوِى و... وللحديث بقية...!
 
الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مدرب فلوميننسى بعد السقوط ضد تشيلسى: نغادر مونديال الأندية مرفوعى الرأس

للأزواج.. إجراء بمحكمة الأسرة لو زوجتك طالبتك بنفقات غير مستحقة

اختبارات القدرات 2025 تبدأ السبت.. هل يمكن استرداد الرسوم حالة الرسوب؟

مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 9-7-2025 والقنوات الناقلة

ترامب يعلن حضور نهائى كأس العالم للأندية 2025


ريال مدريد يطير إلى نيويورك استعدادا لخوض قمة باريس سان جيرمان.. صور

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

تشيلسى يقصى فلومينينسى بثنائية ويتأهل لنهائى كأس العالم للأندية.. فيديو

رجال الحماية المدنية بالجيزة يشاركون فى إخماد نيران سنترال رمسيس.. صور وفيديو

الزمالك يكرم الجهاز المعاون لأيمن الرمادى وطبيب الفريق


كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

بطل من الحماية المدنية.. مدير إدارة عمليات يصعد على السلم ليساعد في إخماد حريق سنترال رمسيس

السجن 10 سنوات لـ7 متهمين بدفن شاب حيا داخل ماسورة مياه فى المحلة

الخارجية الأمريكية: ترامب متفائل بشأن التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة

مصر تفوز على تونس وتتوج بالبطولة العربية للسيدات لكرة السلة

إلغاء مسلسل Pulse بعد عرض موسم واحد فقط..اعرف السبب

نائب وزير التربية والتعليم: تنسيق منفصل للثانوية العامة والبكالوريا

وزير الخارجية البريطاني: سنتخذ مزيد من الإجراءات ضد إسرائيل إذ لم يتغير الوضع في غزة

سجل بياناتك لتصلك نتيجة الثانوية العامة 2025

الاتحاد الفلسطيني يستنكر تهديدات الاحتلال للاعب المنتخب علاء الدين حسن

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى