متى نقضى على غول الدروس الخصوصية؟

يوسف أيوب
يوسف أيوب
بقلم : يوسف أيوب
لا توجد إحصائية رسمية عن حجم الأموال التى تنفقها الأسر المصرية كل عام على الدروس الخصوصية، لكن المؤكد أنها تحصد أكثر من نصف ميزانية الأسر، بل إن هناك أسرًا تخصص قرابة الـ%60 وربما أزيد قليلاً من دخلها للدروس الخصوصية، التى لم تعد مقصورة على مرحلة معينة، إنما وصلت إلى الحضانة والتعليم الابتدائى، فنادرًا ما تجد طالبًا أو تلميذًا لا يعتمد على الدروس الخصوصية.
 
بشكل عام، المشكلة ليست مقصورة فقط على المدارس الحكومية، فطلاب وتلاميذ المدارس الخاصة هم أيضًا ضحايا الدروس الخصوصية، رغم ما تحصل عليه هذه المدارس من أموال طائلة تتخطى فى حالات كثيرة حاجز العشرين ألف جنيه سنويًا للطالب الواحد، وهو ما يعنى أن هذه المدارس بها هيئة تدريس على مستوى عالٍ، لديها القدرة على توصيل المعلومة والمواد الدراسية للتلاميذ والطلاب، دون الحاجة للذهاب إلى مدرس خصوصى، لكن فى النهاية أصبحت الدروس الخصوصية منهج حياة، انتشر بقوة أيضًا داخل الجامعات التى من المفترض أنها بعيدة كل البعد عن فكرة المدرس الخصوصى، لكن لأنها مهنة تمنح صاحبها ثروة كبيرة فى غضون سنوات قليلة، فإنها فتحت شهية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات للعمل بها.
 
أسباب كثيرة قيلت فى شرح الظاهرة، لكن يبدو أنها لم تلمس الوتر الحقيقى للأزمة، وهو ضعف النظام التعليمى فى مصر، ومعه أيضًا ضعف دخل المدرسين المسؤولين عن إعداد جيل متعلم يتحمل مسؤولية البلد مستقبلًا، خاصة أن قطاعًا كبيرًا من المدرسين لا يتخطى دخلهم الشهرى الألف جنيه، وتحديدًا فى المدارس الخاصة التى تتعاقد مع خريجى الجامعات برواتب تتراوح بين 800 و900 جنيه شهريًا، مقابل إتاحة الفرصة لهم لزيادة دخلهم الشهرى من الدروس الخصوصية، فغالبية المدارس الخاصة فى مصر لا يهمها مستوى الطلاب، بقدر اهتمامها بزيادة موارد ودخل ملاك هذه المدارس.
 
المحصلة النهائية أننا أمام أزمة كبيرة، ربما كانت أحد عوامل الأزمة الاقتصادية للأسر المصرية، وهو ما يحتاج من الدولة إلى أن تتعامل معها على أنها قضية أمن قومى، لعدة أسباب، على رأسها أن الدروس الخصوصية عامل أساسى فى انحدار المستوى التعليمى للطلاب فى مصر، خاصة أن المدرسين يعتمدون على أسلوب التحفيظ والتلقين للطلاب وليس الفهم، وهو ما أدى إلى تدهور حاد فى العملية التعليمية لدينا، وظهور أجيال دخلت الجامعة، وهى ضعيفة جدًا فى القراءة والكتابة.
 
الحل من وجهة نظرى يحتاج لنظرة طويلة المدى، تعتمد فى الأساس على توفير كل الإمكانيات للمدرس، لكى يؤدى مهمته بالشكل المطلوب، ويكون ذلك من خلال راتب يكفيه الحياة وشرورها، وعقد دورات تدريبية سنوية للمدرسين فى المجالات العلمية المختلفة، ليكون المدرس متوافقًا مع الجديد فى المناهج، ومتواكبًا مع التغيرات التى تطرأ عليها.
 
ويكمن الحل أيضًا فى تطوير المناهج التعليمية، بحيث تعتمد على الفهم وليس التلقين، وأن تتوافق مع العلوم الحديثة، وأن تتم تنقيتها من الشوائب والحشو، وبمعنى أدق أن تكون متواكبة مع العصر الحديث ومتطلباته، وأعتقد أن رئاسة الجمهورية قطعت شوطًا مهمًا فى هذا الاتجاه، لكن يبقى المهم بالنسبة لى هو تهيئة المدرسين للعملية التعليمية، لأنه لا يعقل أن نتحدث عن تطوير وغيره ولدينا مدرسون لا يحصلون على ما يكفيه حياة كريمة، وهو ما يدعوهم لإعطاء دروس خصوصية.
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سياسات واستراتيجيات تنقل ذوى الهمم من التهميش إلى الإنتاج.. الدولة تضعهم فى قلب خطة لتمكين اقتصادى يفتح لهم أبواب الأمل.. تدريب مهنى فى محافظة أسيوط وتسليم ماكينات بعد تقييم اجتماعى للتأكد من الاستحقاق.. صور

زوج ملاحق بـ34 دعوى قضائية أمام محكمة الأسرة لخلاف على مبلغ النفقة.. تفاصيل

بعد 42 يوما من الرحيل عن الأهلى.. على معلول يرفض عروض خليجية غير مقنعة

تعرف على كيفية الاستفادة من السجلات المدنية الذكية

مواعيد مباريات منتخب الناشئين فى كأس العالم قطر 2025


غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك

انفجارات عنيفة تدوي في مدينة جبلة السورية

طلاب الهندسة الحيوية بالإسكندرية ينجحون فى تصميم ذراع روبوت بـ6 درجات حرية.. "6-DOF" يُستخدم كمساعد لأطباء الجراحة فى المستشفيات.. تنفيذه يكلف نحو 22 ألف جنيه.. وأعضاء هيئة التدريس يشيدون بالمشروع.. صور

مانشستر سيتي: هالاند يستمع إلى ألبوم عمرو دياب الجديد

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل


زى النهارده.. هدف بشعار "غزل الملاعب" بين متعب وغالى فى مباراة الأهلى ودجلة

موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025

وسام أبو على يُخطر الأهلى بالانتظام فى التدريبات الإثنين رغم أزمة العروض

25 سيارة إطفاء تكافح حريق مصنع منظفات وكيماويات مدينة بدر

الهلال يفكر فى الانسحاب من السوبر السعودى

فات الميعاد الحلقة 21.. أحمد مجدي يرفض عرض محمد أبو داود حفاظًا على حضانة ابنته

ماكينات حفر الخط الرابع للمترو لا تتوقف.. طاقم مصرى يصل الليل بالنهار لإنجاز المشروع.. المكينة تحفر 22 مترا يوميا والنفق حلقات خرسانية يتم تركيبها وتصنيعها محليا.. وهذه طرق تأمين العمال تحت الأعماق.. صور وفيديو

ننشر قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن دائرة محافظة أسوان

سر تجدد اشتعال النيران في سنترال رمسيس.. مدير الحماية المدنية الأسبق يوضح

الدفع بـ4 خزانات مياه استراتيجية لإخماد حريق مصنع مدينة بدر.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى