قرأت لك..محسن يونس يروى مآسى المصريين التاريخية فى "حسن السماع وطيب المقام"

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
كتب عبد الرحمن مقلد

"كانت رأس زيدان صانع البرادع بسوق الجمالية تسقط بضربة واحدة من سيف سليم الأول، ذاهبة إلى حيث طلب صاحبها، عبرت جبال تركيا، نازلة من الشام إلى سيناء، ومن سيناء إلى القاهرة، كانت تجوب الحوارى والشوارع والأزقة بحثُا عن زيدان"، بهذه المقطوعة ينتهى  الكاتب محسن يونس إحدى حركات قصته "ما قل منك يكثر عندى" فى مجموعته القصصية الجديدة "حسن السماع وطيب المقام" الصادرة مؤخرا عن الهيئة العامة للكتاب.

المجموعة القصصية كتاب حسن السماع وطيب المقام
المجموعة القصصية كتاب حسن السماع وطيب المقام

 

فالأسطى زيدان الحرفى المصرى صانع البرادع الذى أجبر على مغادرة وطنه ونقل لإسطنبول إثر حملة الأتراك العثمانيين، وغزوهم القاهرة المملوكية، رفض صنع بردعة لحمار سليم الأول، لأنه نسى ذاكرته فى الجمالية، وطلب العودة إلى القاهرة فما كان من السلطان التركى إلا أن ضرب رأسه بسيفه، لتسقط على الأرض وتطير إلى القاهرة، محملة بالحنين والشجن لأرض المحروسة.

بهذا يتعامل محسن يونس مع التاريخ بوصفة مادة حيوية خام لصناعة الحكايا المدهشة والدالة والمنعكسة على الواقع المعيش، بما تحمله من ضحك مكتوم وسخرية شعبية وحزن وشجن ومفارقات حاملة لخصوصية الشعب المصرى.

لا يتعامل محسن يونس مع التاريخ الرسمى فى مجموعته الجديدة، ولكنه يتحرك من "التأريخ الشعبى"، وتنطلق معظم قصصه من خبايا ومواقعَ أبطالُها من أبناء الشعب المطحونين والمهشين فى كل الأزمنة.

وإن وقعتْ حوادث أغلب قصص محسن يونس متزامنةً مع أحداث كبرى مثل الغزو التركى أو الفرنسى لمصر  ووقفة عرابى وتجربة طيران عباس ابن فرناس، إلا أنها لا تهتم بإعادة سرد ما سرد، أو تناوله من وجهة نظر معينة، ولكنه يتحرك لأبعد من ذلك ويبدأ من التاريخ ولا ينتهى إلا بصنع حكاية خاصة مازجة بين الماضى والمعيش، وليس مطلوبًا منها أن تطابق الواقع، فها هى رأس صانع "برادع الحمير" الذى أجبر على ترك بلاده وسيق ضمن الحرفيين المصريين إلى العاصمة، ها هى  تعود إلى مصر بعد معاناة، ها هى تعبر البلاد الباردة والجبال والبحار والصحارى لتستقر فى موطنها، بما يجسد ذلك من معانٍ باطنية لانتماء المصريين لوطنهم، فهم وإن رحلوا تظل ذاكرتهم مرتبطة ببلدهم.

وفى قصة أخرى من المجموعة "البديعة" التى تحمل مسمى "ملاحقات تاريخية" كعنوان ثانٍ، يسرد الكاتب بخفة واستهزاء وقائع الحياة الفانية للثرى "عوضين الجراس"، والتى وإن خلت القصة من تحديد زمن أو استندت لظلال شخصية معروفة، إلا أن ما ورد من سمات لـ"عوضين" تصنع منه أنموذجا على النمط الاستهلاكى لرأسمالية أثرياء اليوم.

فتاريخ عوض مع "التهام كل شىء" يشمل استهلاك طول حياته لامرأتين و7 بقرات سمان و10 جاموسات وأربعين خروفًا و10 اطنان أرز و5 حقول سبانخ ... إلخ".

ولا يكتفى الكتاب بتعداد ما استهلك "عوضين الجراس" ولكنه يضع ظلالا على العصر الذى ينمو فيه مثل هذا  الثرى الأضحكومة الذى يبلغ وزنه 170 كيلو، "فقلبه امتلأ بخمسمائة ألف من الأحقاد التى عالجتها ظروف ارتبطت بالمناخ السياسى وصعود طبقات وانهيار أخرى".

وهذا النمط الاستهلاكى يناسبه بالطبع أن يتحول عوض الجراس من الفساد إلى التقوى ويترك لحيته ويمسك مسبحة ويصلى 12 ألفا و740 صلاة يزاد عليها 6 آلاف ركعة تطوعية!!

هكذا يصنع الكاتب أنموذجه الشامل والهزلى لثرى كل العصور المستغل الآكل قوت الشعب لينمو جسده المترهل وماله الطفيلى.

ومحسن يونس أحد أكبر كتاب جيل السبعينيات فى مصر، وأصدر العديد من الأعمال المهمة ما بين روايات وكتب قصصية لاقت متابعة مهمة، على رأسها مجموعة "الأمثال فى الكلام تضىء" و"الكلام هنا للمساكين" و"خرائط التماسيح" و"سيرة جزيرة تدعى ديامو" و"الملك الوجه" و"حكاية عن الألفة" و"بيت الخلفة".

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ترامب يرقص أمام الجنود الأمريكيين فى قاعدة العديد بقطر.. فيديو

كم يبلغ ثمن قلم "مونت بلانك" هدية تميم لترامب؟

رئيس الوزراء يتفقد أعمال المنجم المفتوح من أعلى قمة الجبل بـ"السكرى"

تقارير: خلافات مع إدارة أورلاندو تقرب "رونالدينيو أفريقيا" من الأهلي

صرف 80% من مقررات تموين شهر مايو 2025 لأصحاب البطاقات حتى الآن


موجة شديدة الحرارة غدا.. والعظمى بالقاهرة ترتفع إلى 37 درجة

ليلة من اللهب على ضفاف النيل.. تفاصيل حريق منتصف الليل على كورنيش المنيل

هويسن يصل إسبانيا لتوقيع عقود انضمامه إلى ريال مدريد

ترامب: الولايات المتحدة تقترب للغاية من اتفاق نووى مع إيران

مرصد الأزهر: مقاطع رقص المجندات فى جيش الاحتلال أداة دعائية خادعة


انطلاق مباريات الجولة السابعة من مرحلة حسم دوري nile غداً

بوينج تحصل على أكبر طلب على الإطلاق من قطر بقيمة 96 مليار دولار

تحضيرات القمة العربية تتواصل فى بغداد.. اجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري اليوم لوضع اللمسات الأخيرة على مشروعات القرارات.. فلسطين أولوية وقضايا الأمن العربى فى المقدمة

أزمة مباراة القمة.. التظلمات تستمع لأقوال رئيس لجنة المسابقات قبل إصدار القرار

قرار هام من وزير التربية والتعليم لمعلمى الحصة بعد قليل

الأونروا تحذر من تفشى الجوع فى غزة واستخدام إسرائيل المساعدات كسلاح حرب

الكويت.. سحب الجنسية من 1291 شخصا

موعد مباراة منتخب الشباب والمغرب فى نصف نهائي أمم أفريقيا اليوم

الاتحاد يسعى لحسم لقب الدوري السعودي ضد الرائد الليلة

امتحانات الثانوية الأزهرية على الأبواب.. توزيع أرقام الجلوس على 173616 طالبا.. الاختبارات تجرى فى 597 لجنة على مستوى الجمهورية.. والتصحيح عقب انتهاء جميع أعمال الامتحانات.. والنتيجة أول أغسطس

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى