صفاء صابر إبراهيم تكتب : ضفائر أنثی

ضفائر شعر
ضفائر شعر
جميلةٌ هی كعادتها ، كانت فی ريعان شبابها، مات زوجها وترك لها ثلاثة أطفال وفقر وجوع، ولم تكن تلك الأرملة تملك إلا قطعة أرض صغيرة، كان يزرعها زوجها، استأجرها منها فلاح، وكان يدفع لها نقوداً زهيدة، لا تفی حتی باحتياجات صغارها، فكانت الأم الأرملة تری كل ليلة فی عيون صغارها الحرمان عندما تبحث لهم عن شىء يأكلونه ولم تجد، فكانت تشعر بالعجز وقلة الحيلة من كونها امرأة ضعيفة.
 
ذات يوم قررت أن تتغلب علی ضعفها بأن تتخلی عن أنوثتها وتقوم هی بزراعة قطعة الأرض بنفسها فأخذت الفأس وخرجت للعمل، فكانت مع بزوغ كل فجر جديد تصلی وتدعو الله أن يعينها علی ما تكابده من تعب ومشقة الأرض، تحمل الفأس كما الرجل وتذهب إلی الأرض، رفضت أن تتزوج كی تقوم برعاية صغارها فقط، والناس منهم من ينظر إليها بعين العطف والشفقة ومنهم من ينظر إليها بعين الخبث والطمع، فكانت كل يوم قبل خروجها للعمل تغرس يدها فى الفرن وتدهن من رماده الأسود وجهها ويديها ورقبتها كى تخفى جمالها حتى لا يطمع فيها أصحاب القلوب المريضة . كانت كل يوم تعود قبل الغروب، وهی تجرجر فی أذيالها من شدة التعب، ومع مرور الوقت أسودت بشرتها من الشمس المحرقة، وتشققت قدماها من قسوة التربة، وتخشنت يداها من مسكة الفأس، ودارت الأيام وهی تدور معها فی عجلة الشقاء والتعب.
 
وذات يوم نظرت فی المرآة التی لم تنظر فيها منذ وقت طويل، فوجدت كل شىء قد تبدل، وتكاد أن لا تتعرف علی نفسها، فی تلك اللحظة أدركت الحقيقة التی تحملها ملامحها، وهی أنها أصبحت رجلاً فی كيان امرأة، لا شىء يميز أنوثتها غير ضفائرها الطويلة التی كانت تلفهما كالعمامة حول رأسها ، وتربطهما بشالِ زوجها الأبيض، جلست تفكر ثم انهالت دموعها الحارة علی وجهها المتعب، فعمدت إلی دولابها وأحضرت منه المقص، وقامت بقص ضفائرها الطويلة، لقد فعلت ذلك لأنها تعلم أنها اليوم أصبحت فی غنی عن الاحتفاظ بشعرها الطويل، لأنها أصبحت تعود الآن من الأرض متعبة لا وقت لديها للاهتمام بجمال شعرها وتزيينه . مثلما كانت تفعل قبل سابق، فقررت أن تتخلص منه لأنه يذكرها بأنوثتها التی دُفِنت بموت زوجها، فهی الآن لا حاجة لها لتلك الضفائر ، حملت ضفائرها بين يديها كأنها ترثی طفلاً صغيراً وافته المنية ثم وضعتهم فی صندوق، فكانت تأتی كل ليلة وتحضر الصندوق وتجلس كی تبكی علی أطلال شبابها الذی مات، دخلت عليها ابنتها الصغيرة فی إحدى المرات والأم تبكی، فقالت لها: أليست هذه ضفائرك يا أمی التی قلتِ أنها سُرِقت منكِ !؟ قالت الأم: نعم، قالت الطفلة : ولماذا تبكين الآن يا أمی؟ قالت الأم : ابكی لأن السارق جاء اليوم ولم يجد عندی أى شىء كى يسرقه.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سعر الذهب فى مصر يتراجع بالأسواق.. وعيار 21 يسجل 4540 جنيها

سفير الجزائر فى مصر: نستهدف زيادة التبادل مع القاهرة إلى 5 مليارات دولار

قضية الطفل ياسين.. الاثنين المقبل استئناف محاكمة المتهم على حكم الإعدام

أنقذها القومى للطفولة مرتين.. نجاة فتاة أبو المطامير من الزواج بعمر 16 عاما

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر


تقليل الاغتراب.. موقع التنسيق يواصل إتاحة التسجيل للمرحلتين الأولى والثانية

دبلوماسى روسى: نتوقع زيارة ترامب لروسيا قريبا ردا على زيارة بوتين لولاية ألاسكا

مواعيد مباريات اليوم.. ليفربول ضد بورنموث في افتتاح الدوري الإنجليزي والأهلى ضد فاركو

جميلة عوض تعوض غيابها عن السينما بـ4 أفلام دفعة واحدة

كل ما تريد معرفته عن المعهد الشرطى الصحى.. الشروط والمجموع المطلوب للتقديم


تفاصيل إحالة عامل للمحاكمة بتهمة التعدى على سيدة داخل سيارة

المؤبد وغرامة تصل 5 ملايين جنيه عقوبة إغراق المخلفات الخطرة فى البحر

الزمالك يختتم استعداداته لمواجهة المقاولون بالدورى

تعرف على قائمة أغنيات فيلم الرومانسية Materialists

البنك الأهلى يخشى اليوم مفاجآت الظهور الأول لحرس الحدود بالدورى

أحمد العطار يعود للساحة الفنية بكليب "تعالى" بعد غياب سنوات

البرازيلي خوان ألفينا يترقب الظهور الأول مع الزمالك

جبل شايب البنات قمة "إفرست" البحر الأحمر.. تشاهد من أعلاها شبه جزيرة سيناء ووادى قنا جنوبًا.. وتعتبر من أبرز الوجهات السياحة لتسلق الجبال.. يعد ثالث أعلى القمم فى مصر والسودان ويصل ارتفاعه إلى 2187 مترا.. صور

"الأوقاف" تفتتح 21 مسجدا اليوم الجمعة ضمن خطتها لإعمار بيوت الله عز وجل

أشرف زكى يصدر قرارا بمنع الفنانين الحديث عن أزمة بدرية طلبة بأى وسيلة إعلامية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى