حكاية اليهودية ومقابر الكومنولث فى السويس.. أنشئت فى فترة الحرب العالمية الأولى ومازالت تحافظ على تاريخها.. أسر بريطانية وهندية تزورها سنويا فى السويس.. والسفارة البريطانية تتولى رعاية المقابر

"نزلنى عند اليهودية" هى كلمات يستخدمها المواطنون بالسويس كوصف لمنطقة مقابر الأجانب الموجودة بحى الأربعين عندما يستقلون المواصلات، والتى هى فى الحقيقة مقابر "الكومنولث" التى تضم أقيمت لضحايا الحربين العالميتين الأولى والثانية الذين كانوا يخضعون للإمبراطورية البريطانية وتم إنشاؤها عام 1917 وبها جنود ثلاث دول هى بريطانيا وفرنسا والهند، ومنذ إنشائها يقوم سنويا أسر الضحايا بزيارة المقابر.

ولا يعلم أحد من سكان المنطقة السكنية بحى الأربعين ممن قام "اليوم السابع" بسؤالهم فى المنطقة المحيطة بمقابر الكومنولث بحى الأربعين بالسويس لماذا سميت المنطقة والمقابر بـ"اليهودية" بالرغم من انها ليست مخصصة لأبناء ديانة معينة ولا يوجد قبر واحد يحمل اسم الديانة اليهودية. وبالرغم من أن المنطقة السكنية المحيطة بمقابر الكومنولث تضم مساكن تم بنائها بشكل عشوائى ولكن ظلت مقابر الكومنولث ووردها المنتشرة بها محافظة على نفسها كما تم إنشاؤها فى عام 1917.

وقال عبدالله أحمد، أحد المشرفين على مقابر الكومنولث بالسويس، إن هذه المقابر تضم جنود دول فرنسا وبريطانيا والهند ومازال إلى يومنا هذا تقوم أسر بزيارة القبور الخاصة بالجنود ضحايا الحرب العالمية الأولى والثانية، ومن ينفق على هذه المقابر الخاصة بالكومنولث هى السفارة البريطانية بالقاهرة والتى تتولى جميع النفقات ورواتب العاملين وما يطلب من أجل الحفاظ على المقابر.

وأوضح عبدالله، أن هيئة "الكومنولث" اعتبرت أن مصر قاعدة هامة فى الحربين العالميتين، حيث إنه فى أعقاب هجوم غير ناجح تعرضت له مصر فى الحرب العالمية الأولى من قبل القوات التركية من جهة الشرق، أصبحت قاعدة الانطلاق التى منها تم مساندة الغزو اللاحق لسيناء وفلسطين ولبنان وسوريا، أما فى الحرب العالمية الثانية كان التهديد قادمًا من جهة الغرب.

وأشار عبدالله، أنه كان يأتى منذ سنوات أسر ومعها فرق موسيقية كانت تعزف ألحان جنائزية أمام المقابر ولكن توقفت الفرق الموسيقية عن الحضور ومن يأتنى فقط الأسر بدون فرق موسيقية كما كان يحدث فى السابق. وأكد أنور فتح الباب استاذ التاريخ بوزارة التربية والتعليم والباحث فى تاريخ السويس، أن مقابر الكومنولث بالسويس هى مقابر اقيمت لضحايا الحربين العالميتين الأولى والثانية الذين كانوا يخضعون للإمبراطورية البريطانية ودفنوا على أرض مصر باعتبارها كانت طريقا أو ميدانا فرعيا لهذه الحروب بحكم خضوعها للاحتلال البريطانى، وبرغم أن مصر رفضت فكرة الانضمام لدول الكومنولث التى تضم معظم المستعمرات البريطانية السابقة والتى تربطها ببريطانيا علاقات وثيقة.

وأشار انور فتح الباب، توجد مجموعة من هذا المقابر على مستوى مصر فى القاهرة وبورسعيد والإسماعيلية والسويس، تضم مقابر الكومنولث بالسويس قبورا لجنود مختلفى الديانات من مسيحيين ومسلمين هندوس وجنسيات متعددة من الإنجليز والهنود والأستراليين تشرف على تلك المقابر هيئة الكومنولث لمقابر الحرب وهى هيئة دولية تتبع رابطة الشعوب البريطانية المعروفة برابطة الكومنولث التى أسست هذه الهيئة وتشرف عليها، ومقرها بقصر مارلبورور فى لندن.

وأوضح انور فتح الباب، أما هيئة الكومنولث لمقابر الحرب فقد أنشئت بموجب الميثاق الملكى الذى أصدر عام 1917 لتخليد ذكرى ضحايا الحروب الذين بلغ عددهم نحو مليون و700 ألف رجل وامرأة ينتمون لقوات الكومنولث قتلوا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية. وأكد أنور فتح الباب، أن السويس صاحبة تاريخ كبير جدا ومن الطبيعى أن تشاهد بها فى أماكن متعددة بها أماكن تاريخية، فهى دفعت الثمن غاليا فى كل الحروب التى حدثت وكانت السويس دائما عبر التاريخ صامدة.

وعلى مسافة أمتار من المقابر الخاصة بالكمنولث، قال محمد عبدالمنعم، موظف، أننا منذ صغرنا ونحن نعلم أن منطقة المقابر الخاصة بالكومنولث يطلق عليها اليهودية، وأى شخص يريد أن يصل إلى هنا يجب أن يقول عاوز اروح اليهودية فنحن وجدنا الوصف هكذا ومازال هو الوصف المطلق على المكان إلى الآن.

 قبر احد الجنود

مقابر الكومنولث

 لوحة بتاريخ المقابر

 عناية كبيرة بالمقابر