توازنات القوى السياسية الإيرانية بعد "رفسنجانى"

هاشمى رفسنجانى
هاشمى رفسنجانى
محمد محسن أبو النور

"إننا نبيع النفط للهنود بأسعار أقل من الأسعار العالمية، والهنود يبتزوننا بأن يدفعوا لنا مقابل نفطنا بضائع لسنا فى حاجة إليها، ويسددون بتسهيلات ائتمانية ليس لها نظير فى العالم، ولأن سياستنا الاقتصادية غير مرضية، فقد قررت الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية"، ألقى هاشمى رفسنجانى القنبلة فى وجه "خامنئى"، وأحدث زخمًا رهيبًا بتلك الكلمات، التى أعلن من خلالها خوضه الانتخابات، فى أيام مماثلة قبل أربعة أعوام، لكن "خامنئى" رد له الكيل بأن منعه من الترشح، إذ لم ينل موافقة مجلس صيانة الدستور الذى يفصل فى أهلية المرشحين لخوض الانتخابات المختلفة، ليُعتبر من جانب المجلس غير ذى أهلية للمنافسة على المنصب الرفيع.

ظن خامنئى أنه ربح الجولة واستطاع أن يخرس رفسنجانى للأبد، غير أن الأخير علّم الجميع أنه يملك من القدرة على التوازن ما لا يطيقه أحد، فاستمر فى قلب المشهد معلنا دعمه روحانى وتصديه علانية لفكرة الانغلاق أو ما يعرف بـ"اقتصاد المقاومة"، وفى كل مرة كان الفريق الدبلوماسى فى المفاوضات النووية يحرز تقدمًا كان رفسنجانى يبارك الخطوات فى اتجاه الانفتاح على الغرب.

 

هاشمى رفسنجانى.. رجل الخمينى الثرى والسياسى والفقيه

يُعدّ هاشمى رفسنجانى واحدًا من أهم الساسة فى تاريخ إيران الحديث والمعاصر، بل يمكن القول إنه الأهم على الإطلاق؛ لأسباب لا حصر لها، منها أنه كان رجل الإمام الخمينى الموثوق، وعقله الراجح، ووزيره المقرب، ويعود إليه الفضل فى عدد من الأحداث التى شكلت منحيات جذرية فى سيرورة التاريخ الإيرانى المعاصر، خاصة فى مرحلة ما بعد الثورة، منها: الاستفتاء على الدستور، ثم تعديله، ثم ترشيح على خامنئى ودعمه ليصبح مرشدًا بعد رحيل روح الله الخمينى.

فضلا عن ذلك، جمع "رفسنجانى" بين الثروة الاقتصادية والمناصب السياسية واللقب العلمى الفقهى، ومن ثمّ فإن رجل الأعمال المعمَّم، صاحب بساتين الفستق الشاسعة والثروات الكبيرة الذى عُرف بلقب "ملك الفستق"، والذى تقلد كل المناصب الرفيعة فى طهران: وزير الداخلية (1979 ـ 1980)، ورئيس مجلس الشورى (1980 ـ 1989)، ورئيس الجمهورية (1989 -1997)، ورئيس مجلس خبراء القيادة (2007 ـ 2011)، ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام (1989 ـ  حتى وفاته)، لم يكن يتبقى له إلا منصب المرشد فقط حتى يصبح الرجل الذى لم يتكرر لا فى إيران ولا فى أى نظام سياسى آخر عبر التاريخ.


حصالة المناصب السياسية الإيرانية.. طموح الإرشاد وانقطاع السبل

رغم الأفضليات العديدة التى كان يتمتع بها هاشمى رفسنجانى داخل بنية النظام الإيرانى عقب الثورة الإسلامية فى 1979، إلا أن حظوظه لتولى منصب المرشد لم تكن وفيرة، على خلفية علاقة السجال التى نشبت مع على خامنئى، بسبب عدم رضا الحرس الثورى عن مواقفه، وعدم سماح مجلس صيانة الدستور له بخوض الانتخابات الرئاسية الماضية، التى فاز فيها "روحانى".

على ضوء كل ما سبق، يمكن قراءة شكل التوازنات السياسة الإيرانية داخليا، بعد رحيل "رفسنجانى"، من جهة فقدان جبهة الإصلاحيين الرجل الذى كان قادرا على تفتيت التيارات المنافسة، وهنا نتحدث عن تيار المحافظين، ففى الانتخابات الماضية أوعز أكبر هاشمى، إلى عدد من المحافظين بخوض المنافسة بهدف تفتيت الأصوات، فى مقابل احتشاد كتل وتيارات الشباب خلف "روحانى" الذى حسم الانتخابات من الجولة الأولى.

نستطيع أن نتبين ذلك من تصريحات أدلت بها فائزة هاشمى رفسنجانى، التى قالت إن التيار المحافظ فى إيران غير قادر على الاتحاد ودعم شخصية بعينها فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقرر إجراؤها مايو المقبل، وهناك احتمال أن يتنافس التيار الأصولى فى هذه الانتخابات بأكثر من مرشح، وألا يتمكن من التوافق على مرشح واحد مثل التيار الإصلاحى.


رحيل "رفسنجانى".. خنجر فى قلب الإصلاحيين وضوء أخضر للمحافظين

الخلاصة، أن إيران فقدت واحدًا من أهم عوامل ديناميكيتها السياسية، برحيل "رفسنجانى" الذى كان داعما لـ"روحانى"، والذى كان شديد الانتقاد للسياسات الاقتصادية الإيرانية، وبهذا فقدت جبهة الإصلاحيين، أو بالأحرى "المحافظين المعتدلين"، واحدًا من أهم ركائزها، لأنه كان يحظى بثقل سياسى وثروة اقتصادية وقوة تأثير فى قطاعات واسعة من المثقفين والطبقات الطلابية والشبابية فى إيران، ومن ثمّ ليس مستبعدًا أن يواجه "روحانى" مشكلات كبرى فى الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها مايو المقبل.

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تشيلسي يهزم مانشستر يونايتد بهدف كوكوريلا في الدوري الإنجليزي.. فيديو

إعلام عبرى: حدث أمنى صعب شمال قطاع غزة

البرلمان الليبى: شرعية الدبيبة سقطت منذ سنوات ونعمل على تشكيل حكومة جديدة

رادار المرور يلتقط 1006 سيارة تسير بسرعات جنونية فى 24 ساعة

عضو الزمالك: سددنا 6 ملايين دولار مستحقات متأخرة منذ قدوم مجلس لبيب


محامى أسرة العندليب: مستعدين تقديم خطابها لأى جهة لفحصها وبيان صحتها

معلول ووسام على رأس قائمة الأهلى لمباراة البنك فى الدورى الممتاز غدا

البنك المركزى يعلن عن وظائف جديدة.. اعرف التفاصيل

النيابة العامة: «سفاح المعمورة» قتل موكله بعد خطفه وزوجته خشية افتضاح أمره

برشلونة لا يعرف الاستسلام في مشواره نحو لقب الدوري الإسباني


الأهلي يبحث مصير ميشيل يانكون بعد التعاقد مع ريفيرو لتدريب الفريق

المولود الجديد يحمل أصولا عربية.. حقائق مثيرة حول حفيد ترامب الحادى عشر

اليوم آخر فرصة للتقديم على وظائف بالسعودية بمهنة مندوب مبيعات براتب 7000 ريال

الزمالك يبحث التعاون مع بيراميدز فى شكوى أزمة القمة بالمحكمة الرياضية

البنك الأهلى وسيراميكا وزد يسعون للتعاقد مع مطاريد الأهلي

تحطم طائرة إسرائيلية على شواطئ "بات يام" المحتلة.. صور

الإمارات تهدي ترامب "قطرة نفط واحدة".. والأخير ساخرا: لست سعيد بذلك

برشلونة والاتحاد بطلا ليلة التتويج في ملاعب العالم

بحصيلة تجاوزت الـ3 تريليونات دولار.. الرئيس الأمريكى ينهى جولة الـ4 أيام للخليج.. تعزيز حضور أمريكا بالمنطقة والحفاظ على مصالح واشنطن أبرز الأهداف السياسية للجولة.. ترامب من أبوظبى: غزة تتضور جوعًا

حقائق لا تفوتك قبل موقعة تشيلسي ضد مان يونايتد فى الدوري الإنجليزي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى