"صعيد بلا ثأر".. الحياة تعود لمحافظات الجنوب وسلسال الدم يتوقف.. أصوات الرصاص استبدلت بأصوات ماكينات العمل.. الداخلية حرزت الأسلحة وصالحت الخصوم.. والأهالى يرددون قصة قتل 10 شباب ثأراً لـ"حمار"

الحياة تعود لمحافظات الجنوب وسلسال الدم يتوقف
الحياة تعود لمحافظات الجنوب وسلسال الدم يتوقف
تحليل يكتبه: محمود عبد الراضى
محمود عبد الراضى
 

لم يكن الإرهاب بمفرده الخطر الوحيد على مصر، وإنما هؤلاء الذين يحملون السلاح ويروعون الآمنيين ويقتلون الأبرياء بدون ذنب، تحت شعار "الأخذ بالثأر" هم أشد إرهاباً وتطرفاً فى الفكر.

 

سنوات طويلة عانى خلالها صعيد مصر الطيب، من ثقافة "الثأر" السيئة، تلك الثقافة التى دمرت عائلات، وأدخلت شباب القبور وزجت بآخرين فى السجون، ليكون الجميع خاسر، من قتل ومن قُتل، على حد سواء، فى معارك وسلسال للدم لن يتوقف.

 

السلاح وانتشاره وسهولة الحصول عليه، خاصة فى ذلك تفقده من بعض دول الجوار بواسطة المهربين، وتحويل البعض منازلهم "ورش لتصنيع السلاح"، ساهم بشكل كبير فى انتعاش جرائم الثأر فى الجنوب، ليزداد عدد القتلى وبطبيعة الحال عدد المتهمين.

 

منازل دُمرت وسيدات يتشحن بالملابس السوداء لسنوات طويلة، وأهالى لم يجنوا من وراء "الثأر" سوء المر والعلقم، ليلعن الجميع هذه العادة القبيحة التى أطلت برأسها على صعيد مصر، فدمرت المنازل الهادئة وأهلكت الحرث والنسل.

 

فى موسم "الحصاد"، ترتفع نسبة حوادث الثأر، فقد جمع الفلاحون محاصيلهم وباعوها للتجار وحصلوا على المال واشتروا السلاح، لتنفيذ جرائم الثأر، والتى لا تسقط بمرور السنوات، فكم من طفل صغير أرضعته والدته نار الثأر منذ نعومة أظافره، فما أن شب وكبر واستطاع حمل السلاح نفذ الجريمة التى يتفاخرون بها، وكم من "ميت" لم يقام له العزاء إلا بعد سنوات طويلة، حيث انتظر أهله "الأخذ بالثأر" ليتلقوا العزاء وقتها، ولو مر على وفاته خمسون عاماً، ليبدأ تسلسل الجرائم، فتارة يسقط شاب من عائلة فلان، وتارة أخرى من خصومهم، حتى لا ينتهى الأمر.

 

لا أحد ينسى قصة الثأر الشهيرة بالصعيد، عندما خرج شاب بحماره فتصادف إطلاق آخر الرصاص للصيد، فأصاب طلق نارى الحمار وآخر من يركبه، ليسقط الاثنين قتلى، فقررت عائلة القتيل الانتقام لذويهم، فقتلوا 10 أشخاص من عائلة القاتل، وعندما سألوهم عن سر قتلهم 10 أشخاص فى مقابل شخص واحد، أكدوا أنهم لم يأخذوا الثأر بعد، وإنما هؤلاء القتلى فى مقابل الحمار، بينما يخططون لقتل المزيد للثأر لروح الشاب.

 

أطفال صغار أطلوا بأعينهم للدنيا لم يروا أباؤهم الذين التهمتهم نيران الثأر، وسيدات لا تشاهدن أزواجهن منذ 50 سنة، فأصبحوا مطاردين "فى بلاد الله"، خوفاً من الثأر لا يعرفون شىء عن أسرهم، حتى  وإن التقوا صدفة لا يعرفون ملامح تلك الوجوه.

 

وزارة الداخلية بدأت تلتفت لخطورة الثأر، فقررت السير فى طريقين على التوازى، أولهما جمع السلاح غير المرخص وتجفيف منابعه باعتباره أهم أدوات تنفيذ جرائم الثأر، وثانيهما إطلاق مبادرات للصلح بين الخصوم ووقف سلسال الدم.

 

ونجحت أجهزة الأمن فى حملات مكبرة استهدفت جميع محافظات الصعيد مؤخراً فى ضبط "5113 قطعة سلاح آلى، و92 رشاشا، و3 مدفع جرينوف، و195 سلاح مششخن، و5989 بندقية خرطوش، و808 مسدسات، و7561 فرد محلى الصنع، و108250 طلقة نارية".

 

كما نجحت مبادرات وزارة الداخلية "صعيد بلا ثأر" فى تحقيق نتائجها المرجوه، فأعلنت عائلات عديدة العدول عن فكرة الثأر، والتصالح مع خصومهم، رافعين شعار "التسامح" والعفو عند المقدرة، ومن ثم بدأت الحياة تدب في الصعيد مرة أخرى، واختفت أصوات إطلاق الرصاص، وتم استبدالها بأصوات ماكينات العمل، وبدأ جيل جديد يظهر فى المشهد يجمع ما فرقته نيران الثأر، ويدعوا للتضافر والتوحد ونبذ العنف وعدم قتل النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق، والحرص على حياتها، لأنه من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الذهب الأبيض يزين أراضى الوادى الجديد.. زراعة 1700 فدان قطن تجريبيا ضمن خطة المدارس الحقلية لتوعية المزارع الواحاتى بأحدث نظم الزراعة والرى.. والمحافظ يوجه بدعم خطط التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية.. صور

إعلان القائمة.. موعد مباراة بيراميدز ومودرن سبورت بالجولة الرابعة للدورى

غياب الأهلى عن الصدارة.. تعرف على ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم

اليوم.. نظر محاكمة 4 متهمين بتهمة الانضمام لداعش

قافلة جديدة من المساعدات الإنسانية الإماراتية تصل إلى غزة


السيناريست جامايكا يعلن وفاة الممثل الشاب بهاء الخطيب

كل ماتريد معرفته عن افتتاح منافسات الجولة الرابعة للدوري المصري اليوم

إيران قاب قوسين.. تستعد لحرب وشيكة مع إسرائيل.. وتواجه تهديدات الترويكا الأوروبية بـ"آلية الزناد".. خارجية طهران: لا يحق لأوروبا تمديد فرض العقوبات.. احتمال انسحابنا من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وارد

"ذاك يوم ولدت فيه".. الاحتفال بمولد النبى شاهدٌ على حبه وتعظيمه.. الإفتاء: أمر مستحب مشروع له أصل فى الكتاب والسنة.. ولم ينكره أحد يعتد به.. الاحتفال به من أركان الإيمان وشاهد على حبه

رونالدو يخسر النهائي الثالث على التوالي مع النصر في ليلة المئوية


عادل العتر ينتقل إلى دورى اليد البرتغالى

ملخص وأهداف مباراة النصر ضد الأهلى فى نهائى كأس السوبر السعودى

الإسماعيلى يعلن اتخاذ الإجراءات القانونية للدعوة لعمومية غير عادية

الداخلية تضبط متهما زعم صلته بتجار مخدرات وآثار واستعداده لتقديم معلومات عنهم

الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة خلال آخر أسبوع فى أغسطس

دار الإفتاء: غدا الأحد أول أيام شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا

الداخلية تضبط تيك توكر تحرض على الفسق وبحوزتها كمية من مخدر الآيس بالهرم

أول تعليق من بيب جوارديولا بعد خسارة مان سيتى ضد توتنهام

بعد إعلان المجاعة فى غزة.. صمت واشنطن على مجازر إسرائيل فى ميزان خبراء نيويورك تايمز.. دبلوماسى أمريكى سابق: نتنياهو مطمئن بسبب دعم ترامب.. مسار الحرب لن يتغير دون ضغوط من البيت الأبيض.. وإدانات الحلفاء تتوالى

روديجر يعود إلى قائمة ريال مدريد لمواجهة ريال أوفييدو في الليجا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى