خالد صلاح يكتب: الدين أصلاً بالعقل.. إذا كان العقل هو سبيل الصحابة وكبار العلماء وأكثرهم تشددا فى إنتاج الفتوى فكيف تريدون لنا الآن أن نعبد فتاوى الماضى أكثر مما نعبد الله بالعقل والإدراك والفهم

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح
 
 
يضحكنى هؤلاء الذين يعبدون النص الموروث أكثر مما يعبدون الله تعالى، ثم يتنطعون عليك بما حفظوا من الكتب القديمة بأوراقها الصفراء ليقولوا إنه لا يمكن للعقل أن يعمل مع النص، لتصبح النصوص القديمة هى الدين بذاته، مع أن عقيدة الوحدانية تؤكد أن الدين أساسا عمل عقلى من طراز فريد، الدين أساسه العقل، فكيف يجرؤ هؤلاء على أن يلغوا العقل مع النص، ثم يكون «أى نص» من السلف الصالح هو الدين بذاته، ويكون أى عمل عقلى لمصلحة المسلمين هو «خروج عن الدين»؟
 
العقل هو الذى قاد إبراهيم النبى، عليه السلام، إلى وحدانية الله تعالى، نحن إبراهيميون، أيها الأحبة، هذا النبى الباحث عن الحقيقة، هو من سمانا «المسلمين»، هذا النبى الذى استخدم العقل للوصول إلى الله والفوز بعقيدة الوحدانية، هو أساس الإسلام، العقل هو الذى قادنا إلى هذا الدين، فلما رأى القمر آفلا أدرك أنه لا يصلح للألوهية، ثم لما تأمل إبراهيم بعقله فى دوران الشمس وفى إشراقها وغيابها، عرف أن الرب هو أكبر كثيرا من ذلك، فيمم النبى الباحث عن الحقيقة وجهه للذى فطر السموات والأرض حنيفا، وما كان من المشركين.
 
لم يكن الله قد بدأ اتصاله مع النبى إبراهيم، لم يرسل له جبريل عليه السلام، ولم يحدثه من فوق جبل أو حتى من وراء حجاب، إبراهيم وصل إلى الله أولا بالعقل، وبالبحث، وبالتحليل، وبالمعرفة، وبربط عناصر الطبيعة مع القوة العظمى التى تحرك هذا الكون.
 
فإذا كنا قد آمنا بالوحدانية عقلا، فكيف نعبدالله بعد ذلك بلا عقل؟
 
كيف صرنا نعبد فتاوى الماضى، ونعزل الفتاوى عن سياقها الزمنى، ولا نؤمن بأننا نتبع صحيح الدين الحنيف إلا إذا تأكدنا من ذلك عبر أى من الكتب الصفراء القديمة، ولا نثق فى أننا نتعبد إلى الله على النحو الأصوب إلا إذا كان سلوكنا فى الوقت الحاضر يتطابق مع فتوى نطق بها عالم قبل ألف عام أو أكثر، واستخرجها لنا أحد عبدة الكتب الصفراء، ليقول لنا إن هذا هو الدين، ولا دين غيره؟
 
هذا النهج يتعارض بالأساس مع منهج إبراهيم النبى، عليه السلام، ويصطدم بالعقل الذى قادنا إلى الوحدانية وأسس قواعد هذا الدين، وإذا تأملت قليلا فستدرك أن كل عظماء هذا الدين اعتمدوا على العقل فى قيادة الأمة الإسلامية منذ فجر تأسيس دولة المدينة، النبى محمد، صلوات الله وسلامه عليه، استخدم عقله فى قيادة دولة المدينة بمعاهداته مع يهود يثرب، والنبى محمد وقع بإرادة منفردة وبحكمة سياسية فذة صلح الحديبية وأوقف مؤقتا ولحكمة أكبر مسيرة هذا الحشد من الصحابة الذين كانوا على وشك دخول مكة المكرمة، ثم من بعد محمد النبى، صلوات الله عليه، حارب أبوبكر مانعى الزكاة فى قرار عقلى لم يكن يستند إلى نص سابق أو سنة أقدم عليها النبى من قبله، ثم من بعد أبى بكر منع عمر بن الخطاب تطبيق الحدود فى عام المجاعة، وابتكر عمر بن الخطاب الكثير من الأحكام وفق مقتضيات عصره ووفق تطورات الأحداث التى لم تكن طرأت فى عهد النبى أو نزل بها الوحى فى نص قرآنى بأحكام قاطعة.
 
حتى ابن تيمية الذى يستند إليه الكثير من المتطرفين اليوم كان يقدم على الفتوى فى سياق عصره وبعمل عقلى كامل دون استناد إلى نص، ابن تيمية مثلا هو صاحب فتوى «التترس»، وفى هذه الفتوى أباح الرجل للجيش المسلم الذى يصد زحف التتار على الأمة الإسلامية أن يقتل الدروع البشرية من بسطاء المسلمين الذين كان الجيش التترى يستخدمهم فى مقدمة الصفوف للزحف على المدن الإسلامية، أى أن ابن تيمية أصدر فتوى تتعارض جملة وتفصيلا مع النصوص التى سبقته، إذ سمح للجيش المسلم أن يقتل المسلمين حماية للأمة من غزو التتار.
 
إذا كان العقل هو عنوان هذا الدين منذ إبراهيم النبى، وإذا كان العقل هو سبيل الصحابة وكبار العلماء وأكثرهم تشددا فى إنتاج الفتوى، فكيف تريدون لنا الآن أن نعبد فتاوى الماضى أكثر مما نعبد الله بالعقل والإدراك والفهم.
 أفلا تعقلون؟!
 
 
 
 
مقال استاذ خالد
 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المستشار محمود فوزي: الحكومة تشاطر أهالي الضحايا الحزن والألم والحادث الجلل هز وجدان الوطن بأسره.. الرئيس السيسي وجّه بصرف تعويضات ومتابعة الإصلاح.. وأي كلمات لا تُعبر عن عمق الألم لفقدان هذه الأرواح الطاهرة

محافظ الجيزة يعتمد تنسيق الثانوية العامة بحد أدنى 225 درجة

ليفربول يحتفل بإنجازات محمد صلاح التاريخية فى موسم 2024-25

أسد الحملاوى يرد على شلاسك البولندى بعد اتهامه بالهروب من معسكر الفريق

الداخلية تضبط سائقين يسيرون عكس الاتجاه بالطريق الإقليمي.. فيديو


السماء تمطر أموالا.. هليكوبتر تسقط دولارات على "روح" مواطن أمريكى.. فيديو

ريبيرو يرفع شعار ممنوع الاقتراب من سداسي الأهلي فى ميركاتو الصيف

إخلاء سبيل أحمد السقا فى اتهامه بالتعدى على طليقته مها الصغير بكفالة 5 آلاف جنيه

كامل الوزير: إعداد خطة زمنية مضغوطة لإنهاء الطريق الإقليمي بالكامل

موعد إجازة 30 يونيو للقطاع الخاص .. الخميس المقبل إجازة بأجر


الخميس 3 يوليو موعد إجازة 30 يونيو.. رئيس الوزراء يصدر القرار رسميا

صرف أحمد السقا من النيابة بعد سماع أقواله فى اتهامه بالتعدي على طليقته

مصر تتقدم على ألمانيا 15-11 فى مباراة تحديد مراكز بطولة العالم لشباب اليد

كامل الوزير يتفقد موقع حادث المنوفية على الإقليمي: هذه المأساة لن تتكرر

الأهلي يُخطر وسام أبو علي بموقفه النهائي من عروض الرحيل

حقن مضادة للشيخوخة ولعب اليوجا.. تعرف على سبب وفاة شيفالي جاريوالا

موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. تعرف على التفاصيل

هشام جمال يحتفل بملك زاهر شقيقة زوجته على طريقته الخاصة

موعد مباراة بي إس جي ضد إنتر ميامي فى ثمن نهائى كأس العالم للأندية

الأهلي يتسلم 8 ملايين دولار من فيفا ويترقب رد الضرائب الأمريكية فى باقي المستحقات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى