خالد صلاح يكتب: القدس والمستشرقون.. أكثر ما نعرفه عن تاريخنا يعود إلى مصادر غير عربية وغير إسلامية.. العقل العربى تعرض للتشويه والتشكيك والتضليل..وعلينا مراجعة ما تتناقله الكتب التاريخية استنادا لعصر الاستشراق

الكاتب الصحفى خالد صلاح
الكاتب الصحفى خالد صلاح
المقدسيين
 
هل تصدق يا أخى أن أكثر ما نعرفه عن تاريخنا العربى والإسلامى يعود إلى مصادر غير عربية وغير إسلامية، من مجموعات المستشرقين التى وفدت على الشرق الأوسط فى سنوات الضعف والانكسار، ثم فى سنوات الاستعمار الطويلة التى اجتاحت هذه الأمة لعقود ممتدة، وهل تصدق يا أخى أن كثيرا من المؤرخين العرب اعتمدوا على مصادر غير عربية من كتابات هؤلاء المستشرقين، ومن انطباعاتهم وآرائهم الخاصة على هذا التاريخ، فإذا اختلف اثنان من المؤرخين تحاكما إلى هؤلاء المستشرقين وأحكامهم خاضعين لوهم ساذج بأن هؤلاء المستشرقين لا ينطقون عن الهوى، وأن أحكامهم لا تخضع لتأثيرات طائفية أو عنصرية أو مذهبية.
 
والنتيجة، أن كل الارتباكات التى نعيشها فى تقييم الأحداث التاريخية تعود إلى روايات سنوات الاستشراق، وكل الشكوك التى تعيشها الأمة فى تقييم رحلتها التاريخية منذ اجتماع السقيفة لاختيار خليفة النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، وحتى اليوم هى من صنيعة حملات التشكيك والفتن التى زرعتها مجموعات الاستشراق فى بنيان التاريخ العربى والإسلامى.
 
تأثيرات أفكار المستشرقين تظهر جليا فى ملف القدس والمسجد الأقصى وعقدة الحقوق التاريخية فى المدينة المقدسة، فهؤلاء المثقفون العرب الذين ينطقون اليوم بالجهل الصريح والتشكيك فى عروبة المدينة يتصورون ظلما أنهم يرتكزون على حقائق تاريخية، فى حين أن ما عرفوه من هذا التاريخ إنما كتبته عقول وضمائر غير عربية، وحررته عن هوى فى القلب أو عن مصلحة فى السياسة، أو عن غاية تخدم استراتيجيات الاستعمار.
حتى المؤرخ جواد على نفسه، الذى تستند إلى موسوعته بعض الأصوات المشككة فى جذور الإسلام ووقائع تاريخ بلدان الخلافة، هو بنفسه شكك فى الأهواء التى تحكم كتابات المستشرقين، ففى كتابه «تاريخ العرب فى الإسلام» يقول جواد على النص التالى حرفيا:
 
«معظم المستشرقين النصارى هم من طبقة رجال الدين أو من المتخرجين فى كليات اللاهوت وأنهم إن تطرقوا إلى الموضوعات الحساسة من الإسلام وحاولوا جهد إمكانهم ردها إلى أصل نصرانى، وطائفة المستشرقين من اليهود خاصة بعد تأسيس إسرائيل وتحكم الصهيونية فى غالبيتهم يجهدون أنفسهم لرد كل ما هو إسلامى وعربى إلى أصل يهودى، وكلتا الطائفتين فى هذا الباب تتبع سلطان العواطف والأهواء».
 
هذه كلمات جواد على نفسه، وهو مؤرخ واسع المعرفة طبعا ومثير للجدل بكل تأكيد، وإذا كان هذا هو تقييمه للمستشرقين، فإن علينا أن نقف لمراجعة ما تتناقله الكتب التاريخية استنادا إلى عصر الاستشراق، وعلينا أيضا أن نحقق ما رواه لنا هؤلاء المستشرقون وتعاملنا معه نحن على محمل الجد، وتحت زعم الموضوعية التاريخية، أو تحت ظنون أنهم باحثون محايدون لا ناقة لهم ولا جمل فى كتابة التاريخ، هذا كذب مطلق، لأن نتيجته ماثلة الآن فى حملات التشكيك الممنهجة فى عروبة القدس وإسلاميتها، وهذا كذب مطلق، لأننا صرنا أمام صنف من المثقفين العرب لا يرى فى تاريخنا سوى أنه باطل مستمر، ودماء لا تتوقف، وصراعات لا تنتهى.
 
وإذا كان هناك من بيننا من يناضل لمراجعة أحاديث النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، نفسه خوفا من الإسرائيليات والأقوال المدسوسة على النبى حتى فى صحيحى البخارى ومسلم، فهل من باب أولى أن تكون الإسرائيليات قد دخلت أيضا على تاريخنا الإسلامى إلى الحد الذى تعرض فيها العقل العربى للتشويه والتشكيك والتضليل، وشهدت فيه الروايات التاريخية قصصا مختلقة ترد كل ما هو عربى لأصل يهودى، وتحاصر أهل العروبة والإسلام فى ركن مظلم من فقدان الثقة فى النفس، وفقدان الاعتزاز بالهوية.
والله أعلى وأعلم.
 
القدس
 
مدينة القدس
 
 
اليوم السابع

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بيراميدز يتلقى الهزيمة الأولى بالدورى على يد مودرن سبورت بثنائية

أنغام فى أحدث صور بعد عودتها إلى مصر بصحبة أبنائها

نيوكاسل يونايتد ضد ليفربول.. تصويبة نارية تفتتح أهداف قمة الدورى الإنجليزي

استبعاد رباعي ريال مدريد من قائمة البرازيل لمباراتي تشيلي وبوليفيا

المقاولون العرب يتعادل سلبياً مع بتروجت في الشوط الأول بدوري نايل


مودرن سبورت يحافظ على تقدمه 1-0 أمام بيراميدز فى الشوط الأول بالدورى

22 لاعبا فى قائمة الزمالك استعدادا لمواجهة فاركو

محمود سعد: وصول النجمة أنغام لمصر وصوتها جميل ومتألق كالعادة

ريبيرو: الأهلي خلق 7 فرص أمام غزل المحلة.. والنتيجة لم تكن في صالحنا

النيابة العامة تأمر بحبس المتهمة بواقعة وفاة عدد من الأطفال ووالدهم بقرية دلجا


رحيل المذيع عاطف كامل بعد مسيرة حافلة فى ماسبيرو

مجلس الوزراء: الخميس 4 سبتمبر إجازة رسمية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف

تحذير للمصطافين.. "ملتم أغسطس" يصل شواطئ شرق الإسكندرية.. تيارات ودوامات وارتفاع الأمواج 3 أمتار.. رفع الراية الحمراء على كل شواطئ العجمى و6 شواطئ شرقا.. "السياحة" تناشد الرواد اتباع تعليمات منقذ الشاطئ.. صور

آخر تطورات موقف الكينى أوشينج مع الزمالك

نيوكاسل ضد ليفربول.. ماذا قدم محمد صلاح فى الجولة الثانية بالبريميرليج؟

الطقس غدا.. انخفاض فى درجات الحرارة وشبورة والعظمى بالقاهرة 34 درجة

التشكيل المتوقع لمباراة نيوكاسل يونايتد ضد ليفربول.. موقف محمد صلاح

بعد حفلها الأخير.. نيكول سابا: الحفلات في مصر حاجة تانية والجمهور ذواق

تعرف على ما كتبته الصحفية الفلسطينية مريم أبو دقة قبل استشهادها

ياسمين صبري بإطلالات متنوعة بين الرياضة والموضة الصيفية أمام البحر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى