الوداع يا ملك الشوارع

وائل السمرى
وائل السمرى
بقلم - وائل السمرى
فى المرة الأولى التى قابلت فيها «مكاوى سعيد» أخذنى بالحضن، هكذا فى أول لحظة فى أول لقاء، لم أندهش من تصرفه لأنى لم أشعر وقتها بأى إزعاج، هو ابن بلد وأنا كذلك، وولاد البلد لا يشعرون بالغربة على الإطلاق.. أثناء اللقاء اكتشفت أنه يظن أنه يعرفنى منذ سنوات، وأنى انقطعت عنه لظروف سفرى، وأنا الذى لم أغب بعيدا عن مصر طوال عمرى لأكثر من أسبوع.
 
هو أنا وائل السمرى بالنسبة له، لكنه ربما لم يقبل فكرة أنه يسمع اسمى منذ وقت طويل ولا يعرفنى للحظة أردت أن أصحح له معلوماته وأقول له إننا نتعرف للمرة الأولى، لكنى تراجعت، هو صانع أساطير وسط البلد، وقد اكتشفت الآن للتو كيف يصنع «ميكى» أساطيره.
 
يوما بعد يوم تنامت معرفتى به، فصار صاحب تغريدة البجعة، وأن تحبك جيهان بالنسبة لى جزءا عزيزا من القاهرة، جزءا غاليا وودودا، مثله مثل شوارع وسط البلد وأزقتها، مثل تمثال طلعت حرب فى شموخه، وتمثال مصطفى كامل فى ترفعه، مثل المقاهى التى تشغل الجميع عن الجميع، مثل دهاليز العمائر القديمة التى لا يعرفها إلا الراسخون فى شارع شامبليون وصبرى أبو علم، مثل البنك المركزى وعمارة الأوقاف، مثل التكعيبة وأفتر إيت والندوة والحرية والبستان، مثل سوق باب اللوق الذى لا ندخله إلا على سبيل الخطأ، مثل نسائم الهواء العليل، التى تدهشك كلما مررت بجوار ضريح سعد زغلول، مثل محمد محمود والشيخ ريحان، مثل محمد هاشم ودار ميرت للنشر وسينما قصر النيل، مثل عم غزال وعم أحمد ربيع، مثل كشرى أبوطارق ومكرونة بابا عبده، مثل استوريل واستلا والكاب دور، مثل سوق التوفيقية وآخر ساعة وجيلاتى العبد، مثل تمثال إبراهيم باشا ومسرح الطليعة وشارع محمد على مثل حسن الأكبر وقصر عابدين وبن عبدالمعبود، مثل أكشاك الصحف وعربات الكبدة ومحلات الإلكترونيات، كان مكاوى كل هؤلاء فى شخص، تنبع قيمته من أسطورته الذاتية، التى التصقت بوسط البلد فصارت أحد أهم معالمها، كان بالنسبة لنا عنصر الأمان الدائم فى كل شبر من وسط البلد، دائمًا موجود، دائما مبتسم، ودائما يرحب بك بلا تصنع.
 
يا صديقى القديم جدا، القديم جدا.. أعرف الآن بعد رحيلك المؤلم أنك تعرفت إلى الناس كلهم مرة واحدة، وكأنك اطلعت عليهم فى عالم الغيب، أعرف الآن أن لكل روح عندك بصمة مميزة، وكأنك تتبع مسارات الروح منذ نشأتها حتى حلولها فى الأجساد المسماة باسمنا.. أعرف الآن أننا ربما تقابلنا قبل أن نتقابل، وتصادقنا قبل أن نتعرف، وأنك تصنع أساطيرك معتمدا على معرفتك بالروح، فسلام لروحك التى ستفتقدها الشوارع، يا ملك الشوارع.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ابنا فضل شاكر وعاصى الحلانى يحييان حفلًا غنائيًا فى لبنان

محمود سعد: أرقام تحاليل أنغام تتحسن لكن موصلتش لمرحلة الخروج من المستشفى

أعظم العسكريين بالتاريخ الفرعونى.. تمثال الملك تحتمس الثالث بمتحف الغردقة

المصرى يغرد فى صدارة الدورى.. بيراميدز يحقق الانتصار الأول.. ومودرن يواصل الانتفاضة

داكر مونتجمرى يكشف سبب ابتعاده عن النجومية وهوليوود


حكم قضائى غير قابل للطعن.. تعرف عليه

محافظ نابلس: الاحتلال يشن حرب استنزاف ومصر تقود الموقف العربى ضد التهجير

سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم

تعرف على حالات يحق لرجل المرور سحب التراخيص من السائق على الطرق

زوجة تلاحق زوجها بدعوى حبس بسبب 200 ألف جنيه.. التفاصيل


كاسيميرو: محمد صلاح الأجدر بالكرة الذهبية 2025

أبرق قرية ظهرت فيها علامات الإنسان القديم ومخطوطاته قبل التاريخ.. تقع شمال غرب مدينة الشلاتين.. أهم مناطق محمية جبل علبة الشهيرة.. يقع بها أقدم آبار الصحراء الشرقية.. ويعيش بها قبائل العبابدة والبشارية.. صور

ريبيرو في حيرة بسبب مركز الجناح الأيسر في الأهلي.. اعرف التفاصيل

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى

زعيم حزب إسرائيلى يعلن المشاركة فى إضراب ضد حكومة نتنياهو الأحد المقبل

تفاصيل سقوط 3 شباب طاردوا فتيات بسياراتهم على طريق الواحات.. القصة بدأت بمعاكستهم فى كافيه وانتهت بحادث مروع.. أم الضحية: أي فلوس مش هتعوض بنتي.. القانون صنف الأفعال كجريمة تحرش.. وعقوبات قاسية تنتظر المتهمين

ناصر ماهر العقل المفكر لفيريرا في الزمالك

ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

اليو ديانج يقترب من العودة لتشكيل الأهلي الأساسي في مباراة فاركو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى