أوروبا ستغرق بدون ميركل.. المرأة الحديدية تمسك بزمام الأمور فى الاتحاد الأوروبى.. ومهددة بهزيمة فى الانتخابات الألمانية.. ومن يشغل منصب مستشار ألمانيا بعد ميركل لن يكون مستشار أوروبا

أوروبا ستغرق بدون ميركل
أوروبا ستغرق بدون ميركل
كتبت فاطمة شوقى

تستعد ألمانيا لعقد انتخابات فى سبتمبر المقبل، وسوف يختار الألمان شخصا آخر بدلا من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ومن المتوقع أن يكون هذا الشخص إما رئيس البرلمان الأوروبى السابق مارتن شولتز (التوقع الأكبر)، أو وزير الخارجية السابق فرانك فالتر شتاينماير، وفى كلا الحالتين فإن أوروبا ستتأثر بشكل سلبى كبير بعد ميركل، حيث إن الشىء الوحيد المؤكد هو أن من يشغل منصب مستشار ألمانيا لن يكون مستشار أوروبا بحكم الأمر الواقع، كما كانت الحال من قبل.

 

واعتبار ميركل مسئولة عن الاتحاد الأوروبى يرجع إلى السياسة التى فرضها المستشار الألمانى السابق هيلموت كول الذى فرض هذا الحال، فبعد إشرافه على إعادة توحيد ألمانيا فى 1989-1990 بدأ فى ملاحقة ما اعتبره مهمة تاريخية والتى تمثلت فى توحيد أوروبا أيضا، وقاد أوروبا إلى الاتفاق على معاهدة ماستريخت فى 1991 إلى القرارات الحاسمة حول شكل عملة اليورو فى 1998.

 

وكانت أوروبا تتميز باقتصاد قوى، واعتقد الكثيرون أن السبب فى ذلك هو أن اليورو يغذى النمو الاقتصادى، ولكن مع الركود الاقتصادى بعد 2008، عندما وجدت منطقة اليورو نفسها فى مواجهة إفلاس الحكومة اليونانية، ظهر دور ميركل التى بدأت ببطء تمسك بزمام الأمور، وتصرفت وكأنها مستشارة أوروبا ولكن مصالح ألمانيا لم تغفل عنها، وواجهت فجوة هائلة بين موقف وزير المالية الألمانى فولفجانج شويبله، الذى كان يصر على فرض إجراءات تقشف قاسية على اليونان لقبول تسوية للأزمة المالية، وبين موقف رئيس وزراء اليونان أليكسيس تسيبراس الذى كان يسعى إلى التخلص من قيود التقشف، وقاد حزبه اليسارى "سيريزا"  للفوز فى الانتخابات على هذا الأساس.

 

وفى النهاية نجحت ميركل فى فرض تسوية جنبت دول منطقة اليورو مخاطر إشهار إفلاس اليونان، وقبلها ظهرت مهارات ميركل فى التعامل مع أزمة أوكرانيا، ونجحت فى الاتفاق مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على الوصول لحل للأزمة ينهى الحرب.

 

لم تأت الإنجازات التى حققتها ميركل فى عام 2015 من فراغ، فقد قضت المستشارة الألمانية 10 سنوات فى زعامة ألمانيا منذ أن نجحت فى قيادة حزبها للفوز على منافسها، الحزب الاشتراكى الديمقراطى، فى الانتخابات العامة عام 2005، وانتزعت الحكم من زعيمه جيرهارد شرودر، وخلال هذه السنوات نجحت ميركل فى تحقيق نجاح اقتصادى كبير، من أبرز ملامحه الفائض الكبير فى الميزان التجارى والفائض فى الموازنة العامة للدولة، وانخفاض نسبة البطالة إلى نحو 6%، وهو أمر لم تشهده ألمانيا منذ توحيد شرقها وغربها عام 1990، ولذلك فهى حافظت على شعبية واسعة فى هذا الوقت.

 

واشتهرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالتأنى فى اتخاذ القرارات، وتفضيل الخطوات الصغيرة فى معالجة القضايا السياسية، وتأجيل حسم الكثير من الملفات بشكل يثير انتقاد منافسيها، ويخالف نهجها نهج من سبقها مباشرة فى قيادة ألمانيا، جيرهارد شرودر، الذى اشتهر بالحسم وسرعة اتخاذ القرار، ولكن على الرغم من إنجازات ميركل الكبيرة سواء فى ألمانيا أو أوروبا، إلا أنها تتعرض لانتكاسة كبيرة فى الوقت الحالى، والتى تتمثل بإمكانية هزيمتها فى الانتخابات الأخيرة بسبب سياسة الباب المفتوح التى تتبناها ميركل تجاه اللاجئين، فبعد أن ظهر حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى المتطرف، والذى كان يمثل التهديد القوى أمام ميركل، تواجه ميركل من ناحية أخرى انتخاب مارتن شولتز، وأيضا فرانك فالتر شتاينماير.

 

ميركل فاجأت الجميع بطريقتها فى التعامل مع أزمة تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا، فلم تكتف باتخاذ قرار حاسم بقبول اللاجئين، رغم المخاطر السياسية الواسعة لمثل هذا القرار، بل أعلنت تجميد اتفاقية شينجن، التى تلزم كل من يلجأ إلى أوروبا بتقديم طلب اللجوء فى أول دولة آمنة، لفترة من الزمن مراعاة للأزمة الإنسانية القاسية التى يعيشها اللاجئون السوريون.

 

ميركل استمرت فى سياستها رغم إدراكها احتمالات الهزيمة، فهى امرأة شجاعة، فحين سئلت ما إذا كانت ساذجة فى قراراتها بشأن اللاجئين عادت المستشارة الألمانية إلى ويلات الحروب كجزء أصيل من التاريخ الألمانى، واختصرت رؤيتها بأن الحفاظ على أوروبا موحدة يعنى إظهار الإنسانية تجاه الآخرين.

 

وأصبحت ميركل الأقرب لجائزة نوبل للسلام فى عام 2015 نظرا لدورها فى أزمتى الهجرة فى سوريا وأوكرانيا، كما أن لميركل دورا كبيرا كأحد المساهمين فى اتفاق مينسك الذى وقع مطلع 2015 وأدى إلى وقف لإطلاق النار، الذى يحترم فى شرق أوكرانيا، حيث تتواجه القوات الأوكرانية والانفصاليون الموالون لروسيا، وقد استطاعت أنجيلا ميركل أن تلقى شعبية أكثر إبان دورها الإيجابى فى معالجة مشكلة أوكرانيا عبر الانفتاح والحوار مع روسيا، جارتها الكبرى المدججة بالسلاح.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

جنازة فى ضوء نجمة أغسطس.. رحيل صنايعى الحكى والضمير آخر عناقيد أدباء السرد فى جيل الستينيات.. "صنع الله إبراهيم" سيرة عقل صاخب وقلم وقور وروح حملت آمال مجتمع كامل

الإدارية العليا تنظر طعون انتخابات الشيوخ من اليوم حتى 24 أغسطس

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

وسائل إعلام: شركة عسكرية أمريكية تضع خطط خاصة لتطهير هايتى من العصابات خلال عام واحد

الهند تعلن ارتفاع حصيلة عاصفة مطيرة فى "جامو وكشمير" لـ 160 قتيلا ومصابا


نانسى عجرم: بقرأ أخبار حلوة عن أنغام.. أتمنى تكون صحيحة ونرجع نشوفها بأسرع وقت

من بناء الهيكل إلى محو الفلسطينيين.. أبرز شطحات الإسرائيلي المتطرف بن غفير

مقتل عنصرين جنائيين شديدى الخطورة فى تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة

قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا

سعر الذهب فى مصر يتراجع بالأسواق.. وعيار 21 يسجل 4540 جنيها


موقع معزول ومحصن أمنيا.. تعرف على القاعدة المستضيفة للقاء ترامب وبوتين

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات

أنقذها القومى للطفولة مرتين.. نجاة فتاة أبو المطامير من الزواج بعمر 16 عاما

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

غدا.. بدء تنسيق وقبول طلاب مدارس المتفوقين والنيل الثانوية الدولية 2025

حسام حسن يستقر على 25 لاعبًا لمباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو

الإمارات تدين تصريحات نتنياهو بشأن "رؤية إسرائيل الكبرى" وتصفها بـ"الاستفزازية"

البرازيلي خوان ألفينا يترقب الظهور الأول مع الزمالك

للأزواج.. ماذا تفعل حال ملاحقة زوجتك لك لسداد قائمة منقولات بقيم مبالغة؟

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى