ابن خلدون.. لماذا يكرهه البعض؟!

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
بقلم - أحمد إبراهيم الشريف
«وكنت عند وصولى إلى مصر بعثت عن ولدى من تونس، فمنعهم سلطان تونس من اللحاق بى اغتباطاً بمكانى، فرغبت من السلطان أن يشفع عنده فى شأنهم، فأجاب وكتب إليه بالشفاعة، فركبوا البحر من تونس فى السفين، فما هو إلا أن وصلوا إلى مرسى الإسكندرية، فعصفت بهم الرياح وغرق بمن فيه، وما فيه، وذهب الموجود والمولود، فعظم الأسف».. كم من الوقت مضى، وعبدالرحمن بن خلدون، يلقى بناظريه للبعيد فى المساحات الممتدة من الماء، المساحات التى لا تكشف عن شىء، فأمامه بحر كبير واسع لا حد له، يتذكر ذات يوم بعيد عبره على سطح سفينة قوية، والآن ها هو ينتظر مجىء أسرته من تونس بعد أعوام كثيرة وشفاعات متعددة، لكن أحدا لم يصل فقد غرق الجميع.
 
كلما جاءت سيرة العلامة عبدالرحمن بن خلدون أجدنى أتأمل هذه اللحظة المهمة والفارقة فى حياته «غرق أسرته» وهم على مشارف الوصول، الحادث الذى دفعه إلى طريق الزهد، وألقى بظلاله عليه طوال حياته، لدرجة أن المؤرخين يؤكدون أن إدراك «مؤسس علم الاجتماع» للمأساة لم يكن واضحا، فأحيانا كثيرة كان يسقطها من ذاكرته ويحكى عن ابنه «زيد» الذى يعمل كاتبا لدى سلطان تونس.
 
أتذكر ذلك كلما هاجم أحدهم الشيخ عبدالرحمن بن خلدون، وقلل من قيمته وعلمه، وهو ما فعله الدكتور بشار عواد معروف، فى منتدى علمى أقامه معهد المخطوطات العربية، وذهب فيه إلى أن ابن خلدون مؤرخ دون المتوسط، وأن كتابه فى التاريخ «العبر» هو نقل عن نسخة رديئة لكتاب الكامل لابن الأثير.
 
لا أعرف الغرض من التقليل من علمائنا، وهو أمر بعيد تماما عن النقد، للأسف نحن مضطرون للقول بأن الأوروبيين هم الذين اكتشفوا أهمية ابن خلدون ودوره فى بداية القرن التاسع عشر، حتى أن بالمؤرخ الإنجليزى أرنولد توينبى رفعه إلى أعلى المستويات عندما قال بـأنه أكبر منظر لفلسفة التاريخ فى كل الأزمنة وكل البلاد.. فقد بلور نظرية متكاملة عن صعود الحضارات وانهيارها وأسباب ذلك، كذلك المؤرخ الفرنسى المعروف فيرنان بروديل قال «ابن خلدون يعتبر من قبل المفكرين المعاصرين بمثابة أحد مؤسسى علم الاجتماع السياسى، وكانت فلسفته للتاريخ تقول بما معناه: الإمبراطوريات أو السلالات، كالبشر، لها حياتها الخاصة»، وكثيرون منحوا الرجل حقه ودرسوا فكره واختلفوا واتفقوا معه لكن فى حدود إدراك قيمته، لكن البعض لا يزال يؤمن بالبحث عن «دور» من خلال تحطيم الثابت من الأمور.
 
عبدالرحمن بن خلدون، رجل شغل الناس ولا يزال قادرا على فعل ذلك بأفكاره السارية منذ قرون.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تعرف على موعد صرف تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة

خلال ساعات.. نظر محاكمة 46 متهما بقضية "خلية العجوزة الثانية

بالأرقام.. مودريتش يودع ريال مدريد بعد مسيرة أسطورية

باراك: واشنطن لا تدعم إنشاء دولة لـ"قسد" فى سوريا

غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك


انفجارات عنيفة تدوي في مدينة جبلة السورية

الرئيس اللبنانى: وفد تقنى قبرصى يصل لبنان الأسبوع المقبل لمتابعة ملف الحدود

إخماد حريق في هيش ومخلفات بكورنيش النيل بحلوان دون إصابات

مانشستر سيتي: هالاند يستمع إلى ألبوم عمرو دياب الجديد

موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025


كهرباء الإسماعيلية يعتمد التشكيل الكامل للجهاز الفنى استعدادا للدورى الممتاز

خامنئى: استهداف قاعدة العديد الأمريكية ليس حادثة صغيرة بل كبيرة يمكن تكرارها

شقيق حامد حمدان: أخى فى حالة نفسية سيئة ومستعد للعب للزمالك دون شروط

محمد ثروت يهنئ ابنته داليا بعد حصولها على درجة الماجستير من بريطانيا

الزمالك يفوز على أورانج بهدف نظيف فى أولى تجاربه الودية تحت قيادة فيريرا

كردون أمنى لتسهيل عمليات إطفاء حريق مصنع منظفات وكيماويات مدينة بدر

الجفالي ومهاب ياسر والجزيرى فى تشكيل الزمالك أمام أورانج

فات الميعاد الحلقة 21.. كيف تتعامل بسمة مع مسعد بشأن وصاية ريم؟

حبس عاطلين وسيدة 4 أيام بتهمة سرقة شخص بالإكراه فى القاهرة الجديدة

حارس الأهلى يدخل ضمن الصفقة التبادلية مع سيراميكا لحسم ضم محمد شكرى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى