انقطاع الكهرباء يعيد أهل غزة لبناء واستخدام أفران الطين القديمة

الأفران التقليدية التى تُبنى من الطين وتعمل بالحطب عادت للظهور مجددا وبشكل مُلفت فى قطاع غزة وذلك مع استمرار معاناة الناس من انقطاع الكهرباء لفترت طويلة جدا يوميا.

وقوبلت عودة تلك الأفران بترحيب حار من أهل غزة الذين يجدون فيها بعض التخفيف لمعاناتهم والتى تقلل اعتمادهم فى تسوية الخبز والطعام على الكهرباء التى تقطع معظم اليوم.

ولا يحتاج الشخص لبناء فرن من الطين سوى لمزج كمية من الطين والرمل معا ثم لصانع ماهر ينفذ البناء المتقوس الذى تقوم عليه تقنية بناء تلك الأفران.

بعد ذلك يُترك الفرن ليجف تماما قبل أن يتسنى تشغيله فى تسوية الخبز واستخدامات أخرى مثل طهى الطعام وما إلى ذلك.

وقالت امرأة من أهل غزة تعمل فى صنع أفران الطين وتدعى لطيفة النجار "سبب السحب (الإقبال) عليهم ما هو من قلة الكهرباء بتكون قاطعة..بتكون قاطعة الكهرباء. على إيش بدهم يخبزوا؟! فبيحتاجوا يخبزوا ع الفرن."

وعادة ما كانت تتوفر الكهرباء فى مناطق غزة لنحو ثمانى ساعات بالتناوب لكن منذ أواخر 2016 لا تتوفر سوى ثلاث أو أربع ساعات فقط فى اليوم.

وتعتمد الفلسطينية سلمى النجار -وهى أم لتسعة أطفال- على فرن مبنى من الطين ويعمل بالحطب فى تحضير الخبز وإطعام أُسرتها.

وقالت سلمى النجار لتلفزيون رويترز "فيش كهرباء ولا فيه حاجة. ولا حطب فيه. لا خلوا (لم يُبقوا) شجر ولا حجر ولا نيلة (لا شيء). وكنا ع كل حال نروح نجيب حطب من الخلاء محوه محى (أزالوه تماما) بجرافات. والكهربا شوف وضع الكهربا كيف صعب جداً علينا."

وتعتمد غزة فى توفير الكهرباء على دول مجاورة مثل مصر وإسرائيل نظرا لتقادم محطة الكهرباء الخاصة بالقطاع وعدم تطويرها منذ سنوات. ومن لا يملكون مولدات للكهرباء من سكان القطاع هم الأكثر تضررا.

وبناء فرن من الطين يعمل بالحطب يحتاج إلى عمل يوم واحد فقط لكن متخصصا فى صناعة تلك الأفران يدعى محمد طنبور يبيع أفرانه بعد عشرة أيام من صناعتها للتأكد من إتقانها وتجملها. ويبيع طنبور الفرن بنحو 26 دولارا.

وقال طنبور "لأن هادى صناعة الأفران الطين صناعة قديمة وهادى أخذناها أبا عن جد. يعنى الحاجة الله يرحمها أمى كانت تعمل فى الأفران هادي. وأنا ظليتنى مستمر عليها عشان بالأزمات اللى فى غزة. ما أنت بتعرف ما فيش كهرباء ولا فى شي. وعشان هيك الناس بيستخدموها لما تنقطع الكهرباء عشان يخبزوا فيها ويطبخوا عليها ويعملوا عليها. عشان زى ما تقول الأزمات صار عليهن طلب وأنا ظليتنى اشتغل فيهم."

ومن ليس لديهم أفران من الطين يضطرون للجوء للمخابز الكبيرة فى المنطقة لتسوى لهم خبزهم وتطهو لهم طعامهم أثناء انقطاع الكهرباء.

وقال شاب يملك فرنا ويدعى سالم الناعوق "تم تأسيس الفرن هذا عام 2010 بسبب الأزمة. أزمة الكهرباء فى قطاع غزة. ومن قلة الشغل طبعاً. أنا خريج محاسبة من جامعة الأقصى. وطبعاً التجأت للمشروع هذا بسبب قلة الشغل وقلة الوظائف."

وأضاف "إقبال الناس بييجو ناس كثير من بره يخبزوا بسبب قطعة الكهرباء يعني. بتقطع بتجيش فى اليوم ثلاث ساعات. ساعتين.أربع ساعات الكهرباء فى البلد."

ولا تزال محطة الكهرباء الوحيدة فى قطاع غزة تعمل بنحو نصف طاقتها منذ تعرضها لأضرار جسيمة أثناء قصفها عام 2006. ويمكنها توليد مزيد من الكهرباء لكن ذلك يحتاج لمزيد من المخصصات المالية لتوفير الوقود اللازم.

وقال مسئولون الشهر الماضى إن قطر سوف تتبرع بمبلغ 12 مليون دولار لشراء وقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة فى قطاع غزة.

وتحتاج غزة لما بين 450 و500 ميجاوات يوميا لكنها لا تتلقى سوى ثلث تلك الكمية.

وتشهد الأفران التى تبنى من الطين وتعمل بالحطب إقبالا كبيرا فى قطاع غزة فى الوقت الراهن.