قرأت لك.. سيناريوهات الثورة والضجر والتهديد فى "كل هذا الهراء"

غلاف الرواية
غلاف الرواية
كتب بلال رمضان

مثقلاً بالألم والضجر، أفرغ الكاتب الدكتور عز الدين شكرى فشير، شحنة الغضب فى روايته الأحدث "كل هذا الهراء"، والصادرة حديثًا عن دار الكرمة للنشر، فى القاهرة، مسلطًا الضوء على سنوات الثورة منذ بدايتها فى يناير 2011، وحتى عام 2016.

 

وأول هذا الهراء يتمثل فى قراره بمواجهة تهمة خدش الحياء العام، والتى سجن بسببها الكاتب أحمد ناجى، موجهًا تهديدًا ونداءً حارًا لأصحاب القلوب الضعيفة والأحاسيس الخلقية والدينية والوطنية المرهفة بـ"يحلوا عن سمائى ولا يقرأوا هذه الرواية".. "أما إذا أصر البعض على القراءة، وأصابه الخدش، ولجأ إلى القضاء الشامخ، فأنزل علينا سيف القانون، وأسكننا فسيح سجونه.. فسأنشر رواية أخرى بطلها هذا «البعض»، تنكل به مثلما لم ير فى حياته تنكيلاً، وتخلد انحطاطه بكل أبعاده، وتفضح تفاصيل هذا الانحطاط فى أرجاء المعمورة، من دون محاذير ولا اعتبار للخدوش حتى يندم على اليوم الذى حبس فيه روائيًا».

 

بعد هذا التهديد والوعيد، ينتقل الراوى العليم – الكاتب – إلى لقاء عمر فخر الدين، بأمل مفيد، هذا اللقاء العابر، والذى يستمر ليومين، فى إحدى شقق حى الزمالك، قبل سفر أمل إلى أمريكا، وبعد خروجها من السجن فى القضية المعروفة إعلاميًا بـ«التمويل الأجنبى».

 

وإذا كان محور اللقاء العابر بين عمر وأمل هو «السرير»، فإن رغبتها فى ألا تقضى آخر أيامها فى مصر وحيدة، كان سببًا لأن يفتح لها عمر أبوابًا من الحكايات السوداوية لشخصيات ارتبط بهم، فيحكى ما عرفه عنهم من خلال معايشته لهم، ومستخدمًا خياله فى بعض الحكايات لسد الثغرات، وكل تلك الحكايات بتفاصيلها وأحداثها مرتبطة بمصر والثورة سواءً قبلها أو بعدها.

 

وعبر ثمانية فصول معنونة، يسرد عمر حكاياته، مارًا على العديد من الأحداث التى ارتبطت بالثورة منذ بدايتها وقبلها ومهدت لها، وفيما بعد، مثل موقعة الجمل، وكشف العذرية، والتحرش الجنسى بالفتيات، معتمدًا فى هذه الواقعة على ما نشر فى أحد المواقع الإخبارية، وكذلك استاد بورسعيد، وفض اعتصام رابعة العدوية، وواقعة المثليين، ورد فعل المجتمع.

 

وفى كل هذه الحكايات، يسرد "عمر" ميول كل شخصية ممسكًا بتفاصيلها، وبكل ما تنتمى إليه من ظروف وملابسات وأيديولوجيات واختلاف توجهاتها وانتماءاتها، إلا أنها تشترك جميعا فى الألم والشعور بالظلم والمعاناة، وكأنه يرسم لوحة جمعت أطياف الشعب المصرى، وما تتعرض له من قهر، فى جعبة واحدة اسمها «كل هذا الهراء» تمامًا كطبيب يقدم روشتة لأسباب الداء.

 

حيوات عديدة قدمها عز الدين شكرى فشير، من خلال عمر فخر الدين، منها مازال على قيد الحياة وفقًا للسرد الروائي، وأخرى قضت نحبها وماتت معذبة، لم تتوقف الحياة عندها، وكما يقول الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش فى جداريته:

 

«وكأنَّ شيئاً لم يكن

جرحٌ طفيف فى ذراع الحاضر العَبَثيِّ...

والتاريخُ يسخر من ضحاياهُ

ومن أَبطالِهِ...

يُلْقى عليهمْ نظرةً ويمرُّ...».

وهكذا ربما يجد القارئ نفسه أمام هذه الأبيات بعدما ينتهى من قراءة "كل هذا الهراء"، إلا أنه سيظل أسيرًا لما عايشه عن قرب، مستذكرًا ما عايشه أيضًا أيام الثورة، موقنًا بأن ما فعله عز الدين شكرى فشير فى روايته أنه ترك للأجيال القادمة وثيقة حية مليئة بأرواح ودماء شخصايتها.

 

شخصيات أخرى ترك عز الدين شكرى فشير باب الحياة مفتوحًا أمامها، ربما يعود إليها فى رواية جديدة ليكمل مسيرتها، وربما يتركها تواجه مصيرها ولا يتتبعها أو ينتظر لقاء أحد شخصياتها ليعطيه تسجيلاً صوتيًا لحكاياتهم، كما حدث فى هذه الرواية.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الإعدام لسيدة وعشيقها بالمنوفية بعد قتلهما الزوج بحيلة شيطانية

التأمينات الاجتماعية تحدد موعد صرف معاشات يناير 2026.. اعرف اقرب منفذ ليك

قرار جديد من النيابة فى واقعة تعرض 12 طفلا للاعتداء داخل مدرسة بالتجمع

ترامب يعلن خطوبة نجله جونيور.. ونيويورك تايمز: الثالثة.. فيديو

بطل جديد فى حادث سيدنى.. شاهد ما فعل الرجل ذو القميص الأرجوانى


هل يُشارك إمام عاشور فى تشكيل منتخب مصر أمام نيجيريا الليلة؟

الأرصاد: تدفق السحب على مناطق من شمال البلاد وسيناء مصحوبة بأمطار عشوائية

تعرف على بديل تريزيجيه فى تشكيل منتخب مصر أمام نيجيريا

رئيس وزراء بيهار الهندية ينزع نقاب طبيبة مسلمة ويثير غضبا واسعا

مفاجأة فى مستقبل محمد صلاح مع ليفربول قبل أمم أفريقيا 2025


بطل سيدنى السورى.. تفاصيل رسالة أحمد الأحمد قبل سوء حالته وفقد الإحساس بذراعه

وزارة الصحة توجه للمواطنين رسائل هامة لمنع عدوى الأنفلونزا.. صور

بلاغ ضد نادية الجندى بتهمة القذف والتشهير بفريال يوسف

مقتل عنصر شديد الخطورة وضبط مخدرات بـ100 مليون جنيه

الإسكان الاجتماعى:نستهدف بناء أكثر من 68 ألف وحدة سكنية خضراء صديقة للبيئة

أوروبا بلا أطفال.. مليارات الحوافز تفشل فى وقف تدهور الخصوبة

أحمد السقا: أصحابى دعمونى أمس والنهاردة قالوا عليا عندى إيجو

قانون التأمينات يحدد 4 حالات تُقطع فيها معاشات المستحقين أول الشهر

الفوز الأول.. كأس عاصمة مصر تفتح باب الحلم لسيراميكا أمام الأهلي

موعد بداية كأس أمم أفريقيا ومواعيد مباريات منتخب مصر.. إنفوجراف

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى