حينما يفقد المجتمع قلبه يفقد عقله

سامح جويدة
سامح جويدة
سامح جويدة

فى تصورى المتواضع أن أهم ما أصابنا فى السنوات الأخيرة هو انتشار الكراهية

 

حينما يجتاح حياتنا هذا الكم من المغالطات والانكسارات والغموض، فلا مناص من أن نهتز، ولا فرار من أن نضطرب، وليس بعجيب أن يصاب بعضنا بالجنون. وإن كان الجنون يصبح أحيانًا نعمة، فهو الجنة التى تسافر لها العقول بعدما سحقها ظلم الأرض، وهو الجدار الذى يخفى عن صاحبه قسوة الناس، ولكن معظمنا لا نال الهدوء على الأرض ولا اختفى بجدار الجنون عن شراسة الحياة.. أغلبنا يقف على حافة الاضطرابات النفسية، من اكتئاب وقلق ووساوس وفوبيا واغتراب.. الملامح فى الشوارع غاضبة مشحونة حادة متحفزة، النزاعات والمشاحنات فى أى شىء، وبلا أسباب أو مقدمات، مظاهر التعسف والعنف أصبحت واضحة فى تعاملاتنا اليومية، إما بالكلام أو بالإشارات أو بالنظرات، عدم الثقة واللامبالاة والاستقواء أصبحت من علامات المجتمع، أصبح من النادر أن تجد وجوهًا سعيدة مستبشرة وهى ذاهبة للعمل، أو أن يطل عليك وجه باسم وأنت تبيع أو تشترى! حتى أصبح التوحد والتقوقع سمة أو أسلوب حياة، فهل هذا طبيعى؟! ولماذا تزداد حدة هذه الظواهر؟ ولماذا تنتشر بين الناس؟

طرحت على أصدقائى بـ«الفيس بوك» هذا السؤال: هل المشاكل والعقد النفسية لها علاقة بالبلد والجنسية؟

كنت أتصور أن أغلبهم سيضحك، أو يرد بطرافة أو بسخرية، أو يناقش القضية بشكل إنسانى مجرد، لا فرق فيه بين مصرى وأمريكى ويابانى، ولكننى اكتشفت أن الكل يدرك جيدًا هذه التغيرات، ويرى اهتزازات واضطرابات سلوكية ونفسية تجتاح من حوله، كل منهم قدّم أسبابًا منطقية، ورؤية شخصية لارتباط الجنسية المصرية باضطراباتنا النفسية. «طارق وأحمد وحسن والباز» قالوا إن مستويات الفقر المرتفعة، وانخفاض الدخل، وانتشار البطالة والجهل والمرض، يصيب أى مجتمع بالسكتة الدماغية، وليس بالاضطرابات النفسية فقط، قالوا إن الحفاظ على كرامة المواطن وحقوقه هى التى تحافظ له على سلامة عقله، أما الفزع من الأمن أو البلطجية، والخوف من الظروف الاقتصادية الصعبة أو السياسية المتخبطة، فلابد أن تؤدى إلى هذا الاضطراب والتوهان، بينما «سها وسونيا وعزة وعبير» يعتقدن أن الخلل النفسى الذى أصابنا بسبب الخطاب الدينى المنحرف والمتشدد، والتناقض الذى نعيشه بين مظهر الطيبة والورع الذى نحيط به أنفسنا، وبين العنف والفساد اللذين أصبحا جزءًا من تركيبتنا الاجتماعية، وعدم وجود أى رادع قانونى أو أخلاقى لمواجهة هذا الشطط، قالوا تذكر كيف كان المصريون قبل ظهور التشدد والتطرف الدينى، وكيف كانت الحياة بسيطة بلا عقد أو مشاكل، أما «إيمان وعصام وشيخون وعمرو» فكتبوا مظلمة طويلة عن اختفاء العدالة الاجتماعية، سواء فى تعاملات الدولة مع الأفراد، أو فى تعاملات الأفراد مع بعضهم البعض، فلا رحمة، ولا إنسانية، ولا احترام.. مجتمع يحترم الفاسدين واللصوص، ودولة تتصالح مع المجرمين، وتمجد الشر، وتجمل القبح، كل هذا يؤدى إلى فقدان الثقة والاغتراب والجنون. قالوا إن حقوق المواطنة ضائعة، وحقوق الوطن غائبة، فما بين الفقر المدقع والفساد المفجع يقع الناس فى اللامعقول، بينما يعتقد «فيصل ونسرين ومى وعماد» أن المشكلة تكمن فى ضعف الوازع الدينى، وانعدام التربية، وعدم وجود قيمة للفضيلة والأخلاق. كلهم أجمعوا على أن السفر للخارج، سواء للعمل أو السياحة أو الهجرة، يغير فى نفسيتهم الكثير.. إن الحياة فى الكثير من الدول تمنح مقدارًا أكبر من الراحة النفسية، رغم الغربة، ورغم أن بعضها لا يختلف عن مصر فى المشاكل الاقتصادية أو النظم السياسية.. فى تصورى المتواضع أن أهم ما أصاب المصريين فى السنوات الأخيرة هو انتشار الكراهية، ولا أعرف هل هذا عرض أم من أسباب المرض، ولكننا جميعًا ناقمين على بعضنا البعض على اختلاف الثقافات والسلطات والمستويات الاقتصادية.. مجتمع فقد قلبه لا بد أن يفقد عقله.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

موعد مباراة بي اس جي ضد ريال مدريد في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة

رئيس الوزراء: حريصون على وضع تصور واضح لمستأجرى "القانون القديم"

بالأسماء.. القائمة الوطنية تتقدم بأوراقها لانتخابات الشيوخ عن قطاع شرق الدلتا

صوت من وسط الدخان داخل حريق سنترال رمسيس.. وائل مرزوق لم يخرج من مكتبه لكن بقيت قصته.. تفاصيل آخر مكالمة لموظف الموارد البشرية مع زميلته تكشف لحظات الوجع: "مش عارف أخرج.. إحنا كده خلاص".. صور

باريس سان جيرمان يتحدى ريال مدريد في قمة ساخنة بنصف نهائي كأس العالم للأندية.. بطل أوروبا يواجه الملكي تحت "وطأة الغيابات".. كيليان مبابي ضد إنريكي بلقاء "تصفية الحسابات".. وتشيلسي ينتظر الفائز في مشهد الختام


رئيس الوزراء يشدد على التأكد من السلامة الإنشائية لمبنى سنترال رمسيس

أطلق النار على رأسها.. معاينة جثمان ضحية القتل على يد طليقها فى أكتوبر

هل يستطيع ترامب شل حركة "إف-35" فى أوروبا؟.. تقارير: مخاوف متصاعدة من "زر أمريكا"

مصدر بالاتحاد المنستيرى: الزمالك فاوضنا لضم محمود غربال.. وهذا موقفنا

"تسجيلات مسربة" ترامب يهدد بقصف روسيا والصين و قمع الجامعات.. التفاصيل


محمد صلاح يشترى فيلا فاخرة فى تركيا.. السعر مفاجأة

ضبط قضايا اتجار بالعملة بقيمة 4 ملايين جنيه

حسام وإبراهيم حسن يطمئنان على مروان عطية

الداخلية تضبط عناصر شديدة الخطورة بحوزتهم مخدرات بقيمة 34 مليون جنيه

الداخلية تضبط 34 سائقا متعاطيا للمخدرات على الطريق الإقليمي

نونيز يمنح نابولى الأولوية للانتقال إلى صفوفه فى موسم 2025-2026

نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025.. مراجعة الدرجات وتجميعها

تجهيز نتيجة الدبلومات الفنية 2025 وإتاحتها إلكترونيا للطلاب

الأندية تعترض على عقوبة إنذارات اللاعبين فى لائحة الدورى الجديد

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى