نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الثانى

هل ينجح «نمط الحياة الأمريكية» فى استمرار التفوق الأمريكى؟

عبدالفتاح عبدالمنعم
عبدالفتاح عبدالمنعم
بقلم - عبدالفتاح عبدالمنعم
اليوم نواصل تشريح الشخصية الأمريكية بكل مكوناتها وتركيباتها وتنوعها، وذلك من خلال الدراسة التى نشرها العالم «غورير» من خلال كتابه المعنون بـ«The American People,A Study in National Character»، وهى الدراسة الأولى التى غاصت فى الشخصية الأمريكية، وإن كنت قد كتبت فى المقال السابق أن دراسة «غورير» تحمل جزءًا كبيرًا من الحقيقة، خاصة أن صاحب الدراسة قد التمس نقطة الضعف هذه، فإن ذلك لا يعنى بحال استمرار صلاحية تحليله للشخصية الأمريكية، فقد لحق التغيير بنظم التربية «نعايش حاليًا الجيل الأمريكى الذى تربى وفق مبادئ الدكتور سبوك، وهو ما عرف بالتربية الحديثة التى حولت الأطفال إلى متحكمين بأهاليهم»، وبالتركيبة الديموغرافية، ومستوى الدخل الفردى، ومستوى الهيمنة العالمية للولايات المتحدة. هذه المتغيرات وكثيرة غيرها تسقط تحليل «غروير»، وتجعله مجرد مرجع لتلك الحقبة، وهذا يقودنا إلى طرح السؤال حول الشخصية الأمريكية المعاصرة بعد كل هذه التبديلات.
 
إن الموزاييك الأمريكى الذى يزداد تعقيدًا مع مرور الوقت، يقطع الطريق أمام مجرد محاولة الحديث عن شخصية أمريكية بالمعنى القومى لسمات الشخصية الجمعية، ولقد أدرك الأمريكيون هذه الاستحالة، لذلك طرحوا المسألة على صعيد ما أسموه بـ«نمط الحياة الأمريكية»، بما ينسجم مع تعدديتهم التى تضعهم فى ردة فعل «دفاعية - فكرية»، تجعلهم يرفضون القوميات والأفكار القومية، وهذا ما سيقود للحديث عن الأمة الأمريكية عوضًا عن القومية الأمريكية، وبذلك يصبح استكشافنا لهذه الشخصية مرتبطًا بالفكر المقرر لنمط الحياة الأمريكى، وهو الفكر البراجماتى الإنسانى الذى تسعى الولايات المتحدة اليوم إلى عولمته، بما يعادل فرض نمط الحياة الأمريكية على شعوب العالم، وهنا تكمن مفارقة شديدة الأهمية، إذ إن نمط الحياة هو سلوك برهنت التجربة الأمريكية على كونه قابلًا للاعتماد من أشخاص وجماعات ينتمون إلى مختلف الثقافات والأعراق، والسلوك هو نمط تصرفات وحياة قابل للاعتماد من قبل الشخصيات المختلفة، أى أنه من الممكن اعتماد النمط السلوكى مع الحفاظ على الشخصية ومعها على الفروق الفردية، وهذا ما يقودنا للحديث تفصيلًا عن نمط الحياة الأمريكى ومنطلقاته التى طالما تعرضت للسخرية لكونها لا ترقى إلى مجال الفلسفة، وهذا ما حال دون تحويل هذا النمط إلى نظام أيديولوجى، وها هو هذا النمط يحفظ استمراريته بعد غياب «سقوط» الأيديولوجيات، لدرجة استغلال الفراغ الناجم عن هذا الغياب، من أجل الدعوة لعولمة هذا الفكر البراجماتى، ونمطه الحياتى.
 
نصادف عناصر الفكر البراجماتى موزعة فى محطات عديدة من التراث الإنسانى، بل إننا نجد أثر هذه العناصر فى بعض الديانات القديمة، كما نجدها فى العديد من الأساطير القديمة والمنسوخة، إلا أن انتظام الفكر البراجماتى شهد بداياته عند «نيتشه»، حيث طغت عليه النزعة التشاؤمية، فى حين يعتبر الفيلسوف الأمريكى وليام جايمس المؤسس الفعلى للبراجماتية، الذى أصدر أول كتبه بعنوان «مبادئ السيكولوجيا»، مكرسًا فيه قناعته بضرورة انحسار طموحات الفلسفة من الكون إلى الإنسان، مطلقًا نظريته البراجماتية التى لم تتجاوز كونها مجرد واحدة من نظريات المعرفة، ولم تكن نظرية «جايمس» لتقاوم وتستمر حتى الآن لولا التطوير الذى أدخله عليها الفيلسوف فرديناند كانغ سكوت شيلر «1864 - 1934»، الذى أطلق ما عرف باسم «البراجماتية الإنسانية»، وهو يعتقد أن إنسانية نظريته تعود إلى الأهمية المركزية للإنسان فيها، فقد حافظ «شيلر» على مبدأ «جايمس» بالحكم على قيمة المعرفة من خلال منفعتها. وبما أن الإنسان هو الحكم على هذه المنفعة، فان «شيلر» يعطيه مكان الصدارة فى التفلسف، بحيث يشارك فيه بحسه وعقله وادراكاته، وحتى بوجدانه.
 
وبذلك يعتبر شيلر أن الإنسان هو المركز لكامل العالم الفكرى، جامعًا بذلك بين أكسيولوجية بروتاغوراس القائلة بأن الإنسان هو المرجع فى الأمور جميعها، وبين تشاؤمية «نيتشه»، القائل بأن الإنسان هو حيوان لن نصل يومًا إلى فهمه. وانطلاقًا من أهمية الإنسان فى هذه النظرة، اعتبر «شيلر» أن مذهبه هو «المذهب الإنسانى للبراجماتية»، وبهذا فهو يسمح لنفسه باستبدال أحكام «الوجود» بأحكام «القيمة»، وهكذا تتحول الحقيقة إلى مجرد أداة للعمل «بعد أن فقدت إطلاقيتها وتجريديتها» وهى لا تصبح واقعة إلا بفعل الإنسان فيها. وقبل متابعة شرحنا لنظرية «شيلر» نود إيراد الخلاصة العملية لهذه النظرية، التى تنعكس بوضوح على نمط الحياة الأمريكى، حيث يمكن اختصارها بالمبادئ التالية:
 
1 - يجب احترام جميع المعتقدات حتى ما يبدو لنا منها باطلا، شرط أن يكون أصحابها صادقين ومخلصين لها.
2 - يجب الابتعاد عن مواقف التشيع والانحياز.
3 - يجب الابتعاد عن المواقف التحزبية.
4 - يجب الابتعاد عن مواقف العنصرية والتمييز وتجنبها.
5 - يجب اعتماد قيم التسامح والشمولية الإنسانية.. وغدًا نواصل.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

شبان يتصدون لهجوم المستوطنين فى بلدة سنجل شمال رام الله

منتخب مصر يخوض أول تدريباته باستاد السلام استعدادا لإثيوبيا فى تصفيات كأس العالم

نتنياهو: ترامب يدعم استخدام القوة الكاملة فى التعامل مع غزة

بدء العد التنازلي.. خسوف كلي للقمر يرى بمصر الأحد المقبل

اليوم.. الذكرى الـ13 لرحيل محمود الجوهري "جنرال" الكرة المصرية


أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. ألمانيا تنتقد تصريحات المفوضية الأوروبية بشأن خطط نشر قوات بأوكرانيا.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف على غزة.. التعاون الخليجي: قلقون من عجز المجتمع الدولى أمام الاحتلال

أزمة هجوم الزمالك تفتح الباب أمام عودة الجزيرى للحسابات

بايرن ميونخ يضم نيكولاس جاكسون رسميا معارا من تشيلسى

اخلاء سبيل الراقصة بوسى فى اتهامها بنشر مقاطع مبتذلة بكفالة 5 آلاف جنيه

منتخب السباحة بالزعانف يستعد لبطولة العالم للمياه المفتوحة بالعلمين


تجمع خيالة الصعيد بقرية منشأة العمارى فى الأقصر بليالي المولد النبوى الشريف.. البلدة تنظم 13 ليلة في حب رسول الله بالمرماح.. عادة تراثية منذ عشرات السنين.. تبدأ في ربيع الأول وتختتم في ليلة المولد.. فيديو وصور

ريبيرو يودع الأهلى بكلمات مؤثرة: حاولت العمل باحترافية والمهم الذكرى الحلوة

الآن.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الثانى

فيديو مثير بالسيدة زينب.. "سايس" يقفز على سيارة لإجبار قائدها على التوقف

‎حسام حسن يفاضل بين دونجا ومهند لاشين لتعويض غياب مروان عطية أمام إثيوبيا

تقرير رسمى يكشف ارتفاع الإنتاج الحيوانى.. صغار المربين يمتلكون 70% من إجمالي الثروة الحيوانية.. إنتاج الألبان يصل لـ 7 ملايين طن.. اللحوم الحمراء إلى 600 ألف طن.. وزيادة عدد رؤوس الجاموس إلى 1.53 مليون رأس

مؤتمر صحفى للهيئة الوطنية الخميس لإعلان نتيجة جولة الإعادة بانتخابات الشيوخ

بين المطرقة والإزميل.. شقيقان يرويان قصة عشق النحاس منذ الطفولة وحتى الاحتراف: بنشكل من المعدن تحف وأنتيكات.. رسوماتنا تتنوع بين الفرعونى والفارسى والإسلامى.. المنتج المصرى يحظى بتقدير العالم.. صور

الدفاع المدني السعودى يحذر من أمطار غزيرة في مكة بدءًا من الغد

ليفربول يوافق على إعارة إليوت إلى أستون فيلا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى