"استقلال القضاء" يدفع تونس لأزمة جديدة.. قانون المجلس الأعلى أمام الرئيس للتصديق عليه.. القضاة يصفونه بتدخل سافر من السلطة التنفيذية ويتوعدون باضراب يشل المحاكم التونسية..والمعارضة تجمع توقيعات للطعن

أزمة القضاة فى تونس
أزمة القضاة فى تونس
كتبت آمال رسلان

تقف تونس على أعتاب صدام وشيك بين السلطة التنفيذية والقضائية على خلفية قانون المجلس الأعلى للقضاة والذى أقره البرلمان نهاية مارس الماضى، وتمت إحالته الى الرئيس حافظ قائد السبسى للتصديق عليه وبدء العمل به وسط حالة احتقان تتصاعد فى صفوف القضاة التونسيين الرافضين للقانون الذى يرونه مزيدا من السطوة للحكم على السلك القضائى.

 

وما أن تمت إحالة القانون من البرلمان الى قصر قرطاج حتى بدأ القضاة فى اتخاذ خطوات تصعيدية فى محاولة آخيرة لإثناء الرئاسة عن اقراراه والدخول فى مرحلة صدام مباشر، حيث دعت جمعية القضاة التونسيين، فى لائحة أصدرتها فى إختتام مجلسها الوطنى المنعقد أمس الأحد بسوسة، إلى إستئناف التحركات الإحتجاجية للقضاة.

 

تلك الإحتجاجات ليست الأولى لهم خلال الشهرين الأخيرين وتعد الأكبر، حيث قرروا الإحتجاج بداية من 24 أبريل الجارى بحمل الشارة الحمراء، وتأجيل النظر فى القضايا وتأخيرها على حالتها على إمتداد خمسة أيام ، مطالبين رئيس الجمهورية ، بعدم التصديق على القانون المنقح لقانون المجلس الأعلى للقضاء من أجل حماية المؤسسات الدستورية محذرين من العواقب الوخيمة لهذا القانون المنقح ، باعتباره مخالفا للدستور ويهدف الى المس من إستقلالية المجلس واضعاف قراراته .

 

وتضمنت لائحة المجلس الوطنى لجمعية القضاة التونسيين، كذلك التأكيد على أن تدهور الوضع المادى للقضاة ، يستوجب التحرك العاجل من الحكومة لتحسين مرتبات القضاة، محملة السلطة التنفيذية مسؤولية الاحتقان داخل الجهاز القضائي، بسبب العودة إلى السياسات الإنفرادية والإقصائية فى التعاطى مع أوضاع المحاكم ومشاغل القضاة المادية والمعنوية.

 

القانون كان قد أثار جدلا كبيرا داخل البرلمان التونسى بعد تمسك المعارضة برفضها لتعديل قانون المجلس الأعلى للقضاء فى تونس، وصلت الى حد مقاطعة الجلسة البرلمانية للتصويت عليه، وشهدت جلسة البرلمان انسحاب كتل الاتحاد الوطنى الحر والجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية  تعبيرا عن رفضها لمشروع الحكومة الذى اعتبرت فيه تآمرا على القضاء، فيما لم يحضر بقية النواب.

 

وعبرت المعارضة عن تمسكها برفض المشروع معتبرة أن المسألة قضائية بحتة ولا يمكن للسلطة التنفيذية أو التشريعية الحسم فيها، واتهموا كتلة حركة النهضة الإسلامية بالبرلمان وكتلة نداء تونس حزب الرئيس، وشركاء الحكم، بالتآمر على القضاة والتوحد من أجل تمرير قانون الحكومة، وعمل نواب المعارضة على جمع توقيعات للطعن على مشروع الحكومة.

 

وحاول وزير العدل غازى الجريبي، الدفاع عن القانون أمام البرلمان مؤكدا إن "كل ما قيل بأن السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية تريد التدخل فى القضاء لا أساس له من الصحة".

 

وأزمة القضاة ليست جديدة فى تونس إلا أنها شهدت تصعيدا خلال الشهور الماضية غير مسبوق، فمعركة استقلال القضاء تعود الى عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن على حيث كان المجلس الأعلى للقضاء يعد جهازا تابعا للسلطة التنفيذية، وكان الرئيس الأسبق يترأسه ويعيّن أغلبية أعضائه، فيما كانت وزارة العدل تديره.

 

وكان المجلس طبقا للقانون الأساسى للقضاة وقتها هو المسئول عن تعيين وترقية ونقلة وتأديب القضاة، وكانت هناك اتهامات مستمرة للسلطة بأنها تستخدمه أداة لردع القضاة المعارضين، ما عزز أزمة الثقة لدى الناس تجاه القضاء.

 

وظن القضاة بعد ثورة الياسمين فى يناير 2011 أن استقلال القضاء سيكون التحرك الأول للديمقراطية الوليدة، إلا أن البلاد غرقت فى عملية التحول الديمقراطى وغرقت معها قضية استقلال القضاء، الذى ظل القضاة ينادون به على مدار الست سنوات الماضية دون ملل، وخرجوا فى مظاهرات عديدة الى الشارع بالزى الرسمى فى سبيل التكريس الفعلى ل «استقلال القضاء» .

 

وكان أمر تشكيل المجلس الاعلى للقضاء من الاستحقاقات الاولية للمنظومة القضائية الا ان مساره تعثر وتعطل بين رؤية شيوخ القضاة وبين وجهة نظر السلطة فى تشكيلة، ووضعت الحكومة قانونا شهد معارضات من قبل القضاة واعتبروه جائر فى حق استقلال القضاء، ورغم المعارضة تم انتخاب أعضاء المجلس فى أكتوبر الماضي.

 

وفى أعقاب ذلك تقاعد رئيس محكمة التعقيب، أعلى المحاكم بتونس، والمكلف الوحيد بالدعوة لأولى جلسات المجلس الأعلى الجديد للإنعقاد، ورشح قبل تقاعده قاضى لخلافته إضافة لقضاة ساميين فى مناصب قضائية عليا ليلتحقوا بالمجلس الأعلى للقضاء بحكم صفتهم، إلا أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد رفض التوقيع على هذه الترشيحات مما عرقل عقد أولى جلسات المجلس فى تشكيلته الجديدة.

 

ووسط حالة التجاذب بين إصرار القضاة على تعيين من يتم ترشيحهم من قبل رئيس المحكمة وبين رفض الحكومة تفاقمت أزمة القضاة، وجددوا تمسكهم بضرورة توقيع رئيس الحكومة على أوامر تسمية القضاة وفقا للترشيحات المقترحة من قبل عن الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي، لاستكمال تركيبته المجلس، أو بتفعيل المبادرة القضائية التى حازت على موافقة أكثر من ثلثى أعضاء المجلس.

 

وحاولت الحكومة إدخال تعديلات على مشروع القانون لتجاوز الأزمة، وتقضى التعديلات الجديدة بسحب صلاحية الدعوة إلى الجلسة الافتتاحية للمجلس من رئيس الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء، وأن تسند إلى رئيس البرلمان، وأن ينص على عدم إمكانية الطعن فى هذه الدعوة، وهو ما اعتبره معظم القضاة "تدخلا سافراً" من الحكومة فى استقلالية القضاء.

 

وأعلنت "جمعية القضاة التونسيين" رفضها مبادرة الحكومة لحل الأزمة، وقالت رئيسة الجمعية، راضية القرافي، أن المبادرة التشريعية "مخالفة للدستور" و"مساسا باستقلالية القضاء" الذى يكفله مبدأ الفصل بين السلطات، معتبرة منح صلاحية الدعوة لانعقاد الجلسة الأولى للمجلس إلى رئيس البرلمان، خرقا للدستور.

 

والأن أصبحت الكرة فى ملعب الرئيس بعد أن أصبح قصر قرطاج صاحب الكلمة الآخيرة إما إقرار القانون وبدء العمل به على عكس رغبة القضاة، أو الجلوس لطاولة الحوار وأخذ مطالب القضاة بالإعتبار، ولم يعد أمام القضاة التونسيين سوى أمل أن تؤتى تلك الإحتجاجات المقبلة ثمارها فى ظل استغلالهم لقرب موعد الإنتخابات البلدية الأولى فى تونس منذ الثورة، والتى قد تشهد عرقلة فى حال غضب القضاة. 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

إنقاذ سيدة حاولت إلقاء نفسها أمام القطار بمحطة مترو الدقى

إخلاء سبيل التيك توكر علاء الساحر في تهمة احتجاز شخص والاعتداء عليه

شاب يختلق واقعة تعرضه لعملية سطو من أجل إقناع خطيبته بالصلح فى الهرم

علا الشافعى تحضر حفل ياسين التهامى بمهرجان القلعة

ياسين التهامى يتألق فى حفل مهرجان القلعة وسط أجواء روحانية.. صور


7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم الأحد 17 - 8 - 2025

مسنة فيومية عمرها 80 عاما تقهر المثل الشعبي "بعد ما شاب ودوه الكتاب" وتحصل على شهادة محو الأمية.. الحاجة مبروكة: حققت حلمي حياتي إني اتعلم لأقرأ القرآن.. ومحافظ الفيوم يكرمها ويمنحها رحلة عمرة وفرصة عمل لحفيدها

تفاصيل وموعد أول أيام شهر رمضان 2026 فلكياً

محمود سعد: أنغام تعانى من ألم شديد والأكل فى تراجع ومفيش كلام عن موعد خروج

نانت ضد بى إس جى.. مصطفى محمد يقود هجوم الكنارى في افتتاح الدورى الفرنسى


مصور واقعة "مطاردة فتيات الواحات" يكشف كواليس لم ترصدها كاميرا هاتفه

مصر تفوز على تونس وتتوج بالبطولة العربية لناشئات السلة

محافظ الجيزة يقود أعمال إزالة 6 أبراج مخالفة بشارع اللبيني فى الهرم.. صور

ريبيرو يُعيد الشناوي لحماية عرين الأهلي أمام المحلة وبيراميدز فى الدوري

الداخلية تكشف تفاصيل تعدى شخص على زوجة شقيقه فى الزقازيق بالشرقية

الداخلية تعيد شخصا من ذوى الهمم إلى أسرته بمركز سنهور فى الفيوم

ضبط مرتكبى مشاجرة أمام كافيه شهير بكورنيش سيدى جابر بالإسكندرية

وزير الإسكان: طرح وحدات المرحلة الثانية من خلال "منصة مصر العقارية"

ريبيرو يستقر على ظهيري الأهلي فى مباراة غزل المحلة بعد غياب محمد هاني

موعد المولد النبوى الشريف 2025.. ذكرى ميلاد خير البشرية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى