وكيل الأزهر: مخطئ من يظن أن أمنَ وطنه أو رفعته يتحقق على حساب وطن آخر

جانب من المؤتمر
جانب من المؤتمر
كتب لؤى على

 قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن ما يمر به العالم اليوم من أحداث يندى لها جبين البشرية، ولم يكن عالمنا الإسلامى والعربى بمعزِل عن هذه الأحداث المؤسفة، بل إن منطقتنا العربية تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية إلى كوارثَ متلاحقةٍ أصابت كثيرًا من الناس فى دمائهم وأموالهم وأعراضهم، من خلال بث الفتن، وإشعال الحروب التى دُمرت خلالها دول بكاملها، وقُسمت أخرى لطوائف وفِرق متناحرة.

وأضاف فى ختام مؤتمر دورالمؤسسات الدينية فى عمليات بناء السلام والحوار بلبنان، إن هناك عدةَ حقائقَ تمثل إطار تعاونِ الأزهر الشريف مع المؤسسات الدينية الرسمية، ومن هذه الحقائق، خاصة وأن الإسلام دين مرتبط بالأديان السماوية برباط عضوى لا ينفصم، فنحن المسلمين نؤمن بأن كلًّا من التوراة والإنجيل والقرآن هدًى ونورٌ للناس، وأن اللاحق منها مصدِّق للسابق، ولا يتم إيمان المسلم إلا إذا آمن بالكتب السماوية وبالأنبياء والرسل جميعًا.

وأوضح شومان أن التعدد الدينى فى الوطن الواحد لا يعد مشكلة ولا ينبغى أن يكون، وقد علَّمَنا ديننا الإسلامى الحنيف كيفية التعايش فى ظل التعددية الدينية، وذلك من خلال المشتركات الإنسانية التى تشمل كل مناحى الحياة، أما الجانب العقدى والتعبدى فلا يضر علاقاتِ البشر فى أمور حياتهم اختلافُ تعبدهم لخالقهم، فشعار ديننا الحنيف: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ»، و«لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِى دِينِ».

 وأشار شومان إلى أن الأزهر الشريف حريص كل الحرص على التواصل والتعاون مع المؤسسات الدينية الرسمية المعتبرة داخلَ مصرَ وخارجَها، وتبادلِ الرؤى والأفكار مع مختلِف الحضارات والثقافات بما يحقق الأمن والسلام للبشرية كافة، ويسعى الأزهر جاهدًا لترسيخ قيم التعايش المشترك، وقبول الآخر، ونبذ العنف، ومواجهة التطرف، وإرساء دعائم المواطنة والتعددية، وتبنى ثقافة حوار حقيقى مع الآخر يقوم على أساس من التعددية الفكرية والتنوع الثقافى، ويكون نابعًا من الاعتراف بالهويات والخصوصيات، ويحترم الرموز والمقدسات، ويعمد إلى المشتركات ولا ينبش فى الاختلافات.

وتابع: إن الأزهر الشريف قد حقق نجاحاتٍ كبيرةً داخلَ مصرَ وخارجَها من خلال إقامة حوارات دينية حضارية حقيقية، راعت الضوابط العلمية، وحافظت على ثوابت الدين، وكان لها نتائج ملموسة على الصعيد الوطنى والعالمي. ومن هذه الحوارات على سبيل المثال (الملتقى الدولى الأول للشباب المسلم والمسيحي) الذى عُقد فى أغسطس الماضى بمشاركة وفد من شباب الأزهر الشريف ووفد من مجلس الكنائس العالمى يضم نحو أربعين شابًّا وفتاة يمثلون طوائف وجنسيات مختلفة، وقد تحاوروا لمدة يومين فى قلب مشيخة الأزهر حول دور الأديان فى بناء السلام ومواجهة التطرف. وقد كان لمركز الأزهر لحوار الأديان دور رائد فى هذا الإطار سيتوج نهاية هذا الشهر بمشيئة الله تعالى بتوقيع ميثاق السلام بين الأزهر والفاتيكان خلال الزيارة التاريخية المرتقبة للبابا فرانسيس، وهو ما يعد خيرَ شاهدٍ وأوضح دليلٍ على أهمية التعاون والترابط بين المؤسسات الدينية فى تعزيز السلام.

وتساءل شومان :" كيف نعمق التواصل والترابط بين المؤسسات الدينية الرسمية فى عالمنا العربى والإسلامى بما يسهم فى تحقيق السلام، وحماية شبابنا من الانخراط فى أفكار جماعات التطرف أو الإلحاد، ووقف مخططات دولية خبيثة تهدف لتدمير مستقبل شعوبنا، وتهديد أمن أوطاننا، وزعزعة استقرار مجتمعاتنا؟

وأضاف :" فى اعتقادى، إن ذلك لن يتحقق إلا بإنكار الذات، وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الخاصة، والبناء على ما هو قائم اليوم من التعاون والتواصل بين المؤسسات الدينية الرسمية المعتبرة فى عالمنا العربى الإسلامى وفى العالم كله للوصول إلى ما ننشده من ترابط وتكامل، مع الالتزام بمنهجنا الإسلامى القائم على الوسطية والاعتدال، والفهم الصحيح لنصوص الأديان، وترسيخ قيم التعددية وقبول الآخر، وتحقيق المواطنة الكاملة بين أبناء الشعب الواحد.

وقال شومان:" إننا نحتاج إلى مواقفَ جِديةٍ مشتركة من أجل إسعاد البشرية، لأن العالم اليوم يعلق آمالًا كبيرة على المؤسسات الدينية الرسمية من أجل نشر الخير وتعزيز السلام، والأزهر الشريف يعمل بجميع هيئاته التقليدية وآلياته المستحدثة على نشر وسطية الإسلام، ويبذل مبتعثوه المنتشرون فى أنحاء العالم جهودًا حثيثة من أجل تحقيق السلام، وترسيخ القيم الإسلامية السمحة، ومواجهة الفكر المتطرف.

وأشار شومان إلى أن الأزهر الشريف يوفد بالتنسيق مع مجلس حكماء المسلمين «قوافل سلام» تجوب العالم، وتخاطب الناس بلغاتهم، من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام فى مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، فضلًا عن جولات الإمام الأكبر شيخ الأزهر التاريخية فى أوروبا وآسيا وأفريقيا من أجل تعزيز السلام، وترسيخ قيم التسامح والتعايش بين مختلِف الشعوب، وحماية الإنسان - على اختلاف دينه أو عِرقه أو ثقافته - من العنف والتطرف، والقضاء على الفقر والجهل والمرض، وإقناع صناع القرار العالمى بتبنى ثقافة الحوار لحل المشكلات العالقة أو الناشئة، وتعزيز ما من شأنه نشرُ هذه الثقافة بين أتباع الأديان، ومن أجل ذلك فقد منح فضيلته صلاحياتٍ واسعةً لمركز الأزهر لحوار الأديان لتعميق ثقافة الحوار وقبول الآخر، وفتح قنوات اتصال مع المراكز المهتمة بالحوار فى مختلِف دول العالم، بهدف تعزيز التفاهم وتعميق التعاون وتكثيف الحوار البنَّاء مع أتباع مختلِف الأديان والثقافات فى العالم. ويجرى العمل الآن على إصدار دورية عن مركز الأزهر لحوار الأديان باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام.

وأضاف:" نخطئ حين نظن أن السلام بين الناس من الممكن أن يتحقق باجتماع هنا وآخر هناك، أو بترديد نصوص من كتبنا المقدسة وأحاديث المرسلين، أو بدعوات نرددها فى صلواتنا، أو بالحث على التسامح والتراحم وإدانة العنف والظلم بأشد العبارات، ويخطئ كذلك من يظن أن أمنَ وطنِه أو رِفعتَه يمكن أن يتحقق على حساب وطن آخر، ومخطئ من يظن أن سلامًا حقيقيًّا يمكن أن يسود فى ظل أرض محتلة وحقوق مغتصبة وإرادة مسلوبة، ومخطئ من يظن أن استقرارًا يمكن أن يعم مع دوى المدافع وتحليق القاذفات وسقوط المتفجرات وتناثر الأشلاء وارتفاع صراخ الثكالى وأنين الأرامل والأيتام، ومخطئ من يظن أن القوة الغاشمة تولد أمنًا أو تخلف سلامًا، أو أن تطاول الأزمنة يقر واقعًا أو يُنسى حقًّا مغتصبًا!

واستطرد :" إننا لن نَمَلَّ ولن نَكَلَّ من تَكرار أن الأمن والسلام الحقيقيين يقتضيان ممن يملكون القوة، أن يمتلكوا كذلك الإرادة لاتخاذ خطوات مباشرة وصريحة لإنهاء الاحتلال ورد الحقوق إلى أصحابها، وإنقاذ العالم من الدمار والفقر والجهل والمرض، والتوقف عن فرض الوصاية على غيرهم بالقوة، وانتهاج التمييز المقيت وسياسة الكيل بمكيالين فى التعامل مع الآخر. على الذين يمتلكون القوة أن يضربوا المثل والقدوة بالتوقف الفورى عن سباق التسلح المجنون نحو أسلحة الدمار الشامل بعد أن امتلكوا منه ما يكفى لتدمير كوكب الأرض عدة مراتٍ فى ساعات معدودة، بل عليهم اتخاذ خطوات جريئة للتخلص من هذا الجحيم المكنون الذى لا ينبغى أن يمتلكه بشرى مع ما يعتريه من انفعالات وانفلات قد يخرجه عن حد الاتزان، ومن عجبٍ أن يرى بعضهم امتلاك أسلحة الدمار الشامل هذه حقًّا مكتسَبًا لهم محظورًا على غيرهم.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فاكسيرا توجه رسائل هامة لمنع عدوى الالتهاب الرئوى فى الشتاء

الشرقية تتأهب لموسم زراعة القمح 2026 بأكثر من 400 ألف فدان.. محافظ الشرقية: حققناه المركز الأول العام الماضى.. ورقابة مشددة على الجمعيات لمتابعة صرف الأسمدة.. ويؤكد: دعم المزارعين للحفاظ على الصدارة.. صور

90 مليون دولار عالميا لفيلم Regretting You

موعد مباراة الزمالك وحرس الحدود فى كأس عاصمة مصر

تصعيد أمريكى خطير ضد فنزويلا.. ترامب يعلن حصار كراكاس


مقتل أستاذ طاقة نووية أمريكى قرب بوسطن بطلق نارى

الإخوان تحت الحصار العالمى.. حظر مباشر فى الإكوادور و5 دول فى أمريكا اللاتينية.. أوروبا تضيق الخناق على الجماعة ودول تصنفها إرهابية.. شبكات سرية وتمويل خارجى يعكس ضرورة حظرها.. ودول تتشجع لاتخاذ خطوات مماثلة

إمام عاشور يوجه رسالة مؤثرة: مريت بمرحلة صعبة ومش مستنى آخد لقطة

عمر كمال وأحمد رمضان بيكهام يشاركان أحمد عبد القادر حفل زفافه بالدقهلية.. صور

شبورة وأمطار على عدة مناطق.. تفاصيل طقس اليوم الأربعاء 17-12-2025


أحمد عبد القادر نجم الأهلى يحتفل بزفافه وسط أسرته فى الدقهلية.. فيديو وصور

أهداف مباراة مصر ونيجيريا الودية

22 قائدا للمنتخبات يدعمون محمد صلاح فى ذا بيست

منتخب مصر يهزم نيجيريا 2 - 1 فى البروفة الأخيرة قبل أمم أفريقيا.. صور

حالة الطقس غدا.. الأرصاد تحذر من شبورة كثيفة وتكشف خرائط الأمطار المتوقعة

أسطورة ليفربول يوجه رسالة نارية إلى كاراجر: محمد صلاح لم يخطئ

يورتشيتش: حزين على خسارة الدورى.. وهناك أندية لا تتوقف فى الإشارة الحمراء

حدث غير مسبوق.. قطر تستضيف نهائيين عالميين فى كرة القدم خلال 48 ساعة

زلزال بقوة 3.8 درجة على مقياس ريختر يهز أنطاليا التركية

الطقس غدا.. أجواء باردة وانخفاض بالحرارة وأمطار والصغرى بالقاهرة 12 درجة

لا يفوتك


2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش

2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 04:37 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى