«كيماوى» فى الوطن.. ولا «برفان» فى الغربة!

 دندراوى الهوارى
دندراوى الهوارى
بقلم - دندراوى الهوارى
سألت نفسى سؤالا ماذا تفعل لو كنت مواطنا سوريا، تعيش تحت نيران قصف المدافع، وقنابل وصواريخ الطائرات، والذبح والحرق والخراب والتدمير، على يد التنظيمات الإرهابية المسلحة، القادمة من كل حدب وصوب، تحت مسميات عديدة من داعش لجبهة النصرة لأحرار الشام، وجيش سوريا الحر، وغيرها من المسميات، من ناحية، وعلى يد النظام السورى بقيادة الرئيس بشار الأسد، وأتباعه الإيرانيين وحزب الله، ومن قبلهم روسيا، من ناحية ثانية؟ أو كنت هاربا تتجرع مرارة الغربة والبعد عن الأهل والأصدقاء، وتشاهد عبر شاشات القنوات الفضائية الناطقة بكل اللغات مسلسل القتل والتدمير اليومى، وينزف قلبى دما من هول المشاهد؟
والإجابة، لن تكون حاسمة واضحة، ويكتنفها الارتباك، لأن العيش فى سوريا فى ظل المشهد الدموى من جميع الأطراف كارثة، والفرار والنجاة من الموت، واللجوء لوطن بديل، أمر كارثى أيضا، إذن الأمران أحلاهما مر وعلقم، لذلك وقفت كثيرا  بالتأمل والتدبر الشديد أمام مقولة الفنان السورى الشهير «أيمن زيدان» الذى سطرها على حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» مؤخرا، ونصها: «كيماوى فى الوطن ولا برفان فى الغربة».
 
المقولة هزتنى بعنف، وأثارت فى وجدانى حالة من الارتباك الشديد، وجمعت كل المتناقضات، الخير والشر، الحق والباطل، المساواة والظلم، الرحمة والعذاب، فالفنان السورى يقصد المحرقة الكيماوية لأطفال «خان شيخون» الذى وجهت المعارضة السورية أصابع الاتهام للنظام السورى، بارتكابها، وسار خلفها المجتمع الدولى، رغم أن روسيا قدمت أدلة وبراهين تؤكد تورط التنظيمات الإرهابية المسلحة فى المحرقة، بهدف توريط النظام السورى، وتأليب المجتمع الدولى ضده، وهو ما حدث، عندما قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب توجيه ضربة عسكرية لسوريا استهدفت مطار الشعيرات العسكرى.
 
الفنان أيمن زيدان، كتب مقولته، وكانت بمثابة إلقاء حجر كبير فى المياه الراكدة تسببت فى حدوث أمواج عالية وعاتية، على مواقع التواصل الاجتماعى، ووسائل الإعلام المختلفة، وشن المعارضون حملة قاسية ضده، اتهمته بأنه يدافع عن نظام بشار الأسد، ويؤيد جرائمه، من وجهة نظرهم.
 
الفنان السورى، دعم مقولته بتوضيح مهم نصه: «هناك حقيقة يجب أن يفهمها الجميع، سوريا لن تهزم، وأن كيماوى بالوطن ولا بارفان بالغربة.. وأقسم بالله العظيم أن أظل وفيا لوطنى ومخلصا له».
 
هنا قد تتفق معه، أو تختلف، لكن يبقى طرح الفنان السورى الكبير، مثيرا للاهتمام، ويدعو للوقوف أمامه بالكثير من التدبر والتدقيق، والبحث عن توصيف حقيقى للأوضاع التى تمر بها سوريا، فى الداخل والخارج.
 
الحقيقة المؤكدة، أن الوضع السورى كارثى، وأصبح قرار الحل، وإعادة الأمن والاستقرار، أمرا مستحيلا، يضاف إلى المستحيلات الأربعة الشهيرة، فالوضع بالغ التعقيد، وأن ريف دمشق وحلب وحمص ودير الزُّور وتدمر وباقى المدن والقرى السورية، ملعبا ضخما يمارس عليها منتخب الإرهاب كل رياضته المفضلة من قتل وحرق وتدمير وتخريب، كما استغلتها القوى الكبرى، سواء الولايات المتحدة الأمريكية أو روسيا لفرض العضلات، وإظهار حقيقة من الأقوى فى العالم.
 
كما تحولت أيضا إلى تصفية حسابات قوى إقليمية مثل إيران وحزب الله من ناحية، والسعودية وقطر وتركيا من ناحية ثانية، وإسرائيل من ناحية ثالثة،  كل طرف من هذه الأطراف، يحاول فرض سيطرته وهيمنته، وإظهار قدراته، وتصدير أنه الأقوى، ويملك سلاح الردع، والحسم، فقام كل طرف باستقدام مرتزقة للحرب والقتال وتنفيذ مخططاته بالإنابة، فأصبحت سوريا تضم كل مرتزقة الأرض من المتاجرين بالدِّين، وبالسياسة، والأعراض والشرف، وكل شىء. 
 
ووسط هذا الصراع، المرير والكارثى، تناسى الجميع الشعب السورى بكل مكوناته، وحقه فى الحياة على أرضه أمنا ومعززا مكرما، لا يهدده الموت بصاروخ قادم من الأرض أو قذيفة ساقطة من الجو، أو محترقا فى تفجير سيارة مفخخة، أو يقتل مذبوحا بسكينة داعش.
 
الجميع أعطوا أنفسهم الحق الكامل فى العبث بمقدرات وطن، وقتل وتشريد أهله، ثم يتحدثون باسمه، واعتبار كل طرف أنه المسخر من السماء للدفاع عن الشعب السورى، يتحدث باسمه، ويتصرف نيابة عنه.
 
من هنا جاء طرح الفنان السورى الشهير أيمن زيدان، «كيماوى  فى الوطن.. ولا برفان فى الغربة»، وهو ما يعتبره البعض، طرحا مجنونا، فلا يرضى كل ذى ضمير حى أن يتم حسم المعارك بقتل وحرق الأبرياء بالأسلحة الكيماوية المحرمة، ولا بتهجير النساء والأطفال والكبار ليتشردوا خارج ديارهم، ويلقون كل أنواع الذل وكسرة النفس خارج وطنهم.
 
لذلك ما يحدث فى سوريا، تحديدا ثم اليمن وليبيا والعراق والصومال، كنماذج، صرخة قوية، لكل شعوب الأرض، تستعطفهم، وتتوسل إليهم ضرورة الحفاظ على أوطانهم وأمن واستقرار شعوبهم، فلا حياة تحت القصف، ولا كرامة خارج الحدود، للدرجة التى تدفع فنانا كبيرا إلى تأييد الإبادة الجماعية بالأسلحة الكيماوية، للحفاظ على وطنه ووحدة أراضيه، حتى ولو رأها الغالبية أنه طرح فاسد ومتوحش.
ولا نملك فى النهاية سوى الدعاء لحفظ مصر، من مؤامرات ودسائس الخونة فى الداخل والخارج، والدعاء بتماسك وتلاحم كل الشرفاء خلف رايته، وجيشه خير أجناد الأرض.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

الأكثر قراءة

مانشستر سيتى يكتسح كريستال بالاس بثلاثية بمشاركة شرفية لمرموش.. فيديو

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو

نتيجة كلية الشرطة كاملة لعام 2025/ 2026 ثانوية عامة ومتخصصين.. فيديو

كل ما تريد معرفته عن قتل وإصابة 42 شخصا بهجوم استهدف عيد حانوكا بأستراليا

رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد مشروع شركة المانع القابضة القطرية بالسخنة


زوجة ضحية الدفاع عن منزله فى كفر الشيخ: "سكبوا البنزين على جسمه وولعوا فيه"

جنايات المنصورة تحيل أوراق عربي الجنسية للمفتي لقتله صديقه وقطع جزء من جسده

تقارير إخبارية تكشف اسم الشخص منتزع السلاح من منفذ هجوم سيدنى.. من هو؟

ضبط المتهمين بإشعال النيران فى شخص أمام زوجته وإصابته بحروق خطيرة.. صور

الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة


نتيجة كلية الشرطة 2026 كاملة لجميع التخصصات.. بالأرقام

مستشار الرئيس للصحة يوصى بالبقاء بالمنزل عند الشعور بأعراض الأنفلونزا "A"H1N1

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات

قبول 1550 طالبًا من خريجي الحقوق بأكاديمية الشرطة

تفاصيل عرض المليون دولار من برشلونة لضم حمزة عبد الكريم وموقف الأهلي

اعرف الرابط الرسمى للاستعلام عن نتائج اختبارات كلية الشرطة

الصفقة المجانية سر غضب الأهلى من برشلونة فى صفقة حمزة عبد الكريم

100 مليون جنيه إسترليني تهدد بقاء محمد صلاح في ليفربول

إخطار المقبولين بكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد هاتفيًا وبرسائل نصية

مستقبل محمد صلاح حديث صحف إنجلترا بعد تألقه مع ليفربول ضد برايتون

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى