"اختفاء الشريد"

الأنبا إرميا
الأنبا إرميا
الأنبا إرميا
أرسل إليَّ أحد القراء الأعزاء تعليقًا على المقالة السابقة، يقول في بعض كلماته: "... وإن كنتُ أسعدُ أنك تتحدث دائمًا عن الأشخاص الذين يقدمون الخير، إلا أنه يجب أيضًا أن تتحدث عن أولٰئك الذين لا يقدمونه، بل يؤلمون الآخرين، وكيف أنهم يَضُرون، ليس فقط الآخرين، بل أنفسهم أولاً ... لذٰلك أرسلتُ إليك فيلمًا قصيرًا ـ لا أعرف صور في أيّ بلد ـ ربما يكون أحد بلاد شرق آسيا ـ حيث اكتشف أحدهم بعد فوات الأوان كم كان مخطئًا في حق أحدهم! ولك سلامي وتحياتي.". 
 
يعرض الفيلم، الذي لا يتعدى بضع دقائق، مِنطقة مَحالّ حيث يقوم أحدهم بفتح محله في الصباح ليجد مِسكينًا شريدًا لا مأوى له وهو نائم أمام باب محله، فيَركُله بقدميه ويصرخ فيه أن يرحل بعيدًا عن المكان!!! ويُسرع المِسكين بعيدًا لكيلا تناله رَكَلات أخرى. ولٰكنه يعود مع المساء لينام أمام ذٰلك المحل!! وتتكرر ملامح كل يوم مثل سابقه: بين طرد صاحب المحل للمِسكين بركلاته، أو بإغراقه بالمياه المقذوفة عليه، أو بصرخاته فيه ليبتعد؛ ثم عودة ذٰلك الشريد مرة أخرى. 
أمّا عن موقف أصحاب المحال الأخرى، فقد كانوا يرفضون معاملة الرجل القاسية لذٰلك المِسكين، ولٰكن ليس لهم أن يتدخلوا ويمنعوه!! ويأتي يوم يفتح الرجل محله، ويستعد مثل كل يوم للصراخ في المِسكين النائم، لٰكنه لم يجده فتعجب قليلاً؛ وفي اليوم التالي، لم يرَه أيضًا، وهٰكذا توالت الأيام حتى انقطعت رؤيته وبدأ يفكر فيما عسى قد حدث له، ولِمَ لم يعُد. 
وفي ذات يوم، بينما صاحب المحل يفكر في أمر اختفاء ذٰلك الشريد، وقعت عيناه على الكاميرات المثبتة خارج المحل، فبدأ يستعرض مشاهدها المسجلة وأحداث الأيام الماضية، فرأى نفسه: وهو يطرد، ويركُل، ويصرخ، ويقذف المياه على ذٰلك المِسكين، وكيف كان يئن ألمًا من قسوته، ثم رآه في مشاهد ليلية عديدة نائمًا أمام المحل بعد إغلاقه مانعًا بنومته تلك لُصوصًا من كسر المحل وسرقته مرارًا كثيرة، بل كيف أن ذٰلك المسكين كان يتشاجر مع أولٰئك الذين يُلقُون بالمهملات أمام المحل، بل يقوم بتنظيف المكان!! ثم رأى البعض يَحنون عليه ويقدمون له الطعام في محبة إنسانية بالغة، بل لم يصدق عينيه وهو يرى اللصوص في ليلة يحاولون اقتحام المكان ويمنعهم المِسكين فيطعنونه ليموت!!! وهنا انسابت دمعات ندم: لقد أدرك الرجل كم هو مديون لذٰلك الإنسان الذي لم يرَ منه يومًا واحدًا، بل لحظات، عطفًا أو شفقة أو رِثاءً لحاله. 
 
هٰكذا تمضي الحياة، وبينما يسير الإنسان خطواتها، يلتقي أشخاصًا هو لا يرغب وجودهم في حياته، معتقدًا أنهم لا يستحقون، أو لا فائدة من وجودهم!! بل من الجائز أن يعتبر وجودهم سلبيًّا ! فيحاول إبعادهم: أحيانًا بسؤالهم أن يرحلوا، وأحيانًا أخرى بكلمات قاسية، أو بإهانات .. إلخ. وحين يرحلون يكتشف الشخص كم كان دورهم نحوه مفيدًا داعمًا، في الوقت الذي اختار هو أن يكون قاسيًا بلا رحمة. إلا أن قسوته وعنفه سيمنعان عنه بركات كثيرة لا يدركها، وسيَضحَيانِ وقود لهيب يحرق حياته هو أولاً. لذٰلك، كُن إنسانًا من أجل نفسك أنت أولاً.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

"حج مبرور وذنب مغفور".. لوحات فنية تزيّن بيوت الحجاج فى الأقصر (صور)

تصحيح فورى ودقيق لامتحانات النقل.. و"التعليم" تشدد على الالتزام بالنماذج

هل يفوز بلقب الأفضل؟.. أرقام محمد صلاح في البريميرليج 2024-2025

أحمد حسن يمثل منتخب مصر في قرعة كأس العرب بقطر الأحد المقبل

موعد الظهور الأخير لـ تريزيجيه مع الريان قبل الانضمام إلى الأهلي


مواعيد قطارات "القاهرة - أسوان" و"الإسكندرية - أسوان" الجمعة 23-5-2025

بيراميدز بين إنجازين "التأهل لنهائي أفريقيا وحصد اللقب التاريخي من صنداونز"

تعرف على المستندات المطلوبة من مرشحى المجالس النيابية وفقا للتعديلات

وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل لـ15 ألف جنيه شهريا

موعد مباراة الزمالك وبتروجت في الدورى الممتاز والقنوات الناقلة


هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة كريت اليونانية (بؤرة الزلازل)

أسرع قطارات السكة الحديد.. مواعيد وأسعار قطار تالجو الجمعة 23-5-2025

موعد صلاة عيد الأضحى المبارك 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 23 - 5 - 2025 والقنوات الناقلة

شكوك حول مشاركة التونسى بن حمودة فى تشكيل المحلة أمام طلائع الجيش بالدورى

المصرى يُجمد ملف المدرب الجديد بسبب أزمة الإدارة

موجة حارة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الجمعة 23 مايو 2025 فى مصر

البلعوطي يعود لحراسة مرمى البنك الأهلي أمام المصري في الدوري

قناة أون سبورت تذيع حفل تسليم محمد صلاح جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزى

توفيق محمد يواصل الغياب عن بتروجت أمام الزمالك في الدورى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى