تونس تلفظ "سيناريو الفوضى".. مسيرات محدودة رغم دعوات الحشد للتظاهر ضد قانون "المصالحة" مع "الفلول".. الفئويات والاعتصامات تتوالى.. والإخوان يواصلون المراوغة والتحريض ضد النظام من وراء الستار

الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى
الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى
كتبت آمال رسلان

باتت تونس ليلتها الماضية فى سلام بعد أن كانت مهدده بالاحتراق بنار الدعوات لثورة غضب جديدة ضد النظام والرئيس الباجى قائد السبسى، فرغم دعوات الحشد على مدار الـ48 ساعة من قبل احزاب المعارضة والمجتمع المدنى للخروج فى مسيرات حاشدة إلا أن نسبة الاستجابة الضئيلة عكست مدى تمسك الشعب التونسى بالحفاظ على استقرار اوضاع بلاده والجنوح للسلم والحوار لحل الأزمات المتفاقمة.

 

مسيرات محدوده جابت شوارع العاصمة تونس أمس عبرت عن غضبها من إصرار القصر الرئاسى على تمرير قانون المصالحة مع رموز نظام "زين العابدين بن على"، وأصبحت البلاد على هدوء تسلل الى الشوارع وحياة شبه عادية فى مؤشر الى أن المظاهرات لم تتجاوز التعبير عن غضب شعبى فقط تجاه مواقف سياسية وأزمة اقتصادية طاحنة، وما أن عادت الأمور الى طبيعتها حتى بدأ الحزب الحاكم "حزب نداء تونس" يتنفس الصعداء حيث عاش أجواء توتر خلال الـ24 ساعة خوفا من تطور المسار الإحتجاجى الى ثورة غضب ضد الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى، والذى ألقى خطابا الأربعاء الماضى أشعل به ثورة الغضب ضده فى الشارع التونسى بعد نبرة التحدى التى حملتها كلماته.

 

ولم تقف الأمور عند حد التهديد بل أصدر السبسى حزمة قرارات أغضبت النخبة والشعب على حد سواء، فى مقدمتها اتهامه للاحتجاجات التى اتسعت رقعتها فى تونس فى الآونة الأخيرة بأنها ضد القانون والدستور وسيتم التعامل معها بحزم، كما أمر الجيش بالتحرك لحماية المنشأت العامة والنفطية ومنع أى تعطيل للإنتاج مما أثار مخاوف بزج الجيش فى مواجهات سياسية.

 

وشكك البعض فى نوايا تلك المظاهرات وأن هناك من يسعى الى تأجيج الشارع عمدا ضد النظام، خاصة بعد أن كشف موقع أنباء تونس عن ظهور وجوه فى تلك المسيرات أمس من رابطات حماية الثورة المنحلة منهم هشام كنو وعماد دعيج، وهى رابطة تأسست أثناء الثورة التونسية بغية حماية المؤسسات والمنشآت الحكومية والأهالي في ظل الانفلات الأمني الذي كان سائدا حين ذاك، إلا أن القضاء بعدها بثلاث أعوام أثبت أنها وقفت وراء أحداث شهدتها شغب وأعمال عنف شهدتها تونس، جعل من أنشطتها محل متابعة وشك من قبل أطراف كثيرة وأمر القضاء بحلها.

 

ويأتى مشاركة تلك العناصر فى المسيرات ليثير علامات استفهام حول من يقف وراء تأجيج الشارع، خاصة أنه كان هناك حديث غير مؤكد فى الأوساط التونسية عن أن تلك الروابط ترتبط مباشرة بحركة النهضة الإسلامية – إخوان تونس – والتى تتبع لغتين، منذ وصولها إلى سدّة الحكم، إحداهما رسمية تدين رابطات حماية الثورة المتهمة بعمليات عنف فى توسن، ولغة أخرى تعتبر تلك الرابطات فرعا من فروع حركة النهضة.

 

وقد يكون ظهور تلك الوجوه مجددا الى الشارع التونسى هى التى دفعت الجماهير الى الأستماع لصوت العقل وتغليب مصلحة الوطن، حيث اكتفت المظاهرات التى حافظت على سلميتها منذ البداية وحتى النهاية برفع مطالبها دون أى تجاوز للقانون، ثم عادت الحياة الى طبيعتها دون تعطيل للانتاج أو للحياة العامة.

 

وحول مطالب المظاهرات قال ممثل حملة "مانيش مسامح" مالك الصغيري "إن مشروع القانون لا يتطابق وروح الدستور، وهو بمثابة تعلة لتبييض الفاسدين والتطبيع مع الفساد" ، مشيرا الى "سقوط كل الحجج و المستندات القانونية التي تبرر وجود قانون من هذا النوع"، و أبرز أنه من باب المغالاة والمغالطة ربط هذا القانون بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، مبينا أن الفساد مرتبط أساسا بغياب الارادة السياسية ، وعدم جدية الحكومات في ايجاد الحلول اللازمة .

 

من جهته قال القيادي بالجبهة الشعبية أيمن العلوى "إن معارضة قانون المصالحة له دوافعه الاخلاقية، لأنه من غير المقبول السماح للفاسدين بالانفلات من العقاب بجرة قلم"، معتبرا "أن مشروع القانون لن يقدم موارد اضافية للدولة التونسية، وهو قانون فئوي يهم فقط المقربين من رئاسة الجمهورية بالاضافة إلى أنه يلاقى معارضة واسعة تمس أكثر من شريحة اجتماعية و فيه إهانة للعاطلين عن العمل"، حسب تعبيره.

 

و أضاف أن الحرب على المنظومات الفاسدة تفرض النضال بكل القنوات السلمية، سواء في البرلمان أو فى الشارع، مشيرا الى " أن من يريد استغلال الاكثرية العددية على مستوى مجلس نواب الشعب لتمرير قانون المصالحة فهو مخطئ و لا يقدر العواقب الوخيمة لذلك".

 

من جهتها أكدت القيادية بالتيار الديمقراطي سامية عبو، أن اللجوء الى التظاهر السلمى بالشارع هو حق ديمقراطى يكفله الدستور، وذلك لمعارضة " أشد القوانين خطورة على المسار الانتقالى"، و حذرت عبو من الالتجاء الى الحلول الأمنية ، قائلة "إن الدولة التونسية هى دولة الجميع ورفض قانون المصالحة ليس دليلا على الحقد أو رفضا للمصالحة، وإنما من الضرورى أن تكون تحت مظلة هيئة الحقيقة و الكرامة ".

 

وما أن هدأت الأوضاع حتى بدأت الحكومة التونسية فى بحث حلول للأزمات عبر الحوار، حيث سيلتقى معتصمو الكامور غدا الاثنين بوزير التكوين المهني والتشغيل عماد الحمامي للتفاوض حول مطالبهم، وهو الإعتصام الأقوى فى ولاية تطاوين والذى أدى الى تعطيل انتاج حقوق البترول فى تلك المنطقة، ويتظاهر شباب الولاية ضد سوء الأوضاع الإقتصادية وانتشار البطالة والفقر على الرغم من أن بلدهم تحتها كنوز سوداء قد تغنيهم عن عناء الدنيا، مطالبين بتأميم حقول البترول ليتحصلوا على خيرات بلدهم.

 

وفى تلك المفاوضات سيشرف وزير التشغيل عماد الحمامي على أعمال مجلس لمتابعة سير تنفيذ الإجراءات التى أعلن عنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد فى زيارته الأخيرة إلى تطاوين، و أفاد أحد منسقى اعتصام الكامور أن المعتصمين حددوا طلباتهم النهائية من الحكومة، والمتمثلة في ألف وخمسمائة موطن شغل فى الشركات البترولية وثلاثة آلاف موطن شغل في شركة البيئة بالإضافة إلى رصد مائة مليون دينار لصندوق التنمية بالجهة.

 

ورغم أن الأوضاع فى تونس ليست على ما يرام على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فى ظل عجز حكومة الشاهد على مواجهة التحديات فى ظل غضب شعبى يتصاعد، إلا أن البلاد لن تتحمل إسقاط النظام مره آخرى وهى لاتزال تلملم أثار ثورة الياسمين التى أطاحت بنظام بن على، ولن تصمد امام مرحلة انتقالية ثانية فى حين أنها لم تنجز استحقاقات المرحلة الانتقالية الأولى، لذلك بالحوار هو منتصف الطريق لحل الخلاف الدائر بين الشعب والسلطة فى تلك اللحظات الحاسمة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الجمعية الفلكية بجدة: الأرض تستعد لتسجيل أقصر الأيام خلال يوليو وأغسطس

روسيا تلغى ضريبة تصدير القمح لأول مرة منذ 2021 لتعزيز مبيعاتها العالمية

وزارة الصحة تطلق منظومة إلكترونية للكشف الطبى لمرشحى مجلس الشيوخ

الهيئة الوطنية تعلن انتهاء اليوم الأول من فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ

الكنيسة القبطية تحتفل بعيد الرسل 12 يوليو.. صوم رسولى قديم يعود إلى بدايات الخدمة والانطلاق.. من الدرجة الثانية ويُاكل به الأسماك.. طقس اللقان يحيى طقوس التهيئة.. ومواصلة على خُطى بطرس وبولس


موعد مباراة بي اس جي ضد البايرن فى ربع نهائى كأس العالم للأندية

سر غياب محمد صلاح وكريستيانو رونالدو عن جنازة جوتا

مصابو حادث الطريق الإقليمى: السواق كان بيجرى بسرعة جنونية وبيعمل غرز.. فيديو

"لا أحد يحبني".. صرخة لانا الشريف بعد إصابتها بـ"البهاق" بسبب الاحتلال.. وجهها البرئ تحول لجلد وشعر أبيض.. والدتها: تتعرض للتنمر وتعيش خوف وتعب دائم بسبب حالتها النفسية السيئة وأتمنى عودة وجهها الجميل.. صور

انهيار زوجة جوتا ورفاقه فى ليفربول أثناء تشييع جنازة الأخوين فى البرتغال.. صور


31 أكتوبر أخر موعد لقيد واستبدال اللاعبين في هيئات الأثقال

ارتفاع عدد المتوفين لـ9 وإصابة 11 آخرين بتصادم سيارتين ميكروباص بـ"الإقليمى"

السجن 12 عاما لزعيم طائفة دينية روسى ادّعى أنه تجسيد للمسيح

غدا.. رئيس الوزراء يشارك فى قمة مجموعة "بريكس" نيابة عن الرئيس

ليفربول يواصل صرف رواتب جوتا حتى 2027 ويؤسس صندوقًا لدعم وتعليم أطفاله

هل يكون وسام أبو علي اللاعب رقم 8 فى قائمة الراحلين عن الأهلى؟

تنسيق الجامعات 2025.. 800 جنيه رسوم التقدم لحجز اختبارات القدرات

اليوم.. الفصل فى عدم دستورية طرد المصريين وغير المصريين بالإيجار القديم

باريس سان جيرمان يتحدى بايرن ميونخ فى نهائى مبكر بمونديال الأندية

الطقس اليوم السبت 5-7-2025.. أجواء شديدة الحرارة وشبورة ورطوبة مرتفعة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى