الحق والواجب

محمد مختار جمعه
محمد مختار جمعه
لا شك أن مبدأ الحق والواجب، أو الحق مقابل الواجب، أحد أهم المبادئ العادلة، التى تسهم فى إصلاح المجتمع، فهناك الحقوق والواجبات المتبادلة بين الآباء والأبناء، وبين الأزواج، وبين الجيران، وبين الأصدقاء، وبين الشركاء، وبين المواطن والدولة، وبين العمال وأرباب العمل، وبين المعلم والمتعلم.
 
وقد أشارت بعض النصوص القرآنية والنبوية إلى هذه التبادلية، وإلى ضرورة الوفاء بالحقوق والواجبات معًا، حيث يقول الحق سبحانه فى العلاقات بين الزوجين: «وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ « (البقرة: 228)، ويقول سبحانه فى الحديث القدسي: « ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بِى ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ «(رواه البخاري)، وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (رضى الله عنه) قَالَ: « كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) لَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ إِلاَّ مُؤَخِّرَة الرَّحْلِ فَقَالَ: يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ سَارَ سَاعَةَ، ثُمَّ قَالَ: (يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ)، قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ: هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا). ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟. قَـالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَـالَ: « أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ» (متفق عليه).  
 
وعن سيدنا على (رضى الله عنه) أنه قال فى خطبة له خطبها بصفين: «أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَعَلَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لِى عَلَيْكُمْ حَقًّا بِوِلاَيَةِ أَمْرِكُمْ، وَلَكُمْ عَلَيَّ مِنَ اَلْحَقِّ مِثْلُ اَلَّذِى لِى عَلَيْكُمْ، وَاَلْحَقُّ أَوْسَعُ اَلْأَشْيَاءِ فِى اَلتَّوَاصُفِ وَأَضْيَقُهَا فِى اَلتَّنَاصُفِ، لاَ يَجْرِى لِأَحَدٍ إِلاَّ جَرَى عَلَيْهِ، وَلاَ يَجْرِى عَلَيْهِ إِلاَّ جَرَى لَهُ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْرِيَ لَهُ وَلاَ يَجْرِيَ عَلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ خَالِصًا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ». 
 
ورأى بعض الناس رجلا مسنًّا يزرع نخلة لا ينتظر أن يجنى شيئًا من ثمارها فى حياته، فقيل له: وهل تنتظر أن تدرك جنى شيء من ثمارها؟ فقال الرجل: زرع من قبلنا فحصدنا، ونحن نزرع ليحصد من بعدنا، 
«افعل ما شئت كما تدين تدان».
 
والقاعدة: أن من أخذ الأجر حاسبه الله على العمل، وأن العقد شريعة المتعاقدين، وقد أمرنا رب العزة بالوفاء بالعقود، فقال سبحانه: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ « (المائدة: 1)، وحذرنا سبحانه من خيانة الأمانات فى العمل أو فى غيره، فقال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ « (الأنفال: 27)، وحثنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) على إتقان العمل، فقال: « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ» (مسند أبى يعلى). 
 
وديننا قائم على الإتقان، والإحسان، ومراقبة الله (عز وجل) فى السر والعلن قبل مراقبة الخلق، لأن الخلق إن غفلوا عن المراقبة أو المتابعة، فهناك من لا يغفل ولا تأخذه سنة ولا نوم، حيث يقول سبحانه: «اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ « (البقرة: 255)، ويقول (عز وجل): « مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ « (المجادلة: 7)، ويقول سبحانه: « وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِى ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ « (الأنعام: 59)، ويقول على لسان لقمان (عليه السلام) مخاطبًا ولده « يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِى صَخْرَةٍ أَوْ فِى السَّمَاوَاتِ أَوْ فِى الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ « (لقمان: 16).
 
فما أحوجنا إلى ترسيخ مبدأ الحق مقابل الواجب فى كل مجالات حياتنا وعلاقاتنا، وبخاصة فى مجال العمل، إذ لا يمكن للحياة ولا العلاقات أن تستقيم من جانب واحد، فيكون أحد الشقين معتدلا والآخر مائلا، إنما تستقيم الأمور باستواء الجانبين معا، والوفاء بالحقوق والواجبات معا، نؤدى الذى علينا حتى يبارك الله (عز وجل) فى الذى لنا.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد صلاح ومرموش ينضمان اليوم لمعسكر منتخب مصر استعدادا لأمم أفريقيا

الأهلى يدرس غلق ملف تمديد تعاقد أليو ديانج.. اعرف التفاصيل

الطقس اليوم.. أجواء باردة وأمطار وشبورة والصغرى بالقاهرة 13 درجة

عيد ميلاد إنعام سالوسة ومسيرة 60 عاما.. من الأكورديون إلى ليالى الحلمية

القنوات الناقلة لمباريات كأس أمم أفريقيا 2025 بمشاركة منتخب مصر


استاد المصري يبدأ استضافة المباريات العام المقبل بعد الافتتاح التجريبي

المغرب والإمارات في صدام ناري بنصف نهائي كأس العرب 2025

مواعيد مباريات الجولة الثانية في كأس عاصمة مصر

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

موعد مباراة الأهلى وسيراميكا فى الجولة الثانية بكأس عاصمة مصر


موعد مباراة الزمالك ضد حرس الحدود فى كأس عاصمة مصر والقناة الناقلة

مشاهد صادمة لفيضانات إقليم آسفى بالمغرب وارتفاع القتلى إلى 21.. فيديو وصور

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

العوضى يحتفل بعيد ميلاده بتوزيع 300 ألف جنيه ويعلق: السنة الجاية مع المدام

مواعيد مباريات منتخب مصر فى أمم أفريقيا 2025

حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق

موعد بدء تطبيق المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحى الشامل فى 5 محافظات

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

ترتيب الدوري الإنجليزي.. آرسنال يتصدر ومانشستر سيتي يلاحق بشراسة

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى