تجديد الخطاب الدنيوى.. «2» الإتقان

كريم عبد السلام
كريم عبد السلام
كريم عبد السلام
هدف أساسى من أهداف تجديد خطابنا الدنيوى لإعادة ترتيب حياتنا ومجتمعنا هو إعادة إحياء قيمة الإتقان فيما نعمل وننتج وننجز وفى كل ممارساتنا الحياتية، بعد أن رأينا خلال العقود الأربعة الماضية كيف تسبب تخلينا عن قيمة الإتقان ، فى خسارات فادحة على مستوى الإنسان والمجتمع.
 
بدأ التخلى عن قيمة الاتقان المرتبطة بالعمل وبمنهج الحياة عموما، عندما بدأت عمليات غسيل عقول المصريين بعد انتصار أكتوبر المجيد بالانفتاح السداح مداح، فالسادات كان معنيا بالأساس بالانتقال من المعسكر السوفيتى إلى المعسكر الأمريكى بأى ثمن وظهرت النظرية الفهلوية بضرورة الاستسلام للمنطق الأمريكى على أساس أن الأمريكان يملكون 99 بالمائة من أوراق اللعب، لكن الارتماء فى الحضن الأمريكى عشوائيا كلف الدولة المصرية الفقيرة وأسيرة اقتصاديات الحروب ضياع أحلامها فى التنمية واستبدال أوهام الثراء السريع بها.
 
منذ تلك الأيام البعيدة، تآكلت القيم المرتبطة بالعمل والاتقان والمعرفة شيئا فشيئا وتوحشت السمات الاستهلاكية والمادية المظهرية فى المجتمع، وبعد أن كان الموظف المرتشى أو المقاول الغشاش موصوما طوال حياته بلعنة فساده، أصبح المجتمع يتغاضى عن قبح الجريمة مادامت لم يتم ضبط المجرم متلبسا وعدوها إحدى مهارات العصر التى يفرضها التطور.
 
وبعد أن كان المجتمع الكادح الطامح إلى التحرر والتنمية فى الخمسينيات والستينيات يتحرى مصادر الثروة ويجرم المشبوهة منها ويدين أصحابها، تحول المجتمع إلى المادية العمياء وأصبحت قيمة الإنسان بما يملك من مال، «معاك قرش تساوى قرش» الأمر الذى دفع خمسة أجيال تالية إلى هجرة كل ما هو جاد ويحتاج إلى مهارات وصبر فى التكوين لأن الهدف  العام أصبح الحصول على النقود بأى وسيلة وبأسرع طريق.
 
ومن هنا انتشرت السمات الفهلوية والمظهرية الفارغة حتى غلبت على الشخصية المصرية، ولم يعد لدينا الحرفى المتمكن ولا المعلم صاحب الفلسفة ولا الصانع الماهر ولا الموظف الملتزم ولا المسؤول صاحب الهدف والاستراتيجية، أشباه النموذج المنشود طوال الوقت، لكنها أشباه بائسة أقرب إلى خيال المآتة فى حقولنا، لا يمكن أن تكون بشرا يدرك ويفكر ويتخذ موقفا من حياته ومن الآخرين ولا يمكن أن تتقن شيئا أو تتحمل مسؤولية.
 
إذن كيف نستعيد روحنا المصرية وسط العالم المعاصر الذى اتسعت نوافذه الاستهلاكية وأوهامه الكبرى وتراجعت فيه  كل القيم المنوط بها بناء الإنسان؟ بإعادة الاعتبار إلى قيمة الإتقان والجودة على ماسواها وتثمينها غاليا ، فالمزارع الذى ينتج محصولا بدون مبيدات ووفق مواصفات الجودة الموضوعة والمدعو إليها يربح كثيرا بينما يخسر من لا يفعل وكذلك الصانع والعامل والمعلم والصحفى والحرفى والموظف.
 
الإتقان والجودة هما طوق النجاة للمصريين مما يراد لهم داخليا وخارجيا.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

لاستيعاب الكثافة المرورية.. مجلس الوزراء يوافق على طلب لمحافظة الجيزة

ترامب يرتدى رابطة عنق بلون العلم القطرى فى الدوحة.. ويشارك بمؤتمر بعد قليل

وزير التعليم يعلن إعادة إطلاق اختبار "SAT" رسميًا فى مصر بداية من يونيو 2025

وزارة التعليم: إضافة 20% من درجات العربى والتاريخ بالثانوية الدولية للمجموع

الأهلي يتقدم 4 مراكز في تصنيف أندية أفريقيا.. وغياب الزمالك وبيراميدز


انقضاء دعوى تشاجر المخرج محمد سامى ومالك مركز صيانة بالتصالح

الأهلي يناقش مع ريفيرو استمرار النحاس وشوقي في جهازه المعاون

رسالة عاجلة من وزارة الخارجية للمصريين المقيمين في ليبيا

اليونان تصدر تحذيرا من احتمال حدوث تسونامى عقب الزلزال

دفاع الفنان محمد غنيم: إنهاء إجراءات إعادة المحاكمة وحبس موكلى لحين تحديد جلسة


مواعيد مباريات الأهلي القادمة في مرحلة حسم الدوري

قصر ترامب الطائر.. "NBC": أعمال تحويل طائرة قطر لرئاسية تكلف أمريكا مليار دولار

الإدارية العليا تلغى حكم أول درجة بشأن تابلت طلاب الثانوية: عهده ويجب إعادته

راغب علامة ينتهى من تسجيل أحدث أغانيه "حبيبتي أحلى واحدة" مع عصام كاريكا

بيراميدز يكشف حقيقة الحصول على توقيع رامى ربيعة

زلزال مصر 2025.. البحوث الفلكية يكشف أسباب شعور المصريين بالزلزال.. معهد الفلك: لا يمكن التنبؤ بالزلازل والأوضاع فى مصر مستقرة.. تعليمات عاجلة للمواطنين وخط ساخن للإبلاغ عن حالات الطوارئ

الحوثيون: استهدفنا مطار بن جوريون في تل أبيب بصاروخ فرط صوتي

زلزال بقوة 6.4 درجة على مقياس ريختر يضرب تونجا

حدث ليلا.. تغطية شاملة لزلزال اليوم بقوة 6.4 ريختر: كان قويًا نسبيًا

تفاصيل زلزال "نص الليل".. سكان القاهرة والمحافظات يشعرون بهزة أرضية بقوة 6.4 ريختر.. البحوث الفلكية: قوى نسبيًا.. واستغرق أقل من 20 ثانية.. ورصدنا هزتين ارتداديتين.. والهلال الأحمر: لم ترد بلاغات بوقوع أضرار

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى