مافيا تجارة القمح تسرق حقول مصر.. أرقام التموين تكشف نقص التوريد 180 ألف طن عن العام الماضى.. التجار يشترون بسعر أعلى 100 جنيه لتوريده لمصانع الحلويات.. واستغلال الفلاحين بالديون والشيكات بداية التلاعب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
محمد أحمد طنطاوى - عز النوبى

 

التاجر يوفر للمزارع سيارة لنقل المحصول والحكومة تعجز عن توفير مرشد زراعى

الزراعة تراجع توريد القمح للتموين بسب تدنى الأسعار وارتفاع سعر الأعلاف

التعاونيات الزراعية: لا توجد منظومة حقيقية للتسويق

"المنتجين الزراعيين": القمح يُخزن كعلف للماشية بدلا من الردة
 

 

فى الوقت الذى تتجه فيه الدولة نحو تقليل حجم الاستيراد من الخارج، إذ يمثل بوابة واسعة لاستنزاف الاحتياطى النقدى وموارد العملة الصعبة، فى ظل محاولات جاهدة لاستعادة قوة الاحتياطى مرة أخرى، وتصاعده بالفعل بمستويات إيجابية ثابتة خلال الفترة الماضية، تواجه مصر على الجانب الآخر حربا شرسة تعطل الوصول لهذا الهدف، تتمثل فى جبهات واتجاهات عديدة، ومن جوانبها الأبرز مافيا تجارة القمح، التى تضرب هذا التوجه فى مقتل، من خلال شراء القمح من المزارعين بسعر 655 جنيها للإردب، بما يزيد على المعلن من الحكومة بـ100 جنيه تقريبا، من أجل توريده لمصانع الحلويات والمخابز السياحية.

البيانات اليومية التى تصدرها وزارة التموين والتجارة الداخلية، تظهر بصورة واضحة انخفاض حجم توريد القمح من المزارعين هذا العام، مقارنة بالعام الماضى، فقد أعلنت الوزارة فى آخر بياناتها أن حجم التوريد حتى اليوم بلغ 918 ألف طن تقريبا، مقارنة بمليون و99 ألف طن تقريبا فى الفترة نفسها من العام الماضى، بما يؤكد أن هناك نقصا فى معدلات التوريد الفعلية لشون وصوامع الوزارة يبلغ 180 ألف طن تقريبا، لنكتشف أن هناك جهات خفية تستغل المزارع المصرى، وتتجه لشراء القمح بأسعار أعلى من المعلنة عبر الحكومة، لضرب الاقتصاد وموازنة الدولة واستنظاف احتياطيها النقدى.

 

كيف يستغل التجار مزارعى مصر ويهددون موارد الدولة واحتياطيها النقدى؟

تتبع مافيا تجارة القمح "الحرام" أساليب عديدة فى جمع كميات القمح من حقول المزارعين، أولها وأهمها إقراض المزارعين مبالغ مالية خلال موسم الزراعة وحتى موعد حصاد المحصول، لضمان توريده تحت وطأة الديون والشيكات وإيصالات الأمانة التى يوقعها أو "يبصم" عليها الفلاح مجبرا، حتى يتمكن من جمع محصوله الذى باتت تكلفته عالية جدا، خاصة العمالة التى تتولى أعمال الحصاد، أو الآلات التى تقوم بأعمال "الدراس" أو النقل من الحقل، ما يجعل خيار توريد القمح للتاجر خيارا مثاليا للفلاح.

إلى جانب الإقراض واستغلال فقر المزارع واحتياجه، يعمل التاجر على توفير سيارة لنقل المحصول على رأس الحقل، وعمالة تتولى الحصاد، وفى النهاية يتم خصم كل هذه المستحقات من مستحقات الفلاح النهائية، فيبدو له وكأنه لم يتحمل شيئا، كما لم يضطر للاستدانة المباشرة للإنفاق على محصوله، وكل هذا يتم فى الوقت الذى تقف فيه الدولة عاجزة عن توفير هذه الإمكانات، لتصبح النتيجة فى النهاية خسارة آلاف الأطنان التى كان المزارعون يوردونها للدولة على مدار الأعوام الماضية، وهو ما يُترجم على جانب آخر فى استنزاف مزيد من العملة الصعبة، التى تلتزم الدولة بتوفيرها حتى تستورد كميات القمح اللازمة لإنتاج رغيف الخبز المدعوم للمواطن، ودعمه بالعملة الصعبة أولا، وبالجنيه المصرى ثانيا.

 

الإصلاح الزراعى: وصول النخالة والذرة الصفراء لـ4000 جنيه للطن سبب تراجع توريد القمح

فى سياق متصل، أكد مجدى الشراكى، رئيس الجمعية العامة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى بوزارة الزراعة، أن هناك تراجعا ملحوظا فى توريد كميات القمح من المزارعين لصالح هيئة السلع التموينية، بسب تدنى سعر إردب القمح، وهو سعر غير مجزٍ للفلاح، ولا يغطى التكلفة، ومن ثم يلجأ المزارع لتخزين المحصول لاستخدامه علفا للماشية، بسب ارتفاع سعر النخالة والذرة الصفراء لـ4000 جنيه للطن.

وأضاف  "الشراكى"، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن السبب الآخر هو شراء بعض التجار للمحصول، ولكن بزيادة لا تُذكر عن السعر المعلن، بسبي عدم مقدرة الفلاح على تسويقه وتحمل تكلفة النقل، مؤكدا أن الجمعيات الزراعية طالبت الحكومة مرارا وتكرارا برفع سعر إردب القمح لتغطية التكلفة وتحقيق هامش ربح للفلاحين، ولكنها لا تستجيب، ومن ثم تراجع الفلاح عن التوريد .

 

الاتحاد التعاونى: تدنى الأسعار سبب تراجع الفلاحين عن توريد القمح للحكومة

من جانبه، أكد ممدوح حمادة، رئيس الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن سبب تراجع توريد القمح من المزارعين لهيئة السلع التموينية، يعود لتدنى الأسعار، إضافة إلى عدم دخول التعاونيات ضمن منظومة تسويق القمح، وارتفاع سعر العلاف، سواء نخالة أو ذرة صفراء، ومن ثم لجأ المزارع لتخزين المحصول كعلف للماشية، إضافة إلى عدم وجود منظومة حقيقية واضحة من وزارة التموين لتسويق محصول القمح، والاتجاة لاستيراد القمح متدنى الجودة بأعلى الأسعار، وعدم رفع سعر القمح المحلى ذى الجودة العالية.


نقيب المنتجين الزراعيين: سعر القمح المعلن من الحكومة غير مجزٍ للفلاح

فى سياق متصل، قال فريد واصل، نقيب المنتجين الزراعييين، إن الحكومة تعمل على تكرار الأزمة، ولم تنتبه للمشكلة وأسبابها، موضحا أنه تم الاتفاق فى البرلمان قبل موسم توريد القمح، وأيضا خلال اجتماع وزيرى الزراعة والتموين، على أن سعر توريد إردب القمح 650 جنيها، ونفاجأ بإعلان الحكومة سعر 565 جنيها، ما دفع الفلاح للعزوف عن التوريد، موضحا أن السعر المعلن لتوريد المحصول لدرجة النقاوة 23.5 قيراط غير مجزٍ، إذ لا يوجد فى مصر قمح تصل درجة نقاوته إلى 23.5 قيراط، وبالتالى يقف السعر عند 565 جنيها فقط.

وأكد نقيب المنتجين الزراعيين، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن السبب الآخر وراء تراجع مستوى توريد الفلاحين للقمح لوزارة التموين، هو ارتفاع أسعار الأعلاف، واتجاه قطاع واسع من الفلاحين لتخزينه علفا للماشية، بسب  تدنى أسعاره، إضافة إلى اتجاه التجار لجمع المحصول من الفلاحين، بزيادة  200 جنيه عن سعر الطن المعلن من قبل الحكومة بواقع 3700 جنيه، ويرفع عنه عبء الوقوف فى  طوابير تسليم القمح للحكومة، وإجراءات التوريد المجحفة.

كيف نتجاوز أزمة القمح ونوقف نزيف الاحتياطى النقدى؟

وفقًا للمعلومات السابقة، فإن الأجهزة الرقابية يجب أن تكثف دورها، وتتواجد على الأرض فى القرى والنجوع المصرية، التى يستغل فيها الفلاح عن طريق حفنة من التجار، يعملون فى إطار غير رسمى، ويكبدون الدولة مليارات الدولارات سنويا، ويجب أن يكون هناك تنسيق مباشر وفعال مع الجمعيات الزراعية التى تحصر المساحات المنزرعة، وكذلك الشون والصوامع التابعة للتموين، التى يتم توريد القمح إليها بصورة مباشرة، وعلى البرلمان دور كبير فى تجريم هذه الصور من التجارة الضارة بالأمن القومى والمؤثرة على رصيد الدولة من العملات الصعبة.

لا يمكن أن نلوم الفلاح المصرى على توريد إردب القمح بسعر أعلى 100 جنيه عن السعر الرسمى، ولكن علينا دعم هذا الفلاح البسيط وترقية وعيه، وإطلاق حملات توعية فى وسائل الإعلام، واستعادة دور الإرشاد الزراعى مرة أخرى، بل ودعمه من خلال الوعاظ وخطباء المساجد، حتى لا يكون دوره فقط قاصرا على التنبيه والتوعية بالعبادات والأسئلة التى ما زالت تشغل بال المصريين منذ 5 آلاف عام.

ناقوس الخطر يدق فى ملف القمح، وعلى الحكومة الانتباه لقضية نقص كميات توريد القمح قبل فوات الأوان، وعلينا أن نقدم الدعم للفلاح، ماديا ومعنويا، حتى لو وصل الأمر إلى رفع سعر توريد القمح، ولا نقع تحت طائلة الاستيراد من الخارج، وندفع ملايين الدولارات فى وقت نحن أحوج فيه إلى كل "سنت" فى الاحتياطى النقدى للدولة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سيحا حارس الأهلي يتعرض لحادث سيارة ويعلق: الحمد لله على فضله

الزمالك يتظلم من قرار سحب أرض النادي بـ 6 أكتوبر ويؤكد صحة موقفه

موعد مباراة مانشستر سيتي ضد توتنهام فى الدوري الإنجليزي

داكوتا جونسون.. كيف جمعت نجمة Fifty Shades of Grey ثروتها بعيدا عن التمثيل؟

ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا


مستوحى من أحداث حقيقية.. تفاصيل فيلم ايجى بست بعد انطلاق تصويره

العالم هذا الصباح.. جوتيريش: الوضع فى غزة "جحيم مطلق" ومستويات الموت والدمار لم أشهدها من قبل.. بوتين: علماؤنا أنشأوا درعا نوويا للبلاد.. لافروف: لا خطط لعقد لقاء بين بوتين وزيلينسكى

طلاب الثانوية العامة دور ثان يؤدون امتحان الأحياء والإحصاء والرياضيات

انطلاق الجولة الرابعة لمسابقة الدوري المصري غدا بـ 3 مواجهات قوية

مرموش يواجه اختبارًا جديدًا فى قمة نارية بين مانشستر سيتي وتوتنهام


برامج التعليم المميزة طريقك لسوق العمل.. علوم عين شمس تنفرد بـ7 برامج جديدة بنظام الساعات المعتمدة.. برامج جيوفيزياء البترول والتكنولوچيا الحيوية التطبيقية وعلوم النانو وكيمياء البترول والغاز الأبرز

اتحاد الكرة يطالب بحضور السعة الكاملة لاستاد القاهرة في مباراة إثيوبيا

برشلونة يواجه ليفانتي لمواصلة الانتصارات فى الدوري الإسباني

هل تفلت هدير عبد الرازق من الحبس.. تعرف على موعد الحكم عليها

للزوجات مع اقتراب موسم الدراسة.. من يملك قرار التعليم بعد الطلاق؟

الإضرابات عرض مستمر فى بريطانيا.. عمال مترو لندن يبدأون إضراباً فى سبتمبر.. العاملون بإيرباص يقررون الإضراب للمطالبة بزيادة الأجور.. وتحركات مرتقبة من الأطباء والممرضين.. والخسائر قد تصل إلى ربع مليار استرلينى

وفاة الفنانة المعتزلة سهير مجدى

مواعيد مباريات اليوم السبت 23 - 8 - 2025 والقنوات الناقلة

زى النهارده.. منتخب مصر يهزم غانا بثنائية حسام حسن ويفوز على السودان بثلاثية

محمود وفا حكما لمباراة الاتحاد والبنك الأهلى والسيد للإسماعيلى والطلائع

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى