الحبيب على الجفرى يكتب: الإنسانية قبل التدين.. إنسانية التعامل مع جموح الشباب «2».. التشدد الظاهر فى التدين دون الوقوف على حقائقه يصل بصاحبه إلى الاعتقاد بأنه ميزان الحكم على الآخرين

الحبيب على الجفرى
الحبيب على الجفرى

قد تدفع نوازع سن الشباب وانفعالاته بنوع أخطر من التطرف، فيه إقبال على التدين بشىء من المبالغة، والتشدد فى الأخذ بالطاعات، الأمر الذى يحتاج أيضًا إلى مواجهة على نحو من الاستيعاب.

 

كان سيدنا عبدالله بن عمرو من أفاضل الصحابة ومن رواة الحديث، صوّامًا قوّامًا، تزوج امرأة من قريش، فكان يشغله عنها الصوم والصلاة، فذكر ذلك للنبى.

 

يروى عبدالله بن عمرو فيقول: «فدخل عَلَىَّ، فألقيت له وسادة آدم ربعة حشوها ليف، فجلس على الأرض، وصارت الوسادة فيما بينى وبينه».

فقال: أما يكفيك أن تصوم فى كل شهر ثلاثة أيام؟

قلت: يا رسول الله!

قال: خمسًا؟

قلت: يا رسول الله!

قال: سبعًا؟

قلت: يا رسول الله!

قال: تسعًا؟

قلت: يا رسول الله!

قال: إحدى عشرة؟

قلت: يا رسول الله!

فقال النبى: لا صوم فوق صوم داود، عليه السلام، شطر الدهر صُم يومًا وأفطر يومًا.

فقبل بذلك حتى أنه لما كبر فى السن كان يقول: لأن أكون قبلت رخصة رسول الله أحب إلىَّ مما عدل به، لكنى فارقته على أمر أكره أن أخالفه إلى غيره.

تأملوا كيف نصحه رسول الله!

كان من الممكن أن يقول ادعوه لى، فإذا جاءه عنّفه وأمره!

بل ذهب إليه ثم لم يجلس على الوسادة حتى لا يقيم فاصلًا بينهما، ولا يتخاطب معه بفوقية، إشعارًا بالتكافؤ فى المجلس!

ثم عرض المسألة عرضًا تدريجيًا هادئًا؛ فلم يأمره إلا عند الوصول للحد الأقصى، وهو صوم سيدنا داوُد عليه السلام، وقال له: فإنّ لزوجك عليك حقًا ولجسدك عليك حقًا.

لكنَّ هناك موقفًا أشدّ فى استيعاب الاندفاع غير المتزن فى التدين مع الذين سألوا أمهات المؤمنين عن عبادة النبىِّ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كأنهم تَقَالُّوهَا: فقالوا: وأين نحن من النبىِّ، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟

قال أحدهم: أمّا أنا فإنى أُصَلِّى الليل أبدًا.

وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أُفْطِرُ.

وقال آخر: أنا أَعْتَزِلُ النساء ولا أتزوج أبدًا.

فجاء رسول الله، فقال: «أنتم الذى قُلْتُمْ كذا وكذا، أما والله إنى لأَخْشَاكُمْ لله وَأَتْقَاكُمْ له، لكنى أصوم وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ، وأتزوج النساء، فمن رَغِبَ عن سُنَّتِى فليس منى».

الذم هنا ليس فى الزيادة فى العبادة انتبهوا!

الذم هنا، وفيه شىء من شدة اللهجة، لأنهم ربطوا المبالغة فى أداء الطاعات بمعنى خطير وهو التعالى.

إنهم تقالّوا عبادة رسول الله، أى رأوها أقل من المطلوب، بل وأرادوا أن يلتمسوا لهم ذريعة فى التشدد، فقالوا إن رسول الله غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر!

فهذه النظرة من ربط العبادة بالتعالى؛ بانتقاص ما عند الآخرين هى الأخطر على التدين؛ ابتداء من قسوة القلب، وصولاً إلى التعالى على الناس والاصطدام بهم.

لهذا كان حازمًا فقال: «فمن رغب عن سنتى فليس منى».

وكذلك أرسى القاعدة الإرشادية فى الحديث الآخر: «إنَّ هذا الدين متين؛ فأوغلوا فيه برفق؛ فإنَّ المُنْبَتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى».

هذا التشدد الظاهر فى التدين دون الوقوف على حقائقه يصل بذى الخويصرة إلى أن يعتقد أنه ميزان الحكم على الآخرين، حتى على سيدنا رسول الله! فيقول: «يا محمد اعْدِلْ، قال النبىّ: «ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قد خِبْتَ وخسرتَ إن لم أكن أعدل»، فقال عمر: يا رسول الله ائذن لى فيه فأضرب عنقه، فقال رسول الله: دعه فإنَّ له أصحابًا يحقِر أحدُكم صلاتَه مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميَّة».  

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

شباب الطائرة أمام تركيا فى بطولة العالم

اعترافات مثيرة لمالك كيان تعليمى وهمى وكيف يقنع ضحايا بالشهادات المزيفة

تعرف على مواعيد القطارات على خط القاهرة الإسكندرية والعكس اليوم الإثنين

الآن.. بدء تصويت المصريين فى الخارج بأستراليا

أحمد حمدى يرحب بتجديد عقده مع الزمالك


نجم يظهر فى السماء يعلن بداية العد التنازلي لصيف 2025.. تفاصيل

نجاة وزير الكهرباء بعد حادث مروري أثناء توجهه لمدينة العلمين

مواعيد القطارات اليوم على خط القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس

تعليم القاهرة تفتح باب التحويلات المدرسية مرة أخرى لمدة أسبوع

الزمالك يشكر الرئيس السيسى بعد التصديق على قانون الرياضة


مميزات كارت المحفظة لركوب مترو الأنفاق.. إنفوجراف

الداخلية تضبط 3 أجنبيات حولن منزلهن بالتجمع وكرا لممارسة أعمال منافية للآداب

أخطر 5 اعترافات لقاتلة أسرة دير مواس: "مشيت فى جنازتهم علشان أبعد الشبهة"

أخبار مصر.. انخفاض بدرجات الحرارة غدا والعظمى بالقاهرة 35 درجة والإسكندرية 32

أبو الغيط يرحب بخارطة الطريق الأممية لتوحيد المؤسسات وإجراء الانتخابات فى ليبيا

أهالى الرهائن يتظاهرون أمام منازل وزراء الاحتلال ويوجهون رسالة لنتنياهو

حصاد الوزارات.. وزارة التربية والتعليم: تسليم الكتب للطلاب دون قيود أو شروط

وزير خارجية إيران يتوجه إلى جدة لحضور اجتماع منظمة التعاون الإسلامي بشأن غزة

جيش الاحتلال: نتنياهو وكاتس وزامير أشرفوا على هجوم صنعاء من مقر سلاح الجو

مدبولى يتابع مستجدات موقف تنفيذ "الدلتا الجديدة" ورفع كفاءة استخدام موارد المياه

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى