الحبيب على الجفرى يكتب: الإنسانية قبل التدين.. عقد المواطنة وحقوقها.. الذمى كان يدفع الجزية مقابل عدم اشتراكه فى المعارك المرتبطة بنشر الدعوة.. والقاعدة العامة فى حقوق أهل الذمة أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا

الحبيب على الجفرى
الحبيب على الجفرى

بالحديث عن إنسانية النظرة مع اختلاف العقائد نتوصل إلى أنه لا شأن لنا فيما يتعلق بصلة الإنسان بخالقه، إذ ليس لنا أن نحاسب الخلق على معتقدهم.

أما عن الجانب الآخر من الميزان المتصل بإنسانية التعامل، فقد كان هناك نوعان أولهما ابتدأه النبىُّ فى صحيفة المدينة بعهد المواطنة الكاملة، ثم اتضح قصور الثقافة الإنسانية السائدة وقتئذ عن تقبل فكرة التنوع مع اختلاف المعتقد أو العرق أو العنصر.

والنوع الثانى كان فى عقد الذمة الذى يدفع فيه الذمى جزية مقابل عدم اشتراكه فى الجهاد المرتبط بنشر الدعوة الإسلامية، وأنَّ الجزية ما كانت تُؤْخَذُ من الذميين إلا للقيام بحمايتهم والدفاع عنهم، وأنَّ الذميين لو دخلوا فى الجند أو تَكَفَّلُوا أمر الدفاع لَعُفُوا من الجزية.

ولذا لما تتابعت الأخبار بحشود الروم، كتب أبوعبيدة بن الجراح إلى كل وَالٍ ممن خَلَّفَهُ فى المدن التى صالح أهلها يأمرهم أن يردوا عليهم ما جُبِيَ منهم من الجزية، وكتب إليهم: «إنما رددنا عليكم أموالكم، لأنه قد بلغنا ما جُمِعَ لنا، وأنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم، وإنّا لا نقدر على ذلك».

فهمنا من ذلك ارتباط الجزية بالجهاد، وهذا فيه عدل وإنصاف؛ لأنه ليس من واجبات المصرى المسيحى، على سبيل المثال، أن يقاتل فى معركة تختص بمسلمى المغرب أو إندونيسيا، وإلا أضحى قتالاً فى غير ميدانه.

ولعقد الذمة ضوابط فى أحاديث النبىِّ ومعاملاته بالإحسان؛ منها نموذج أهل نجران الذين استقبلهم فى مسجده؛ فقال بعض الصحابة: ما رأينا وفدًا مثلهم، وقد حانت صلاتهم فقاموا فى مسجد رسول الله يصلون، فقال: «دَعُوهُمْ»، فصلوا إلى المشرق.

قال بعض المستشرقين إن الجزية كانت لإكراه الناس على الإسلام، وهذا محض افتراء، فلم يصبح المسلمون من أبناء البلاد المفتوحة فى العراق والشام ومصر أغلبية إلا بعد قرون، فلو كانت مسألة إكراه ما احتاجت إلى ذلك، كما فُعِل بمسلمى الأندلس وغيرهم.

والقاعدة العامة فى حقوق أهل الذمة أنَّ لهم ما لنا وعليهم ما علينا، ورُوِىَ عن عَلِىِّ بن أبى طالب كرَّم الله وجهه: إنما قبلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا، فمن مُقْتَضَيَاتِ عقد الذِّمَّةِ أنَّ أَهْل الذِّمَّةِ لا يُظْلَمُونَ ولاَ يُؤْذَوْنَ، وأَلاَّ يتعرض المسلمون لهم فى عقيدتهم وأداء عبادتهم.

أُتِىَ عُمَر بن الخطاب رضى الله عنه بمال كثير من الجزية فقال: إنى لَأَظُنُّكُمْ قد أهلكتم الناس، قالوا: لا والله ما أخذنا إلا عفوًا صفوًا، قال: بلا ســوط ولا نوط؟ قالوا: نعم. مثلما أوصى على بن أبى طالب وإليه على عُكْبُرَاءَ: «فَلا تَبِيعَنَّ لهم كِسْوَة شتاء ولا صيفًا، ولا رزقًا يأكلونه، ولا دَابَّةً يعملون عليها، وَلا تَضْرِبَنَّ أَحدًا منهم سَوْطًا واحدًا فى درهم، ولا تُقِمْهُ على رجله فى طلب درهم، ولا تَبِعْ لأَحد منهم عرضًا فى شىء من الخراج؛ فإنما أُمِرْنَا أنْ نأخذ منهم الْعفو، فإِن أَنْت خالَفْتَ ما أَمَرْتُكَ به يَأْخُذُكَ اللَّه به دونى، وإن بلغنى عنك خِلاف ذلك عزلتك. قال: إِذن أَرجع إِليك كما خرجت من عندك، قال: وإِنْ رجعت كما خرجت.

وكذلك كتب عمر بن عبدالعزيز لواليه: «وانظر من قِبَلِكَ من أهل الذِّمَّة قد كبرت سنه، وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب، فَأَجْرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه، وذلك أنه بلغنى أنَّ أمير المؤمنين عمر مَرَّ بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس فقال: ما أنصفناك أَنْ كُنَّا أخذنا منك الجزية فى شبيبتك ثم ضَيَّعْنَاك فى كبرك، ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

النيابة تامر بسرعة التحريات حول قتل سمكرى عامل لخلاف على 600 جنيه فى أوسيم

نتنياهو يزعم: نأسف لاستهداف مُستشفى "ناصر" ويصفه بالحادث المأساوي

محمود سعد: وصول النجمة أنغام لمصر وصوتها جميل ومتألق كالعادة

ترامب يعلن تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب خلال الأسبوع المقبل

الأهلي يواصل نزيف النقاط ويتعادل مع المحلة سلبيًا.. صور


انتهاء الفحوصات الطبية لوزير الكهرباء خلال ساعة استعدادا لمغادرة المستشفى

رئيس الوزراء يصدر قراراً بتعيين الدكتور إسلام عزام رئيساً للبورصة المصرية

رحيل المذيع عاطف كامل بعد مسيرة حافلة فى ماسبيرو

أرقام ريبيرو مع الأهلى قبل مواجهة غزل المحلة اليوم.. إنفو جراف

98 مباراة جمعت الأهلي وغزل المحلة قبل مواجهة اليوم.. تفوق أحمر


نيوكاسل ضد ليفربول.. 18 مساهمة تهديفية تدعم محمد صلاح بموقعة البريميرليج

إمام عاشور "عريس" المواجهة الأخيرة بين الأهلي وغزل المحلة قبل مباراة اليوم

اللجنة المصرية فى غزة: مصر توزع اليوم 100 ألف سلة غذائية على سكان القطاع

التشكيل المتوقع لمباراة نيوكاسل يونايتد ضد ليفربول.. موقف محمد صلاح

أخبار مصر.. مجلس الوزراء: خطوات جادة وسريعة لتطوير منظومة التعليم

انطلاق مهرجان مهرجان فينيسيا فى دورته الـ82 الأربعاء المقبل

الهيئة الوطنية للانتخابات تتابع فتح لجان الإعادة بانتخابات الشيوخ فى 26 دولة

إنتر ميلان يتسلح بسجل مثالى قبل افتتاح مشواره بالدوري الإيطالي ضد تورينو

تشكيل الأهلي المتوقع أمام غزل المحلة.. زيزو وبن شرقي وشريف فى الهجوم

عيد ميلاد حسين الجسمى.. قصة حب متبادلة بينه وبين المصريين

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى