المنتج الوطنى

لا بديل أمام الجميع سوى تشجيع المنتج الوطنى المحلى على كل المستويات، فمع صعود أرقام الواردات فى بعض السلع الكمالية والسلع التى لها بديل أو نظير وطنى إلى مبالغ طائلة، فى ظل ظروفنا الاقتصادية الاستثنائية، فإن الأمر يتطلب تحركًا سريعًا على جميع المستويات.

 

وفى إطار الاتفاقيات التجارية الدولية يظل الوازع الوطنى هو الأهم لدى المسؤولين عن المناقصات والمزايدات وأوامر الشراء فى جميع المؤسسات والقطاعات الحكومية وقطاع الأعمال أو الشركات والمؤسسات العامة والخاصة، هو الأجدى والأهم فى مجال التطبيق، ولا يمكن إغفال دور منظمات المجتمع المدنى والضمير الوطنى العام لدى جميع أبناء الوطن، فتشجيع المنتج المحلى الوطنى يسهم فى دوران عجلة العمل بالمصانع المحلية، ويوفر المزيد من فرص العمل لأبنائنا وشبابنا، ويوفر الكثير من العملة الصعبة، كما ينبغى على التجار أيضًا إيثار المصلحة الوطنية العامة على إيثار المزيد من الكسب السريع.

لكن على الجانب الآخر وبالتوازى يجب التأكيد على أمرين: 

 

الأول: المراقبة الصارمة لجودة المنتجات الوطنية، بدءًا من تحديث آلات ووسائل الإنتاج إلى تدريب وتأهيل العمال والصناع، إلى أن تصبح الجودة والإنتاج ثقافة وطنية عامة، مع الاستعانة بالخبرات المتميزة فى مجالى العرض والتسويق، وإبراز المنتج الوطنى والعمل على إعطائه مكانة بارزة فى العرض والتسويق، فالمنتج الذى لا يجد صدى واهتمامًا فى بلده لا يمكن أن يجد صدى أو اهتماما خارجا بلده، حتى إن بعض الدول والمنظمات والجهات تشترط فى بعض المنتجات كالدواء مثلاً تداول المنتج فى بلده الأم قبل استيراده منها، وينبغى أن يكون لدينا جميعًا اعتزاز بمنتجاتنا الوطنية داخل مصر وخارجها، فديننا دين الإتقان، حيث يقول الحق سبحانه: «صُنْعَ اللَّهِ الَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ»، ويقول سبحانه: «إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً» ولم يقل سبحانه إنا لا نضيع أجر من أكثر عملا، فالعبرة بالجودة والإتقان لا بالكم ولا الكثرة، ويقول نبينا «صلى الله عليه وسلم»: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ».

 

ومن أركان هذا الإتقان أن يقوم كل من توكل إليه مهمة مراقبة الجودة بعمله على الوجه الأكمل دون أدنى تقصير أو محاباة، وأن تتم محاسبة المقصرين كما تتم إثابة المتميزين إعمالا لمبدأ الثواب والعقاب، مع التأكيد على أن ما عند الله «عز وجل» من الثواب والعقاب يتطلب الإتقان فى العمل؛ حرصًا على فضل الله ورحمته واتقاءً لغضبه وعقابه فى الدنيا والآخرة.

 

الأمر الآخر: محاربة كل ألوان الجشع والاستغلال والاحتكار، يقول نبينا «صلى الله عليه وسلم»: «مَنْ دَخَلَ فِى شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغَلِّيَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وفى رواية: «وقد بَرِئَت منه ذمة الله ورسوله»، ويقول «صلى الله عليه وسلم»: «لَا يحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» ويقول «صلى الله عليه وسلم»: «مَنِ احْتَكَرَ حُكْرَةً يُرِيدُ أَنْ يُغْلِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ خَاطِئٌ»، ويقول «صلى الله عليه وسلم»: «مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الله، وَالله بَرِئٌ مِنْهُ، وَأَيُّمَا أَهْلِ عَرْصَةٍ ظَلَّ فِيهِمُ امْرُؤٌ جَائِعًا، فَقَدْ بَرِِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ الله».

 

وعلى العكس من ذلك كله فإن ديننا الحنيف يدعو إلى التراحم والتكافل وتخفيف الكرب، يقول نبينا «صلى الله عليه وسلم»: «مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ فِى الدُّنْيَا سَتَرَهُ اللهُ فِى الْآخِرَةِ وَاللهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ، مَا كَانَ الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ».