عبدالناصر والإخوان بين التكتيك والانتهازية

جمال أسعد
جمال أسعد
بقلم - جمال أسعد
جاء مسلسل الجماعة 2 الذى عرض خلال شهر رمضان كالعادة بزوبعة خلافية حول بعض الوقائع التى تعرض لها المسلسل. والمسلسلات التاريخية دائما ما تشاهد هذه الخلافات، ذلك لأن العمل الدرامى التاريخى لا يعنى عرض الأحداث التاريخية كما هى وإلا كان أشبه بفيلم تسجيلى. 
 
ولكن تلك الدراما تطرح التاريخ فى إطار درامى فنى تشويقى يجذب المشاهد لمتابعة تلك الأحداث التاريخية. والمشكلة هنا أن كل واحد يقرأ التاريخ وأحداثه من الزاوية التى يراها، خاصة أن التاريخ السياسى مرتبط بأشخاص وزعامات يجعل أتباعهم فى حالة ولاء وانتماء لهم، ولذا نرى المشاهد يريد أن يرى ما يعرفه مسبقاً أو حتى ما يريد أن يراه حسب رويته الخاصة. 
 
والاختلاف الذى حدث كان معظمه حول انضمام جمال عبد الناصر لجماعة الإخوان وقسمه على المصحف والمسدس سمعاً وطاعةً لهذه الجماعة. 
والقسم أمام الجماعة يعنى فى ظاهرة الانضمام والإيمان بهذه الجماعة، هذا إذا نظرنا للحدث فى إطاره الشكلى الظاهرى. 
ولكن المهم ما هى الظروف السياسية التى جعلت عبدالناصر يقوم بهذا القسم؟
 
 هل هو الإيمان المطلق بالجماعة؟ أم ماذا؟ هنا لا بد من بعض الإيضاحات فعبد الناصر ذلك الشاب المصرى الوطنى الثورى المثقف مدرس الاستراتيجية العسكرية فى الكلية الحربية الذى اقتنع وآمن بخلاص هذا الوطن من ذلك الحكم الفاسد المستبد الذى  يجنى ثماره القلة الطبقية على حساب الشعب. فكيف يكون الخلاص بغير تنظيم ثورى يمتلك الأداة والأسلوب الذى يمكنه من إسقاط النظام؟
 
 كان هدف عبدالناصر الدراسة والتقصى والبحث حتى يتم تكوين تنظيم ثورى يضم ويستفيد من جميع الاتجاهات السياسية الموجودة على الساحة حين ذاك حتى تكون جماهير هذه القوى السياسية المتعددة نصيراً لهذا التنظيم فى إسقاط النظام. 
 
ولذا وجدنا عبدالناصر وتطبيقاً لهذه الرؤية ينضم إلى حزب مصر الفتاة ذات التوجة الاشتراكى الإسلامى ذو النزعة الهتلرية. تعرف عبدالناصر على حزب الوفد وممارساته وتوجهاته. تعامل مع الحزب الشيوعى وكان اسمه الحركى موريس. 
 
وفى ذلك الوقت كان الإخوان يمثلون ثقلاً جماهيرياً اعتماداً على استغلال العاطفة الدينية واستغلال الدينيى لصالح السياسى الشىء الذى جعل الملك يستغلهم فى صراعه مع الوفد. ولهذا تعرف عبدالناصر على الإخوان وعلى حسن البنا شخصياً وتم القسم من عبدالناصر ومعه خالد محيى الدين وكمال الدين حسين، وقد سمعت قصة القسم بتفاصيلها من أستاذى المناضل خالد محيى الدين حينما كنت أحد قيادات حزب التجمع. وهذا يعنى أن عبدالناصر أقسم وقيل أن اسمه الحركى كان زغلول. فماذا يعنى هذا؟  فى إطاره الشكلى يمكن أن نقول إنه إيمان وانضمام للجماعة وفى إطاره الموضوعى أى إطار اختراق القوى السياسية لصالح التنظيم الثورى يمكن أن نقول انها انتهازية سياسية، ولكن لأن هذا الانضمام لم يكن الوحيد، بل كان حالة من حالات التعرف ومحاولة اختراق التنظيمات إلسياسية. وهذا يطلق عليه تكتيك بهدف الوصول الى تحقيق الهدف الاستراتيجى وهو الثورة «الفرق بين الانتهازية والتكتيك خيط رفيع».
 
وعلى هذا لا يقال أن عبدالناصر كان حزب مصر الفتاة أو كان شيوعياً أو وفدياً أو إخوان مسلمين. 
ولكن يجب تقييم هذا فى ضوء معطيات الواقع السياسى وفى ظل تحقيق هدف الثورة.
 
أما المسلسل فقد اقتصر على عرض علاقة عبدالناصر بالإخوان بل تحديداً علاقة عبدالناصر وسيد قطب، وكأن هذه المرحلة التاريخية منذ بداية الثورة وحتى 1965 لم يكن هناك أحداث غير هذه العلاقة حتى أننا شعرنا أن المسلسل هو أقرب للفيلم التسجيلى التاريخى من أنه دراما تاريخية. 
 أما الجانب الأهم ونظراً لتحجيم الحدث الدرامى فى إطار هذه العلاقة وجدنا أن هناك محصلة ونتائج خطيرة تصور الأمر وكأن المسلسل هو دعاية وترويج وتسويق للإخوان ولسيد قطب.
 
مما يجعل المشاهد أسيراً للجماعة ومبادئها ونضالها وتضحياتها.
المشاهد الذى لا يعرف سيد قطب ولا فكره تعرف عليه وعلى أفكاره وعرف معالم على الطريق، وكأن هذا الفكر وذات الشخص هو الأسطورة التى لا تبارى، خاصةً أن فكره يأخذ الآن الإطار العملى فى التطبيق. 
 
حيث كان يجب أن يكون فى البناء الدرامى شخصية تأخذ المقابل الموضوعى، للرد على تلك الأفكار حتى يكون المشاهد فى وضع العصف الزهنى الذى يجعله يختار. سيظل التاريخ بحقائقه مهما تم تزويره أو الالتفاف عليه. سيظل عبدالناصر هو الزعيم الوطنى الثورى الذى انحاز لمصر وللمصريين بل للعرب فى مواجهة كل القوى التى كانت ومازالت لا تريد الخير لمصر ولا للعرب ولا للمسلمين. عبدالناصر بتدينه الوسطى وبالخدمات التى قدمها للإسلام فى مصر والعالم العربى، بل الإفريقى كان قد كشف لعبة المتاجرة بالأديان تلك التى مازلنا نعانى منها ونطلب تجديد الفكر الدينى. 
كل عام والمصريين بخير، حمى الله مصر وشعبها العظيم.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

على الحجار يحيى حفلا غنائيا فى ساقية الصاوى.. 24 ديسمبر

10 إجراءات من مركز المناخ لإنقاذ القمح المتأخر.. تعرف عليها

نظر محاكمة 54 متهما بخلية الهيكل الإداري للإخوان.. خلال ساعات

مقتل ما لا يقل عن 7 أشخاص فى تحطم طائرة فوق ملعب فى المكسيك

الفوز الأول.. كأس عاصمة مصر تفتح باب الحلم لسيراميكا أمام الأهلي


موعد مباراة الزمالك وحرس الحدود بكأس عاصمة مصر

انهيار سد فى ولاية واشنطن.. والسلطات الأمريكية تصدر أوامر إخلاء للسكان

غرامة تصل لـ 5 ملايين جنيه عقوبة نشر أخبار خاطئة عن الطقس

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية قبل انطلاق بطولة أمم أفريقيا والقناة الناقلة

حالة الطقس اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار بعدة مناطق


تعرف على موعد استطلاع دار الإفتاء هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا

طلاق المخرج حسام الحسينى وزوجته رسميا بعد 21 عاما من زواجهما

لحظات رعب في المغرب.. فيضانات إقليم آسفى تخلف 51 قتيلا ومصابا والحصيلة فى تزايد.. استمرار البحث عن مفقودين.. تعليق الدراسة 3 أيام.. الوكيل العام للملك يفتح تحقيقا موسعا.. والأرصاد تحذر من طقس عنيف غدا.. فيديو

الأردن يفوز على السعودية ويواجه المغرب فى نهائى كأس العرب 2025

ابنة شقيقة طارق الأمير: دكتور حسام موافى طلب من الأطباء تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب لخالى

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية استعدادا لكأس أمم أفريقيا

حقيقة تصنيف مواليد الثمانينيات ضمن كبار السن في منظمة الصحة العالمية

شرط وحيد من الأهلى للموافقة على رحيل مصطفى شوبير للاحتراف الخارجى فى يناير

ملخص وأهداف المغرب ضد الإمارات 3-0 اليوم فى نصف نهائى كأس العرب

موقف يحسد عليه.. بن أفليك يحضر عرضا مدرسيا لابنه بحضور زوجتيه السابقتين

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى