الإرهاب والأنشطة الكنسية

جمال اسعد
جمال اسعد
الظاهرة الإرهابية فى مصر ومنذ سبعينيات القرن الماضى وحتى الآن، وهى تتخذ من الأساليب والطرق والآليات المتطورة، وتستفيد من حالة التطور التقنى والتكنولوجى واللوجستى، حتى أصبحت ظاهرة عالمية الآن، ولم تستثن أحداً من دول العالم، وتستهدف المصريين المسيحيين فى عملياتهم الإرهابية،  باعتبار أنهم الحلقة الأضعف والصورة المثلى، التى تحدث صدى إعلاميا محليا وعالميا، الشىء الذى يحرج النظام السياسى ويحدث خلخلة فى التوحد الوطنى يمكن استغلاله، ودائما تستخدم كورقة لإثارة المناخ الطائفى، الذى دائماً ما يعتمد عليه كل أعداء الوطن فى الداخل والخارج، الذين يريدون هدم الدولة، لذا وجدنا تلك العمليات الإرهابية ضد الأقباط وكنائسهم طوال السبعينيات والثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، ثم كان تهديد تنظيم القاعدة بالعراق للكنيسة المصرية وللأقباط، حول ما يسمى بالمتأسلمات، ذلك التهديد الذى نفذ فى عملية كنيسة القديسين فى الإسكندرية ليلة 31/12/2010. 
 
وبعد تنظيم القاعدة، جاء داعش الذى يتبنى العمليات الإرهابية على المستوى العربى والعالمى ليتخذ من الأقباط أيضا هدفا دائما لعملياته الإرهابية وعلى نفس الأرضية ولذات الأسباب، إضافة إلى اصطفاف الأقباط فى 30 يونيو 2013 مع المصريين فى إسقاط نظام الإخوان ومشاركة البابا فى اجتماع 3 يوليو 2013، حيث أعتبرت هذه التنظيمات أقباط مصر وكنائسهم هدفا موازيا للعمليات الإرهابية لمحاولة إسقاط النظام، بل إسقاط الدولة، وكانت عملية الكنيسة البطرسية ثم تبعها عملية طنطا وعملية الإسكندرية التى كانت تستهدف البابا شخصيا حتى عملية رحلة الأقباط إلى دير الأنبا صموئيل فى مغاغة المنيا، وبعد عملية المنيا مباشرة وفى تصريحات إعلامية، قُلنا وقتها كيف لا يكون هناك خطط أمنية تواجه تلك التهديدات الصادرة دوريا من داعش، التى تهدد بعمليات إرهابية ضد الأقباط فى كل مكان، حيث كان يجب أن يكون هناك حماية أمنية ترافق هذه الرحلات، كما قُلنا إن هذه الحماية يمكن أن تكون هدفاً مع الرحلة ذاتها، ولذلك نبهنا بأنه يجب أن تلغى هذه الرحلات نظراً للحالة الأمنية ومواجهة لهذه التهديدات، والأحداث تتوالى والعمليات الإرهابية تتراكم والتهديدات مستمرة، لذا كان من الطبيعى أن تكون هناك رؤية ثابتة راصدة ومحللة للوضع وللواقع من ناحية الكنائس، ولم نجد ذلك، ولذلك كان من الطبيعى أن يكون هناك تحذيرات أمنية لمواجهة هذه التهديدات فاستجابت الكنائس، وتم إلغاء اللقاءات الجماعية ووقف الرحلات الدينية والأنشطة الكنسية، لحين استجلاء الأمر وتغيير الظروف، فكانت هذه التحذيرات وتلك القرارات مطلوبة وواجبة نتيجة لهذه التهديدات المتحدية، التى تنفذ على أرض الواقع وحفاظاً على أرواح المصريين التى تذهق دماؤهم.
 
الغريب والمريب فى الأمر، وبالرغم من ضرورة اتخاذ هذه القرارات الواجبة لصالح المصريين المسيحيين ولصالح الوطن كله، وحتى لا نعطى الفرصة كاملة لهذه التنظيمات الإرهابية أن تفعل ما تريد وبالطريقة التى تريدها، حيث إن هذا الإرهاب وتلك الحرب ليست حربا نظامية، ولكنها تأخذ أشكالا عدة من الصعب مواجهتها بصورة كاملة متكاملة مع ما نراه بعمليات إرهابية فى كل دول العالم وبأساليب متعددة ومتغيرة. وبالرغم من ذلك وجدنا بعض الشباب القبطى الذى يتخذ من وسائل التواصل الاجتماعى طريقا وأسلوبا خاطئا وسيئا لممارسات لا علاقة لها بفكر أو رأى أو رؤية بل هو طريق لإثبات الذات، التى ترى نفسها ولا تجد دوراً لها، فوجدنا هؤلاء يشعلون حرباً ضد هذه القرارات، وكأنها نوع من الاضطهاد ضد المسيحيين ونوع من منع الأقباط عن ممارسة شعائرهم الدينية وطقوسهم الكنسية، وهذا بالطبع ادعاء كاذب وخلط مريب للأوراق واستغلال الظروف للتنفيس عن مشاكل تشعره بالمظلومية ونوع من رفض النظام بصورة مقنعة، فلا علاقة بالقرارات الخاصة بالتجمعات والرحلات والأنشطة بما يدعونه على الإطلاق، فالكنائس مفتوحة ومتاحة لمن يريد الصلاة وممارسة العقيدة، ولكن بصورة فردية أو أسرية وهذا غير الأنشطة والرحلات التى لا علاقة لها بالمسيحية ولا بالعقيدة ولا بممارسة الطقوس الدينية، فالكنيسة دورها الأساسى والأهم هو الدور الروحى والدينى والكنسى، فلا علاقة للأنشطة الرياضية والثقافية والفنية والاجتماعية بالعقيدة المسيحية، ما علاقة هذه الرحلات إلى الأديرة بطول البلاد وعرضها طوال العام، التى غالبا تتم من باب الترفيه وقضاء الوقت فى الأديرة، التى يجب أن تكون مكانا للعبادة والبعد عن العالم للرهبان، الذين ماتوا عن العالم فنرى العالم يذهب إليهم فى أديرتهم؟ وإن كان الذهاب للصلاة والتبارك فيمكن التعويض عنه خلال هذه الفترة الصعبة بالصلاة والتبارك فى الكنائس داخل المدن، وما علاقة المسيحية وطقوسها بالرحلات إلى شرم الشيخ والغردقة وغيرها للمصيفين؟ هذه الرحلات وتلك الأنشطة جاءت وتراكمت وتكاثرت بما يمثل خطورة على التوحد الوطنى الحقيقى للمصريين، فهذه الأنشطة وتلك الممارسات المغلقة على المسيحيين فقط تكرس وتؤسس لعزلة طائفية ثم فرز طائفى يفرز بين المصرى المسلم والمصرى المسيحى، مما يجعل الكنيسة بهذه الممارسات فى ذهن القبطى وبطريقة غير مباشرة وغير واعية، بديلاً للوطن والدولة، الشىء الذى يؤسس لدولة دينية، ويتناقض مع الدولة المدنية التى نطالب بها نظرياً ونناقضها عمليا، ولنتعلم من درس الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية، الذين انعزلوا بشبابهم بنفس ذات الأنشطة، فأصبحوا غير منتمين للوطن بل لجماعتهم.
 
اذهبوا إلى الكنائس حتى ولو استشهدتوا فأنتم شهداء الدين، ولكن لا يجب أن يكون هناك شهداء الرحلات أو الأنشطة، التى يجب أن تمارس مع كل المصريين فى مؤسسات الدولة، حتى نؤسس لتوافق وطنى وأرضية ثقافية، وتعامل اجتماعى نتفق عليه كمصريين، ونعمل بصدق وبحق على أن تكون مصر لكل المصريين المحبين لها والمنتمين إليها.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

جنايات المنصورة تحيل أوراق عربي الجنسية للمفتي لقتله صديقه وقطع جزء من جسده

تشكيل مانشستر سيتي ضد كريستال بالاس بالدوري الإنجليزي.. مرموش على الدكة

الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة

مواعيد مباريات منتخب مصر فى أمم أفريقيا.. البداية مع زيمبابوى 22 ديسمبر

وزير الداخلية يعتمد نتيجة قبول دفعة جديدة بأكاديمية الشرطة للعام 2025/2026.. قبول 2757 طالبا بعد اختبارات دقيقة بأحدث التقنيات.. 48 ألف متقدم والنتيجة تعتمد على الشفافية.. اختيار عناصر نسائية وخريجى الحقوق


نتيجة كلية الشرطة 2026 كاملة لجميع التخصصات.. بالأرقام

تقارير: غياب مرموش ضربة قوية للسيتي ومصر ثاني المرشحين لحصد أمم أفريقيا

بدء إبلاغ المقبولين بكلية الشرطة بنتائج القبول للعام الدراسى الجديد

مستشار الرئيس للصحة يوصى بالبقاء بالمنزل عند الشعور بأعراض الأنفلونزا "A"H1N1

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات


قبول 1550 طالبًا من خريجي الحقوق بأكاديمية الشرطة

وزير الداخلية يعتمد نتيجة قبول دفعة جديدة بأكاديمية الشرطة

تفاصيل عرض المليون دولار من برشلونة لضم حمزة عبد الكريم وموقف الأهلي

اعرف الرابط الرسمى للاستعلام عن نتائج اختبارات كلية الشرطة

محمد صلاح فى جدة.. انتقال محتمل أم زيارة عابرة؟

الصفقة المجانية سر غضب الأهلى من برشلونة فى صفقة حمزة عبد الكريم

حكام مصر الستة يتوجهون إلى المغرب للمشاركة فى أمم أفريقيا

100 مليون جنيه إسترليني تهدد بقاء محمد صلاح في ليفربول

إخطار المقبولين بكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد هاتفيًا وبرسائل نصية

أكاديمية الشرطة تعلن نتيجة الطلاب المتقدمين لها اليوم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى