سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 2 يوليو 1926.. «هيئة كبار الأطباء» تنحاز للقبعة وتعلن: «لبس الطربوش غير صحى»

فكرى أباظة
فكرى أباظة
تقدمت «الرابطة الشرقية»، برئاسة عبدالحميد البكرى، نقيب الأشراف إلى «جمعية الأطباء» بمجموعة أسئلة واستيضاحات حول: «أيهما يعد لباسًا صحيًا، القبعة أم الطربوش»؟
 
كان السؤال انعكاسًا لمعركة ساخنة شهدتها مصر عامى 1925 و1926، ودارت بين ثلاثة أطراف: الطربوش، والقبعة، والعمامة، ويرصد وقائعها جمال بدوى فى كتابه «المصور شاهد عيان على الحياة المصرية» عن «دار الهلال- القاهرة»، مشيرًا إلى أنها «تحولت إلى حرب ضروس بين أنصار كل طرف، وبدأت من كلية دار العلوم، حيث ظهرت الدعوى إلى التخلى عن الزى الأزهرى المكون من الجيبة والقفطان والعمامة، وارتداء البدلة والطربوش كغطاء للرأس، ثم دخلت القبعة إلى الحلبة لتطيح بالطربوش عن عرشه الذى تربع عليه عدة قرون باعتباره رمزًا للسيادة التركية، التى تخلصت منها مصر بعد سقوط الخلافة العثمانية فى عام 1924، وانتصار الثورة الكمالية»، وهى الثورة التى قادها مصطفى كمال أتاتورك، الذى تشدد فى إزالة كل معالم العثمانية، وفرض على الأتراك لبس القبعة والملابس الأوروبية.
 
يؤكد «بدوى» أن ما حدث فى تركيا سرت عدواة فى مصر، استنادًا إلى أن البلد الذى نبع منه الطربوش خلعه، فلماذا نتمسك به فى مصر؟، كما أن الطربوش يرمز إلى العنجهية التركية التى أذاقت المصريين الوبال، ولكن أنصار الطربوش رفضوا هذا التبرير، وحجتهم فى ذلك أنه اكتسب من طول استعماله، صفة المواطنة، وصار رمزًا للقومية المصرية والانتماء الوطنى فى مهاجمة الهجمة الأوروبية الاستعمارية، وأن التخلى عنه سيؤدى إلى الذوبان فى موجة التغريب التى اتسع مداها فى ذلك الوقت، وكان رمزها القبعة أو البرنيطة، كما كانت تسمى حينئذ». يذكر «بدوى» أن كبار الكتاب والأدباء والصحفيين دخلوا هذه المعركة، فكتب فكرى أباظة على صفحات المصور بعنوان «الحرب الطاحنة»، محذرًا: «إن لهيب هذه الحرب سيمتد إلى الأرياف وقراها فى القريب العاجل، وستصل العدوى من «دار العلوم» إلى القضاء الشرعى فالأزهر فالجامع الأحمدى، فالمعهد الدسوقى، فمعهد الزقازيق ثم تصل إلى مدارس المعلمين والمكاتب الأولية، ولا نعلم من سيكتب النصر»أللطربوش أم للعمة؟، وأضاف: «الزى ما كان فى وقت من الأوقات أصلًا من أصول الشرائع، وإنما هو مظهر من مظاهر الذوق، فتغييره لا علاقة له بالشرع»، وتساءل: هل يقبل الأساتذة الثائرون من طلبة دار العلوم، أن يصبحوا فى العهد القريب «خواجات»، ومع ذلك يحفظون أحاديث البخارى ويقرأون فى كتاب الزمخشرى والقلقشندى؟، وبعد أن كانت المعركة بين «العمة» و«الطربوش» دخلت القبعة طرفًا ثالثًا، وفقًا لبدوى، حيث قامت مجلة «الهلال» باستطلاع رأى اثنين من كبار الكتاب أحدهما يدافع عن الطربوش، وهو الأستاذ مصطفى صادق الرافعى، والثانى يناضل من أجل القبعة، وهو الدكتور محمود عزمى.
 
وفى دفاعه عن «الطربوش»، قال «الرافعى»: «القبعة على رأس المصرى فى مصر تهتك أخلاقى، والطربوش لم يضق، وإنما ضاقت العقول، أو ضاقت الأخلاق، وهذه الأمة منكوبة بالتقليد والمقلدين»، أما الدكتور محمود عزمى، فأعلن أنه يحدد لنفسه اليوم الأول من شهر يوليو سنة 1925 ليلبس القبعة، ويؤكد عزمى أنه منذ يوم العشرين من شهر يونيو، أعلن كل من قابله من الإخوان والأصدقاء أنى مغير لباس الرأس.
 
تواصلت المناقشات من صيف عام 1925 حتى عام 1926، ووفقًا لتأكيد «بدوى»: «اتسع نطاقها وزادت سخونتها بفتوى لشيخ الأزهر والمفتى بتحريم لبس القبعة»، مضيفًا: «استندت الدولة إلى هذه الفتوى فى حظر وضع القبعة على رؤوس الطلاب، كما أنها أصبحت أيضًا عنصرًا من عناصر الصراع بين مرشحى حزب الحكومة «الاتحاد» والأحزاب الثلاثة المؤتلفة «الوفد والأحرار والوطنى» فى الانتخابات البرلمانية التى أجريت فى مايو 1926، فمرشحو «الاتحاد» أخذوا يفخرون بأن حكومتهم حين منعت المصريين من لبس القبعة، إنما منعت أكبر ضرر كان ممكنًا أن يحيط بمصر وبنيها، فى حين ردت جريدة «السياسة الأسبوعية» ساخرة من هؤلاء الذين يعتبرون لبس القبعة «هادمًا لأصول الشريعة الحنيفية».
 
كانت «الرابطة الشرقية» هى التى تحتضن فصائل هذه المعركة فوق منبرها، لكنها هربت من إصدار قرار حاسم فى القضية حتى لا تتورط فى الانحياز إلى القبعة ضد العمة والطربوش، فتتهم بالمروق والخروج على الشريعة، وأحالت الموضوع إلى «هيئة كبار الأطباء» التى كانت بمثابة نقابة، ولم تتعرض للمسألة من جانبها الدينى، واقتصر قرارها على الناحية الصحية فقط، حيث أعلنت يوم 2 يوليو (مثل هذا اليوم) عام 1926: «الطربوش لباس رأس غير صحى، وأن للباس الصحى شروطًا متوفرة فى القبعة وغير متوفرة إلا فيها». 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حجز عاطل بتهمة تصنيع الأسلحة البيضاء والاتجار بها

عم طارق.. بطل مزلقان بنى سويف أنقذ شابا من الموت على قضبان السكة الحديد.. ويؤكد لـ"اليوم السابع": ما حسبتهاش وما فكرتش فى نفسى.. حسيت إن ثانية واحدة ممكن تفرق بين حياة وموت إنسان.. فيديو وصور

باريس سان جيرمان يتخطى أنجيه بهدف في الدوري الفرنسي.. فيديو

مدحت صالح يبدأ حفله بمهرجان القلعة بأغنية "زى ما هى حبها"

7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025


حمادة عبد اللطيف: خوان ألفينا "حاوى" جديد فى الزمالك.. وفيريرا هادئ

موعد انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس الدولية والرسمية

مصر تتمسك بثوابتها تجاه القضية الفلسطينية وترفض مخططات التهجير والاحتلال.. سياسيون وخبراء: موقف القاهرة ثابت وحاسم بشأن حرب غزة.. ناجى الشهابي: الدولة المصرية تتحرك في كل المحافل الدولية لتأكيد حق شعب فلسطين

إعلام إسرائيلى: 3 انفجارات ضخمة تهز وسط إسرائيل

اليوم الأسود للطيران..غدا ذكرى سقوط 3 طائرات ومصرع 194 شخصا..وغموض حول فاجنر


"شباب مصر بفرنسا" يحذر عناصر الإرهابية من الاقتراب من سفارتنا بالخارج.. فيديو

موعد مباراة الزمالك القادمة فى الدوري أمام فاركو والقناة الناقلة

الحذاء الذهبي ينهي خصومة مكة وكيان محمد صلاح.. اعرف التفاصيل

خلال بث مباشر.. سقوط تاجر المخدرات حازم العركى بقنا وبحوزته 50 كجم شابو بقيمة 30 مليون جنيه وذهب وأموال وسلاح وذخيرة.. ادعى فى لايف إعلانه التبرع بـ10 ملايين للأعمال الخيرية والغارمات.. والغرض كسب التعاطف

جمارك الطرود البريدية بالقاهره تضبط محاولة تهريب أقراص مخدرة داخل سماعة صب

السيطرة على حريق هائل بمخزن أخشاب فى أبو صوير بالإسماعيلية دون إصابات

اعترافات صادمة لعصابة الثقب الأسود: نضرب الأطفال ونجبرهم على التسول.. فيديو

إيرادات فيلم درويش تتجاوز الـ 20 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات

محمد صلاح يزين قائمة أوفياء الدوري الإنجليزي قبل مواجهة نيوكاسل

العمرة بدون وسيط.. تعرف على خدمات تطبيق "نسك عمرة"

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى