يوسف اسحق يكتب: صُنَّاع النجاح

إبراهيم باشا النبراوى
إبراهيم باشا النبراوى

دائماً ما تتجه أنظارنا إلى الشخصية الاولى فى كل حدث أيا كان موقعها، ونتطلع بأعيننا نحو تلك البقعة المضيئة التى تحمل البطل، غير عابئين أن ننظر إلى الزاوية الاخرى التى انسحب منها الضوء، ليُسلط على ذلك البطل، ليبدو اكثر تألقاً ووضوحا، وتظل تلك الزاوية - غير عاشقة للأضواء لإعطاء الفرصة للبطل ليتصدر هو المشهد، ومن صنعوا نجاحه يكفيهم فخراً أن ينظروا النجاح من تلك الزواية الاشد تواضعاً

صُنَّاع النجاح هم الأكثر رؤية والأكثر خبرة، اذا صًدّقوا حدسهم سيحسنون الظن، تحدث عنهم الحكيم الذى عرف قدرهم بقوله "كثيرا من الناس وصلوا إلى ابعد ما ظنوا أنفسهم قادرين عليه، لان شخصا آخر ظن انهم قادرون على ذلك ".

هى علاقة شفافة بين طرفين، الاول يقوم بالإرشاد والنُصح والآخر يعطى نفسه زمناً ليتواضع ويستمع، هى علاقة معلم يستحق اللقب عن جدارة، وتلميذ نجيب أطاع معلمه، هى تشبه إلى حد كبير علاقة النص المسرحي، بالمخرج البديع الذى سيخرجه للنور.

دعنى أقص على مسامعك قصة، أإ كنت لست من هواة القراءة فى صمت، وان كان لديك الوقت أيضا، عن تلك العلاقة بين معلم مُحفز، وتلميذ نجيب

ترجع القصة للقرن التاسع عشر إلى قرية "نبروه" من اعمال محافظة الدقهلية.

نشأ فى أسرة فقيرة وورث مهنة الفلاحة عن ابيه الذى كان يمتلك بضع قراريط لزراعة الخضروات والفاكهة، تعلم بكُتاب القرية كعادة أطفال القرى آنذاك، ثم ادرك مسئوليته تجاه أسرته مبكرا، واراد أن يوفر عليهم مشقة بيع و تسويق البضاعة، فجنح طموحه أن يذهب للعاصمة ليبيع بطيخ ابيه، املا منه أن يحصل على سعر افضل لبضاعته من سكان المحروسة، فاستأجر ناقة وحمل رأس ماله ومال ابيه، وجاء لحى الجمالية بالقاهرة، فلما عرض بضاعته، لم تأت بالسعر الذى ابتغاه فحزن جدا، فأرجأ بيعه إلى أن تتحسن الأحوال، وجاءت الرياح بما لا تشتهيه السفن، ففسدت بضاعته، ولم يستطع العودة لشماتة أهل القرية، وردة فعل ابيه، وبات يلعن القاهرة بسكانها.

وراح يجر قدماه للحوارى التى تقترب من الجامع الأزهر وتتبع طلبة الأزهر والشيخ الذى يتقدمهم، وتذكر بداياته بكتاب قرية نبروه، فدخل فى أثرهم وسرعان ما اصبح بمعيتهم، وأظهر نبوغا حال التحاقه بالأزهر، وفى تلك الفترة كان يتم افتتاح مدرسة الطب، فتم تزكيته من قبل "معلمه" اذ الأخير آمن بنبوغه فحفزه للمضى قُدما، فأرسلته إدارة الأزهر بالبعثة التى ستذهب لفرنسا لتعلُم الطب بناء على تزكية "معلمه "، حتى اصبح أشهر طبيبا فى مصر و الطبيب الخاص لمحمد على باشا حيث كان يصطحبه فى رحلاته لاوروبا، وبعده عباس الاول ووالدته التى اصطحبته أيضا فى رحلة للحج لمتابعة صحتها، وبلغت شهرته مبلغا عظيما، فضلا عن ترجمته لثلاث كتب عن الفرنسية !!، وعند استقالة كلوت بك، عُين وكيلا لكلية الطب

انه الدكتور المصرى "إبراهيم باشا النبراوى" بائع البطيخ الذى أثمرت حياته اذ آمن معلمه العظيم بما سيبدو عليه ذلك التلميذ النجيب من مستقبل حافل بالنجاحات ،يُردد التاريخ اسماء العظماء، ومن صنعوهم قد يذكرهم التاريخ بالخير !!

 هناك أشخاص تعمل على اعادة تدوير الاحباط، واخرين يصنعون النجاح حيث هم، تحية لمن يصنعون النجاح من تلك الزاوية خافتة الضوء، والأشد تواضعا، والأكثر عظمةولهم منا كل تقدير .

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة الطيران: إقلاع جميع الرحلات التى تأثرت نتيجة عطل الاتصالات والإنترنت

أرسنال يرسم خارطة طريق التتويج بالدوري الإنجليزي عبر ميركاتو ناري

نتنياهو يرشح ترامب لجائزة نوبل للسلام

انتحار نائب بالبرلمان الفرنسى شنقا فى منزله

بعد عطل الاتصالات والإنترنت.. إقلاع 36 رحلة طيران وجار العمل على 33 أخرى


مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 10 آخرين في "كمين كبير" بغزة

الإمارات تنقذ طاقم سفينة بريطانية تعرضت للاستهداف في البحر الأحمر

إعلام عبري: إصابة 16 جنديا إسرائيليا في انفجار عبوة ناسفة بشمال قطاع غزة

الاتحاد يضع الرتوش الأخيرة على صفقة تبادلية مع سيراميكا.. بيع مغربى وضم 3 لاعبين

تجدد اشتعال النيران في مبنى سنترال رمسيس والإطفاء تحاول السيطرة.. صور


نقل حركة الإنترنت الثابت لعملاء المصرية للاتصالات لمركز الحركة بالروضة

بعد عام على استشهاده فى غزة.. العثور على رفات اللاعب رامز الكفارنة

البيت الأبيض: مصر وقطر شريكان مفيدان في محادثات إحلال السلام وإنهاء حرب غزة

بعد 5 ساعات.. رجال الحماية المدينة يعلنون السيطرة على حريق سنترال رمسيس.. المباحث تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات الواقعة.. لجنة هندسية لمعاينة مدى تأثر المبنى.. والمعمل الجنائى ينتقل لتقدير الخسائر.. صور

حصاد الرياضة المصرية اليوم الإثنين 7 - 7 - 2025

"تنظيم الاتصالات": تعويض العملاء المتأثرين بتعطل الخدمة بعد حريق السنترال

تعرّف على سبب تأخّر وصول آدم كايد بعد التوقيع الإلكترونى للزمالك

شركات المحمول: تأثير حريق سنترال رمسيس قيد التقييم.. وفرق الدعم تتابع

المؤبد على سائق توك توك لاتهامه بالاعتداء على فتاة فى البحيرة

رسامة جديدة تعلن: مها الصغير نسبت لوحتى لنفسها.. لست الأولى فقد سرقت 3 آخرين

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى