قرأت لك.. "حصن التراب".. رواية تسأل التاريخ: ما الحقيقة؟

رواية حصن التراب للكاتب أحمد عبد اللطيف
رواية حصن التراب للكاتب أحمد عبد اللطيف
كتب بلال رمضان

من قال إن التاريخ يكتبه المنتصرون؟، وإن للتاريخ رواية واحدة؟، ومن الذى بإمكانه احتكار الحقيقة؟.. ما الحقيقة؟ كما يقول محمود درويش. ربما تصلح هذه التساؤلات لأن تكون عتبة لولوج عالم موازٍ صنعه الكاتب أحمد عبد اللطيف فى رواية "حصن التراب.. حكاية عائلة موريسكية"، الصادرة عن دار العين للنشر 2017.

 

"تخوننى الذاكرة" ولأنها كذلك ورث الراوى العليم - الذى لا نعرف اسمه - من أبيه تركة ضخمة، ورث العديد من المخطوطات ليقوم بنقلها من لغة إلى أخرى، ولأن الذاكرة أطلال، والكتابة ترميم "فللتاريخ أهله وكتبه وكتبته، وللذاكرة أهلها وحكاياتها"، فإننا هنا أمام رواية تنتصر إلى من لا يُسمع صوتهم، إلى من يدفعون الضريبة دائمًا ولا يذكرهم التاريخ إلا كرقم مجمل لعدد الضحايا.

 

يضع أحمد عبد اللطيف القارئ أمام عائلة محمد دى مولينا، ليتتبع فى رواية "حصن التراب" تاريخ مأساة الموريسكيين، بين التهجير ومحاكم التفتيش الإسبانية، التى وصل بها الحال إلى التفتيش فى نوايا البشر، إذا ما زال أحدهم محافظًا على دينه القديم – الإسلام – رغم ممارسته لشعائر الدين الجديد – المسيحية -، وذلك إما من خلال رسائل أفراد العائلة التى يتم توارثها، أو من خلال وثائق يذكرها الكاتب بين فصول الرواية.

 

يعتمد أحمد عبد اللطيف فى روايته على الراوى المتكلم، ونظرية الأوانى المستطرقة التى تبدو واضحة من خلال ما يتردد فى رسائل الرواة، ومعايشتهم للأحداث، وتدوينها، فما يذكره أحد الرواة فى رسالة، يتردد صداه فى رسالة لراوى آخر، وهكذا، تتشابك الأحداث، وتكتمل أمام القارئ، صورة لملحمة من الأبطال المهزومين ممن دفعوا حياتهم فى معركة صراع دينى سياسى لم يختارها أحد منهم.

 

ولأن "حصن التراب" تغير اسمها فإن "تغيير الاسم لا يعنى تغيير التاريخ، ولا يعنى تغيير الهوية"، فإن أحمد عبد اللطيف يستنطق الحجر ليدون حكايته هو أيضًا، حكايات متعددة وبرؤى مختلفة، ولأننا داخل "لعبة سردية" صنعها الكاتب، فهى لن تكتمل إلا بالاستماع والمشاهدة لعدد من الروابط الإليكترونية التى وضعها بين فصول الرواية لتجعل القارئ داخل معايشة أقرب الواقع والخيال معًا.

 

ربما هى دعوة من أحمد عبد اللطيف إلى كتابة التاريخ اليومى، تاريخنا الذى نعشيه، ولا يذكره المؤرخون فى كتبهم، ولا تصل إليه أيدى رجال السلطة لتقرر ما ينبغى علينا أن نعرفه وما نجهله، تاريخنا الذى نورثه لأبنائنا جيلاً بعد جيل.

 

"حصن التراب".. هى رواية تنتصر للكلمة المدونة، للمخطوطة، لما يُكتب بعرق الإنسان العادى، فأغلب شخصيات الروايات تعمل على أن يرث أحفادها هذا التاريخ اليومى المحفوظ أسفل المنازل، وربما هى دلالة رمزية للجذر الذى يبنى عليه الأساس فيحفظه على مر العصور، فمن المؤكد أن أحمد عبد اللطيف لم يسع لكتابة هذه الرواية لنبكى معًا على مأساة الموريسكيين، بقدر ما ينبغى علينا أن نسأل: من يكتب التاريخ؟

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

غدا إجازة رسمية للعاملين بالقطاعين الحكومى والخاص بمناسبة ذكرى 30 يونيو

الحكومة تطمئن كبار السن: الوحدات البديلة للمستأجرين فى مناطق مأهولة بالسكان

وزارة التعليم تعلن رابط وخطوات تنسيق الثانوى العام والفنى للعام 2026

محافظ القليوبية يعتمد تنسيق القبول بالصف الأول الثانوى العام 2025/ 2026

رئيس وزراء لبنان: لن يتحقق الاستقرار طالما الاحتلال قائما لأجزاء من أراضينا


انتداب مفتش الصحة لتوقيع الكشف على جثمان المطرب أحمد عامر داخل المسجد

سحب وأمطار ببعض المناطق.. الأرصاد تكشف مفاجأة فى طقس الساعات المقبلة

النواب يوافق على اقتراح عدم إخلاء المستأجر الأصلى وزوجته قبل توفير بديل

مجلس النواب يوافق نهائيا على قانون الإيجار القديم

الحكومة: "قانون الإيجار القديم ما ذكرش الإخلاء.. والمادة 8 ستثلج الصدور"


الأهلى يقرر تعديل عقد إمام عاشور لتأمينه من الإغراءات

مجلس النواب يوافق على نص المادة 2 بمشروع قانون الإيجار القديم

إيلون ماسك يعلق على تصريحات ترامب حول ترحيله إلى جنوب أفريقيا.. تفاصيل

قطار الثانوية العامة يصل محطته قبل الأخيرة.. الطلاب يؤدون امتحان الكيمياء و الجغرافيا..46 سؤالا موزعة بين الاختيارى والمقالى.. وزارة التعليم: بذل كافة الجهود لتحقيق الانضباط باللجان والتصدى للغش

ضوابط وخطوات التحويلات بين المدارس للطلاب بالعام الدراسى 2026

طهران: قدمنا نموذجا جديدا للمواجهة خلال الحرب وأثبتنا للعالم أن حساباتهم خاطئة

مواعيد مباريات ربع نهائى كأس العالم للأندية.. مواجهات نارية

الهلال لا يعرف الهزيمة ضد فرق أوروبا فى كأس العالم للأندية 2025

نجوم الغناء الشعبى ينعون المطرب أحمد عامر (صور)

رضا البحراوى يعلن وفاة المطرب أحمد عامر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى