رسالة غاضبة إلى أمينة ثروت أباظة

فاطمة ناعوت
فاطمة ناعوت
بقلم - فاطمة ناعوت
«عزيزتى أمينة، أكتبُ إليك اليوم لأعبّر عن خيبة أملى وقلقى الحادّ مما يحدث فى منطقة أهرامات الجيزة، خلال أنشطة السياحة الترفيهية فى مصر، ومنها رياضة ركوب الجمال والخيول.
 
أكتبُ إليك بعدما وصلت إلى وطنى «المجر» بالأمس، بعدما قضيتُ إجازتى فى مصر. وللحق فقد قضيتُ وقتًا طيبًا للغاية على ضفاف البحر الأحمر فى شرم الشيخ، حتى حان الوقت لزيارة القاهرة، وتحديدًا منطقة الجيزة، حيث شهدتُ بعينى ممارسات شديدة القسوة والخطورة فى تعذيب الحيوان، على نحو بشع غير مفهوم بالنسبة لى.
 
أولئك الرجال الذى يستخدمون الحيوانات، كالخيول والجمال والحمير، من أجل نقل السياح من منطقة إلى أخرى فى ساحة منطقة الأهرامات وتمثال أبى الهول، يفعلون ذلك من أجل المال. أى أنهم يتكسّبون أرزاقهم من جهد تلك الحيوانات، وهذا أعرفه وأستطيع تفهّمه. لكن ما لم أستطع فهمه هو أن أولئك الرجال يستخدمون العصا ليوسعوا تلك الحيوانات ضربًا باستمرار طوال الوقت وعلى مدار الدقيقة. يضربونها لكى تُسرع الخُطى، أو لكى تُبطئ السير، وحتى وهم يوجهون اتجاهها من طريق لطريق! هذا غير مُحتمَل بالنسبة لتلك الحيوانات، أن تتعذّب وتُعانى وتتألم دون مبرر ومن أجل لا شىء!
 
تلك الحيوانات تعمل تحت قيظ الشمس ونِيرِها طوال ساعات النهار، يكاد الظمأُ أن يفتك بها. وبدلا من أن تجد شربة ماء تروى عطشها فى ذاك الجو الخانق، لا تجد إلا العقاب ولهيب قرع العصا على ظهورها حتى تزداد تعبًا وإعياءً مع مرور كل دقيقة من ساعات اليوم الطويل. تلك الحيوانات يا صديقتى تعمل فوق طاقتها، وتُعامل بغلاظة قلوب باردة، ودون أية رعاية أو حب، فتموت موتًا بطيئًا يومًا بعد يومًا، وبالتدريج. أجسامها مُغطّاة بالجروح والقروح والسجحات والندوب، ويمزقها الألم.
 
مع كل نهار جديد، تبدأ رحلات العذاب والألم لعشرات من الجِمال والأحصنة والحمير تحت سفح أهرامات مصر. وأنا مؤمنة يا عزيزتى أن تلك الممارسات التعذيبية لم تعد مقبولة فى القرن الواحد والعشرين، ولا يمكن أن تستمر على ذلك النحو التعس فى المستقبل.
 
والآن، يؤسفنى أن أخبرك، أننى، بعدما شاهدتُ وشهدتُ بعينى هاتين قساوة تعذيب الحيوان فى بلادكم فى ساحة أهرامكم بالجيزة، وحتى يتبدّل هذا الوضع المشين، سوف أظل أخبر كل إنسان من أسرتى وعائلتى، وأصدقائى، وأصدقاء أصدقائى، وأقاربى ومعارفى، بكل ما يحدث فى أرضكم فى كل دقيقة من دقائق أيامكم.
 
سوف أستخدم صوتى لأعبر عن رفضى واستيائى لما تصنعون ضد مخلوقات الله. وكلى رجاء فى أن تستخدمى صوتك كذلك، وتكونى صوتًا لمن لا صوت له، عساك تستطيعين أن تساهمى فى حل تلك الكارثة الهائلة، فى أسرع وقت، من فضلك.
 
من فضلك، ساعدينى، ساعدى تلك الحيوانات البائسة. أدرك جيدًا أن «الرفق بالحيوان»، وسلامته وأمانه وحياته أمورٌ مُهمَلةٌ ولا قيمة لها فى مصر، لهذا فأنا أشكرك كثيرًا فى محاولة صنع عالم أفضل لتلك الحيوانات الحزينة فى بلادكم».
 
انتهت الرسالة «التهديدية» الغاضبة التى وصلت صديقتى المثقفة الجميلة، الأستاذة «أمينة ثروت أباظة»، من صديقتها المجرية Noemi Haszon، والتى أرسلتها لى بدورها كما وصلتها بالإنجليزية، لكى أغضب كما غضبت، وكما غضبت صديقتها المجرية من قبلنا. والحقُّ أن الرسالة لا تحتاج إلى تعليق منّى، فقط تحتاج إلى عيون تقرأ، وقلوبٍ تخفق، ومسؤولين يتحركون. لم أفعل فى تلك الرسالة سوى ترجمتها من الإنجليزية إلى العربية، حتى يتحوّل كلُّ حرفٍٍ فيها إلى رصاصة غضب فى قلوب القساة. ولكم أن تتخيلوا كم رسالة مثل هذه لم تصل لأحد، لكنها تعمل فى صمت لتدمّر السياحة فى مصر أكثر وأكثر، وكم عينًا شاهدت ما شاهدت السائحةُ المجرية، دون أن ترسل رسائل لكنها تتحرك فى صمت لتفضح غباءنا وجهلنا أمام العالم. كل ما سبق عطفًا على إغضابنا السماءَ بغلاظتنا. والسماءُ لا تنسى.
 
وأما السيدة أمينة، فكما خمّن القارئ دون شك. هى كريمةُ الروائى المصرى الكبير الراحل «ثروت أباظة»، سليلة عائلة أباظة الأدبية العريقة، التى قدّمت لمصر وللعالم نخبة رفيعة من الأدباء والمفكرين والشعراء العمالقة منهم: «عزيز أباظة»، و«فكرى أباظة»، و«دسوقى أباظة»، ثم الجميلة «أمينة»، التى رهنت عمرَها فى الدفاع عن حق الحيوان والنبات فى الحياة، على أرضنا المحزونة بالقسوة والشراسة ضد الأخضر وضد الجمال وضد حق الحيوان فى الحياة دون عذاب. «أمينة» هى ابنة من قدّم لنا رواية وفيلم «شىء من الخوف»، وها هى الآن تُهدينا «شيئًا من الخوف» على مستقبل هذا البلد الذى لم يُعلّم أبناءه الرحمة على مَن لا يقوى على الشكوى. ها هى «فؤادة» الصارخة فى البرية ضد القبح وضد الجهالة. تلك السيدة التى منحها الله حسنًا طاغيًا وبهاءً وصفاءً فى القلب والعينين، لن تشهد لها صورةً فى ألبوم صورها إلا فى صحبة حيوان ما. فقد نذرت عمرَها من أجل تلك الكائنات التى ساقها حظُّها التعس لتحيا فى بلاد لا تعرف الرحمة على من لا يشكو. هى رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لحقوق الحيوان، وكذلك أول سفيرة مصرية لحقوق الحيوان، بين سفراء العالم. «حقوق الحيوان»، أقولها وأنا أدرك جيدًا أن لا حقوق لإنسان فى بلادى حتى تكون ثمة حقوق لحيوان. لكننى تعلّمت أن أنظر للأمور بشكل متواز لا متراتب. فحقوق كل كائن حى، منحه الله حق الحياة، عند المتحضرين سواء.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الزمالك يكثف المفاوضات مع العراقى مهند على لضمه فى الصيف

رئيس الوزراء النرويجى يلوح بفرض عقوبات على إسرائيل

الرئيس الفلسطينى يناشد قادة العالم كسر الحصار على الشعب فى قطاع غزة

دقة وتقلية وبيزود "ورد".. وجبة كشرى لمستشار ترامب أثناء زيارته للقاهرة.. فيديو

المقاولون: تعرضنا للسحر فى دورى المحترفين وبيراميدز أشعل أسعار اللاعبين


الرئيس السيسى: تكلفة توصيل الكهرباء لـ 2.2 مليون فدان تتكلف عشرات المليارات

بعثة بيراميدز تطير لجنوب أفريقيا لمواجهة صن داونز بنهائى دوري الأبطال

أمين المجلس الأعلى للجامعات: آليات لتطوير الشهادات الجامعية وتعيين المعيدين

الأعلى للجامعات: ندرس توفير برامج تحويل مسار مهنية لخريجى التخصصات التقليدية

تأجيل محاكمة عمر زهران فى اتهامه بسرقة مجوهرات شاليمار شربتلى لـ18 يونيو


أول تعليق لـ مها الصغير بعد إعلان السقا طلاقهما: واصبر حتى يحكم الله

بعد سرقة منزل نوال الدجوى.. أدلة بمسرح الجريمة تساهم فى تحديد الجناة

كراسة شروط حجز سكن لكل المصريين 7 لمتوسطى الدخل

المطالب المالية تبعد بوزوق عن صفقات الزمالك

الأهلي يحصل على توقيع لاعب بتروجت تمهيداً لضمه بميركاتو الصيف

من مصر إلى المدينة المنورة.. الحجاج فى ضيافة بعثة من طراز رفيع.. تسكين إلكترونى واحتفالات لاستقبال ضيوف الرحمن.. تنظيم زيارات للروضة الشريفة وفرق لمساعدة الحالات الإنسانية.. وعيادات طبية تتابع أحوالهم الصحية

أحمد السقا يعلن انفصاله عن زوجته مها الصغير بعد 26 سنة زواج

داخل الكونجرس.. نائبة أمريكية تستخدم صورة "فاضحة" لكشف تعرضها لاعتداء جنسى

مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والعكس اليوم الأربعاء 21- 5- 2025

8 معلومات عن محاكمة إمام عاشور بتهمة سب وقذف جاره فى السنبلاوين

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى