سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 15 أغسطس 1860.. «مصر الكريمة المضيافة» تفتح صدرها للمهاجرين السوريين المسيحيين الفارين من المذابح

عبد القادر الجزائرى وسعيد باشا
عبد القادر الجزائرى وسعيد باشا
«إن مصر الكريمة المضيافة لترحب بهم وتفتح لهم صدرها، وسيجدون فيها ملاذا يقيهم الاضطهاد والسوء»
هكذا كتب أحد محررى جريدة «شركة القناة» التى تصدر باللغة الإنجليزية فى عددها يوم 15 أغسطس «مثل هذا اليوم» من عام 1860 عن المسحيين اللبنانيين والسوريين المهاجرين إلى مصر، ويتحدث عنهم الدكتور عبدالعزيز محمد الشناوى فى كتابه «السخرة فى حفر قناة السويس»عن الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة، مؤكدا أنه وقتئذ كانت «كل سفينة تصل إلى الإسكندرية قادمة من موانئ سوريا أو بيروت تقل عددا كبيرا منهم»، فلماذا حدث ذلك ؟
 
يجيب «الشناوى»: «كان سبب الهجرة هو المذابح الدينية التى وقعت بدءًا من منتصف عام 1960 فى لبنان بين الدروز والموارنة أول الأمر، ثم ما لبثت أن اتسعت نطاقها واتخذت شكل مذابح بين المسلمين عامة والمسيحيين عامة، وأدى تهاون السلطات التركية فى سوريا فى قمع الحركة فى مهدها، إلى سقوط  ضحايا كثيرين».
 
احترقت قرى كثيرة نتيجة هذه المذابح كان من بينها «دير القمر» و«زحلة» و«بيت مرى»، وهام الأهالى فى الجبال وهم فى حال شديدة من الذعر، ولجأ عدد كبير منهم إلى الإسكندرية وقبرص واليونان والقسطنطينية، وغيرها، وامتدت المذابح إلى دمشق بسبب سوء تصرف واليها، إذ إنه وضع المسلمين فى السلاسل وأكرههم على كنس الشوارع لأنهم أهانوا المسيحيين، فأهاج ذلك العمل شعور المسلمين، وفى 9 يوليو 1860 هوجم منزل قنصل روسيا، ثم أعمل المتظاهرون النار فى منزل كبار التجار المسيحيين، كما أحرقوا الحى المسيحى فى المدينة، ولجأ كثير من المسيحيين إلى دار الأمير عبد القادر الجزائرى».
 
فتحت مصر ذراعيها لهؤلاء، ويذكر «الشناوى»: «بلغت حالة أولئك اللاجئين من السوء مبلغا دفع البعض إلى فتح اكتتابات لمساعدتهم، وتبرع الوالى سعيد باشا وغيره من أفراد أسرته بمبالغ سخية، كما تبرعت شركة القناة بخمسة آلاف فرنك، واكتتب أجانب مصر بمبالغ متفاوتة، وأسهم بعض الطلبة المصريون فى باريس بمائتين وستين فرنكا».
 
وعن رد الفعل الدولى على تلك المأساة، يقول «الشناوى»: «رأت بعض الدول الأوروبية فى تلك الاضطرابات فرصة للتدخل، ففرنسا تعطف على الموارنة وتلقبهم بـ«فرنسيو لبنان»، وأراد نابليون الثالث إمبراطور فرنسا إرسال حملة عسكرية إلى لبنان بحجة حماية المسيحيين هناك، ورغبة فى أن يكتسب عواطف رجال الدين الكاثوليك فى فرنسا، ولكن عارضت إنجلترا هذا الاتجاه، وألقت روسيا بعض قطعها الحربية أمام سواحل الشام استعدادا للتدخل، فرأت إنجلترا أن يكون تدخل الدول فى هذا الموضوع طبقا لأسس يتم الاتفاق عليها، فانعقد اجتماع فى باريس فى يوليو 1860 حضره سفراء أربع دول وقعت على معاهدة باريس «30 مارس 1856» هى فرنسا وبريطانيا وتركيا وروسيا وتغيبت سردينيا، وقصدت المعاهدة إنهاء حرب القرم بين روسيا وتركيا «الدولة العثمانية» بعد ثلاث سنوات من نشوبها، وناقش الاجتماع طريقة تدخل أوروبا عسكريا لإخماد الفتنة فى الشام، وأسفر عن التوقيع على بروتوكول يوم 5 أغسطس 1860 وشمل ثلاث مواد هى:
 
أولا: عرضت الدول على السلطان «العثمانى» مساعدتها لوضع حد للاضطرابات فى سوريا ووافق السلطان. ثانيا: ترسل قوة حربية إلى سوريا قوامها 12 ألف رجل، ووافق إمبراطور فرنسا على أن يرسل فورا نصفها دون تأخير، وأن ترسل الدول فيما بعد إذا تطلب الموقف ذلك، نصف القوة على أن يتم الاتفاق عليها وقتئذ. ثالثا: تبقى القوات الأوروبية مدة ستة أشهر.
 
ويؤكد الشناوى، أنه قبيل نزول القوات الفرنسية إلى سوريا طبقا للاتفاق أرسلت تركيا قوات كبيرة إلى تلك الجهات، كما أوفدت فؤاد باشا الذى اتخذ تدابير صارمة جدا لإرجاع الأمن إلى نصابه، فنفى بعض الأعيان من دمشق وقتل 111 مسلما رميا بالرصاص وشنق 56، وسمح لجميع المسيحيين الذين دانوا بالإسلام كرها أن يرتدوا إلى دينهم وكان عددهم يقرب من الخمسمائة، وأعطى أملاك المسلمين فى الحى التجارى فى دمشق كتعويض للمسيحيين الذين دمرت منازلهم.
 
يرى الدكتور لويس عوض، أن هذه الهجرة تركت أثرا إيجابيا على مصر، قائلا فى كتابه «تاريخ الفكر المصرى الحديث» عن الهيئة المصرية العامة للكتاب–القاهرة: «كان من الأسباب المباشرة لازدهار الصحافة فى عصر إسماعيل هجرة عدد كبير من المثقفين والكتاب والفنانين الشوام إلى مصر، نتيجة المذابح الدينية التى دبرها الباب العالى فى لبنان وسوريا عام 1860».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مكة وكيان تزينان احتفال ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي.. صور

فحص الكاميرات والاستماع لأقوال الأسرة حول العثور على جثة حفيد نوال الدجوى

النيابة تأمر بالتحفظ على كاميرات المراقبة فى محيط حادث أحمد الدجوى

تعرف على جميع مجموعات بطولة كأس العرب

أسرة حفيد نوال الدجوى تنتظر تشريح جثمانه أمام مشرحة زينهم


6 قرارات من النيابة فى واقعة إطلاق حفيد نوال الدجوى النار على نفسه.. اعرفها

لحظة وصول جثمان حفيد نوال الدجوى وأسرته لمشرحة زينهم

كواليس وفاة حفيد الدكتورة نوال الدجوى بطلق نارى داخل مسكنه بأكتوبر.. وزارة الداخلية تكشف مفاجأة: يعانى من اضطرابات نفسية وسافر خارج البلاد للعلاج.. والأسرة لم تبلغ الدكتورة نوال بالخبر حفاظا على صحتها.. صور

محمد صلاح يسجل فى ختام مشوار ليفربول بالدوري الإنجليزي ضد بالاس.. فيديو وصور

وزير العمل يعلن تطورات إيجابية بشأن عامل مصرى عنفه صاحب عمل سعودى


الدكتورة نوال الدجوى لا تعلم شيئًا عن وفاة حفيدها حتى الآن.. التفاصيل

النيابة تباشر التحقيق فى واقعة إطلاق حفيد نوال الدجوى النار على نفسه

إخلاء سبيل طفل المرور فى واقعة التعدى على طالب بالمقطم بكفالة 20 ألف جنيه

أول صور لحفيد نوال الدجوي بعد العثور على جثته مصابا بطلق ناري

مصادر أمنية: العثور على جثة حفيد نوال الدجوي مصابًا بطلق نارى بمسكنه بأكتوبر

الأعلى للإعلام: اعتماد قرار قناة TEN بالإيقاف الفوري لرضا عبدالعال

هبة نور تتصدر السوشيال ميديا بسبب تصريحاتها الجريئة عن الزواج والعائلة

ذروة الموجة الحارة.. تحذير عاجل بسبب حالة الطقس غدا لهذا السبب

موعد غرة ذو الحجة وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيا

رابطة الأندية تُسلم درع الدورى للبطل فى احتفالية خاصة نهاية الموسم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى