نورا عبد الفتاح تكتب: أم الشجاعة

فى أفلام السينما العربية والعالمية يرتبط عادة شجاعة البطل بالبأس وقوة البنيان والاستطاعة والإقدام، بالتعاظم والتمكن، بالجبروت وأحيانٱ الافتراء، بالصلابة والطاقة المفرطة، بالقسوة والحدة، بالصرامة والعنف، بالمضاء والهمة.

قد يبدو غريبٱ أن نقول إن كل ما ذكرنا من صفات وسمات ترتبط ارتباطٱ قويٱ وواضحٱ، بل وتتناسب طرديٱ مع شجاعة الشخص، إلا أن هناك صفة وإن بدت بعيدة عن الشجاعة والجسارة والاقدام، إلا أنها الأقوى صلة والأقرب إلى صفات كل شجاع؛ إنها البساطة. فالذى جعله شجاعٱ أنه أقدم على الخطوة الاولى ببساطة.

لو نظرنا من بعيد على معنى الشجاعة الذى أوضحناه فى المقدمة ومعنى البساطة الشائع، لقلنا أنهما ضدان، فالبساطة عكس الشجاعة، فهى الضعف والإذعان، الانقياد والتقصير، العجز والهوان.

ولكن بالقليل من الإمعان نجد أن فى البساطة الكثير والكثير من الطلاقة والسهولة، من الوضوح وعدم التصنع، من الصدق وسلامة النية، من العطاء والامتداد، والتى تنهل جميعها من الشجاعة وتصب فيها فى ذات الوقت.

فسلوك المغوار الجسور كله تلقائية وبساطة نابعة من ثقته الدائمة فى ذاته، قراراته ومواقفه، فيتصرف ببساطة وعفوية لأنه مستند على حجج قوية وجدير بالثقة، فالتكلف والتصنع ليسا من أولوياته، وليس مضطرٱ للجوء لهما تركهما للخائن والضعيف، الغشاش والمخادع وكل من يحتاجهما من المنافقين والأفاكين. هؤلاء هم الجبناء، الذين يزخر سلوكهم بالتبعية بالتكلف وخلافه.

فالبساطة والتلقائية تفضح خوفهم، ضعفهم، جبنهم وكذبهم.

الشجاعة والبساطة وجهين لعملة واحدة.

كذلك كل الصفات الحسنة من صدق، كرم، اتقان عمل، كياسة او أى ميزة طيبة، تجدها ترتبط وبشكل مباشر بالبساطة فى السلوك والأداء، فالبساطة ام الصفات الحسنة واهمها وكذلك أم الشجاعة، من امتلكها امتلك أبدع السمات وأزكى الخصال.