كيف ساعد الربيع العربى "كردستان" على الانفصال عن العراق؟.. انتشار داعش سوريا وسقوط بغداد ساهما فى اقتراب تحقيق حلم الأكراد.. مساحة سيطرتهم على الأراضى السورية تضاعفت 3 مرات فى عام ونصف.. وإسرائيل الداعم الوحيد

الربيع العربى ساعد كردستان على الانفصال
الربيع العربى ساعد كردستان على الانفصال
كتب محمود حسن
 
ليست المرة الأولى التى يطلب الأكراد الانفصال، هذه مسألة طرحت تقريبا منذ انهيار الدولة العثمانية التى حكمت هذه المنطقة من العالم لقرون طويلة، فقد كان من أهم مصالح الاستعمار ألا تقوم دولة قوية أخرى فى تلك المنطقة بخلاف الدولة العثمانية، ترث صراعها الطويل مع الأوربيين الذى وصل إلى حد حصار السلطان سليمان القانونى للعاصمة النمساوية"فيينا" عام 1532 ميلاديا.
 
لأجل ذلك فى معاهدة سيفر الموقعة عام 1920 والتى قسمت تركة "الدولة العثمانية"، وضع الحلفاء المنتصرون فى الحرب العالمية الأولى وعدا بإقامة دولة كردية فى المنطقة، والذى لم يكن وعدا من قبيل الحب والمحبة أو الإيمان بالقضية، بل كان الهدف الأهم دوما هو ترك كيانات مفككة، تعانى النزاعات والخلافات، وفى المقابل فإن "سؤال الهوية" الذى أثير بعد انهيار آخر الخلافة، أجل نفسه لحين جلاء الاستعمار، ومع قيام ثورة عام 1958 بقيادة عبد الكريم قاسم، بدأت مشكلات التمرد الكردى، وعادت الأحلام القديمة.
 
 
001-معاهدة-سيفر
 

الحروب بين الأكراد والحكومات العراقية .. مئات الآلاف من الضحايا 

 
ثلاثة أعوام فقط احتاجها الأكراد بعد استقلال العراق لتندلع أولى حروبهم مع الدولة العراقية الأولى، حيث اشتعلت حربهم الأولى منذ عام 1961 وحتى عام 1970، وانتهت بتوقيع اتفاقية للحكم الذاتى بين العراق والأكراد، والتى تعطيهم الحق فى المشاركة فى الحكومة، واستخدام لغتهم كأحد اللغات الرسمية فى البلاد، ولكن مدينة "كركوك" النفطية بقيت نقطة عالقة فى الأمر.
 
 
بعد ذلك وقعت الحرب الكردية الثانية بين عام 1974 وحتى عام 1975 بعد انهيار اتفاق السلام، كما وقعت عدة اشتباكات كردية فى إيران، وكذلك النزاع التركى الكردى الطويل بين تركيا وحزب العمال الكردستانى، ولعل واحدا من أهم الأحداث المأساوية فى تاريخ هذا الصراع، حملة "الأنفال" التى قادها صدام حسين لمواجهة الأكراد حين دعمتهم إيران لإضعاف جبهة صدام الداخلية أثناء "الحرب العراقية الإيرانية" الطويلة التى اندلعت منذ عام 1980 وحتى عام 1988، والتى شهدت من بين ما شهدت قصف قرية حلبجة الكردية بالسلاح الكيماوى.
 
وأخيرا كانت "الانتفاضة الشعبانية" التى اندلعت فى عدة مناطق فى العراق بعد هزيمة صدام حسين فى حرب الخليج الثانية عام 1991 وانسحابه من الكويت، والتى أدت لوفاة ما بين 85 و 235 ألف مواطن عراقى.
 
2مقابر-الحرب-الكردية-العراقية
 
 

اسرائيل الداعم الأكبر للأكراد منذ الستينات 

 
فى الوقت الذى كانت فيه العراق دولة قوية ونفطية، وتتخذ حكوماتها موقفا داعما للقضية العربية فى وجه الصهيونية، كان الأكراد قد بدأوا تمردهم ، فمد الإسرائيليون يد العون لهم، وتحديدا زعيمهم مصطفى البرزانى، ما بين عامى 1963 و1973، بل وعينت مسئولا فى الموساد لإدارة تلك الحرب وهو "أليعازر" تسافرير"، وهو أيضا ما حدث بعدها خلال "الانتفاضة الشعبانية "1991".
 
العلاقات الغامضة طوال الوقت ربما ظهرت للعلن عام 2004، فى اللقاء الذى جمع بين مسعود برزانى، وجلال طالبانى ممثلين عن الجانب الكردى، مع الرئيس الاسرائيلى السابق إيريل شارون، لذا فإن اسرائيل هى الآن الدولة الوحيدة الداعمة للاستفتاء الكردى على الانفصال عن العراق، ولكن رغم هذا فإن السبب الرئيسى ليس ما يدور فى العراق بل ما يدور فى سوريا.
 
3-العلاقات-الكردية-الاسرائيلية
 

"الربيع العربى" يحول الحلم الكردى إلى "حقيقة" 

 
لم تكن العلاقة السورية الكردية علاقة طيبة فيما قبل، فلقد عانى الأكراد فى شمال سوريا مثل غيرهم من الأقليات التهميش والمشكلات الضخمة، وهو ما تسبب أيضا فى وقوع اندلاعات ربما أقل قوة مما حدث فى العراق، وتميزت بالطابع الشعبى الغاضب، ولعل أشهرها هو أحداث "القامشلى" والتى اندلعت بسبب مباراة كرة، وخلفت عشرات القتلى.
 
لكن ما يميز "الأكراد" عن غيرهم هو "البراجماتية" وقدرتهم على تطويع الواقع لأهدافهم، فمع تحول الثورة السورية إلى "حرب أهلية" بعد حمل المعارضة السورية السلاح، وظهور الجماعات الإسلامية المسلحة، حمل الأكراد السلاح فى سوريا أيضا، لكنهم توصلوا إلى اتفاق ضمنى مع النظام السورى الذى يقوده الرئيس بشار الأسد، كان الاتفاق الضمنى بسيطا، لا نقاتلكم ولا تقاتلوننا، وتمنعون أى غريب عن مناطقكم.
 
وبالفعل بدا الأكراد أنهم واقفون على الحياد فى أغلب أوقات الحرب الكردية السورية، ولكن مع ظهور "وباء داعش" فى المنطقة كان لهذه القوات الساكنة الهادئة التى تحمى مواقعها دور آخر.
 
 
انهارت القوات العراقية سريعا، فضلا عن تفكك الرقعة السورية أصلا بسبب الثورة السورية، ومع الدخول "الدرامى" للدواعش إلى الموصل تحول بسرعة عدد من المقاتلين "الإسلاميين" فى "جبهة النصرة" وعدد من الفصائل الأخرى ليبايعوا "أبو بكر البغدادى"، فى هذا الوقت كان الأكراد القوة الوحيدة الصامدة والتى لم تخض حربا حقيقية حتى اللحظة والتى لها قواتها وعتادها وتنظيماتها القوية.
 
ومع حصار الدواعش لمدينة "عين العرب" أو "كوبانى" اتخذت المعركة شكلا سينمائيا، ليس للأهمية الاستراتيجية للمدينة، ولكن بفضل تلك التلة التى تطل عليها من الحدود التركية والتى جعلت متابعة الحرب لحظة بلحظة أمرا سهلا ويسيرا.
 
من هنا بدأ أكراد سوريا يكتسبون بريقا فى العالم الغربى، وبدا الغرب يلقى بثقله خلفهم، فتأسست قوات "سوريا الديمقراطية" والتى يسيطر على أغلبها الأكراد فى أكتوبر 2015، بعد النجاح الكردى فى التصدى للدواعش فى كوبانى وإلحاق أول هزيمة بهم.
 
4-من-الحدود-التركية-العالم-يتابع-معركة-كوبانى
 
 

مساحة سيطرة الأكراد فى سوريا تتضاعف 3 مرات فى عام ونصف 

 
 
الصورتين التاليتين هما تقسيم لخرائط النفوذ فى الأراضى السورية، الأولى فى يناير 2016 أى قبل عام و 9 أشهر والأخرى صبيحة اليوم، اللون الأصفر يمثل القوات الكردية، أما الأخضر فيمثل المقاتلين السوريين الإسلاميين، فيما يمثل اللون الأسود تنظيم داعش، أما اللون الأحمر فهو النظام السورى.
 
يمكن أن نلحظ التطور الرهيب فى  خلال عام و9 أشهر فى المساحة التى سيطر عليها الأكراد وكيف زادت، هذه المساحة تحديدا هى التى تغريهم بمسألة الانفصال وتجعلها أقرب إلى أحلامهم من أى وقت مضى. 
 
5سوريا-يناير-2016
 
6الجزء-السورى
 
 
 
"مدرعات، قذائف هاون، صواريخ حرارية، رشاشات من عيار كبير، وبنادق شبه آلية وتلقائية، مناظير الرؤية الليلية محملة على 90 سيارة نقل"، هذه مثلا نموذج للمجموعة الأخيرة من ألأسلحة التى تسلمتها قوات "سوريا الديمقراطية" التابعة للأكراد فى يونيو الماضى، وهى بالمناسبة المرة السابعة التى يتلقى فيها التنظيم سلاحا من الولايات المتحدة الأمريكية منذ تولى دونالد ترامب السلطة.
 
إذن هناك تنظيم قوى، يسيطر على مساحات شاسعة فى الجوار، وهناك قوات كردية فى الشمال مقابل جيش عراقى مازال يتعافى، وهناك أراضى فرغت من أهلها هجروها بسبب الحرب، وهناك جهود إعادة إعمار ودولة عراقية وسورية منهكة.
 
7مقاتلين-تابعين-لقوات-سوريا-الديمقراطية
 
اليوم وفى ظل المعركة الدائرة على بقايا جثمان تنظيم داعش فى محافظة دور الزور، بدأت المواجهة بين النظام السورى والروس من ناحية، والأمريكان والأكراد من ناحية أخرى.
 
التقسيم الذى يلوح فى الأفق ويخيم شبحه على العراق هو ضريبة "الربيع العربى"، والذى تدفع دول عدة فى المنطقة ضريبته اليوم، وأيا كانت نتيجة الاستفتاء المقرر إجراؤه فى 25 سبتمبر الماضى، فإن الوضع بفضل تنظيم داعش أكثر من أى شخص آخر بات أفضل من أى وقت مضى.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزير الإسكان: ما فيش طرد لأى مواطن مصرى من قاطنى وحدات الإيجار القديم

الداخلية تضبط سائقى النقل الثلاثة أصحاب فيديو السباق على أحد طرق 6 أكتوبر

المغرب يحذر: الملاريا تخترق حدودنا رغم التدابير الصحية

الأرصاد تكشف آخر توقعات حالة الطقس وفرص الأمطار

كريم محمود عبد العزيز: تجربة مملكة الحرير مختلفة والتعاون مع بيتر ميمى ممتع


مصرع عبد الرحمن فيصل لاعب نادى الشمس فى حادث سير

تعيين كوادر رياضية جديدة في الزمالك ضمن خطة المدير الرياضي

فيديو يرصد اللحظات الأولى فى حادث وفاة جوتا نجم ليفربول

قراءة مبسطة بـ قانون الإيجار القديم بعد التعديلات الجديدة.. إجابات واضحة لأسئلة المستأجرين والملاك.. معرفة القيمة ومصير العقود القديمة والموقف الكامل للمؤجر بعد 1996.. وحالات الإخلاء والبدائل المتاحة

التفاصيل الكاملة لأغانى ألبوم عمرو دياب الجديد ابتدينا بعد طرحه


شكاوى من صعوبة امتحان الكيمياء للثانوية العامة 2025.. الطلاب: أسئلة كثيرة مستواها مرتفع وتفوقت على الفيزياء.. طلبة أدبى: الجغرافيا متوسطة من حيث الصعوبة.. صفحات الغش تنشر الأسئلة والإجابات.. ووزارة التعليم تحقق

صدمة جديدة.. مصرع شقيق جوتا فى حادث لاعب ليفربول المروع

وزارة العمل تعلن عن فرص عمل فى محطات المترو بمرتبات تصل لـ10 آلاف جنيه

وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة بشركة كهرباء بمرتبات تصل إلى 13 ألف جنيه

مصرع جوتا لاعب ليفربول فى حادث مروع بإسبانيا

هشام جمال يحتفل بتخرج زوجته ليلى.. وأحمد زاهر: ربنا يبعد عنكم العين

قانون الإيجار القديم.. احسب إيجار شقتك حسب المنطقة والتصنيف

عميد معهد القلب الأسبق يفسر أسباب وفاة المطرب أحمد عامر

عيد ميلاد علاء مرسى.. تميز بحسه الكوميدى و2025 وش الخير عليه

نانت يعاقب مصطفى محمد بالبيع بعد رفض دعم المثلية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى