ما بالنا عدنا نسب ناصراً

إيمان رفعت المحجوب
إيمان رفعت المحجوب
د. إيمان رفعت المحجوب
لن أتكلم عن ناصر ولكن سأضرب بفرنسا التى انتقلت من حقبة تاريخية إلى حقبة تاريخية أخرى مختلفة تماما مثلاً، تخيلوا فرنسياً يسب الثورة الفرنسية ويختزلها فى أنها عصر الإرهاب والإرهابى ماكسيميليان روبسبيير واليعاقبة الذين حصدت المقصلة على أيديهم أربعين ألف رأس منها زعامات شعبية للثورة نفسها! بينما كان بالباستى على عهد لويس السادس عشر نفسه الذى قامت عليه الثورة سبع مساجين فقط.
 تخيلوا لو أن فرنسياً معاصرا يبكى فرنسا الملكية ويتحسر على القصور والملوك والأمراء والإقطاع والنبلاء و الفخامة والأبهة والوجاهة الملكية التى ضاعت وحل محلها حكم عامة الشعب. تخيلوا لو أن فرنسيا يسب نابليون ويختزله فيقول ازاح المديرين ليقيم امبراطورية وعاد وفتح الكنائس بعد غلقها ليخدر الناس ثانية بالدين، أو يقول عنه انه ترك فرنسا مفلسةً محتلة، وأنه بسببه وسبب الهزيمة والاحتلال وعودة الملك بعث التطرف من مكمنه، حتى أنهم اخرجوا جثمان ڤولتير من قبره بالكنيسة لانه لايليق ان يدفن لانه فى نظرهم كافرٌ والقوا به حيث لا احد يعلم، وتظل فرنسا هكذا على حالها من الثورات لا تستقر مئة عام اُخَرى.
 
 وعندما استعيد احداث رواية فيكتور هوجو "البؤساء" عن فرنسا ما قبل الثورة وكم البؤس الذى كان و منظر الناس وقد يَبُسَ جلدهم من شدة الجوع لا يجدون قطعة خبز يسدون بها جوع أطفالهم ويسجنون فى رغيفٍ من الخبز، فى حين ربا وسمن و كثر شحم لويس السادس عشر وزاد فى الجسم والحجم والوزن كما تظهر لنا صوره فى أواخر ايامه، أو أتذكر رواية تشارلز ديكينز " قصة مدينتين" واتصور مشهد الناس فى سانت انطوان وبرميل النبيذ الذى تهشم فسال كل ما كان يحويه من نبيذ على الطريق، والناس يتمرمغون فى الوحل كى يصيبوا لعقةً من نبيذ مغمسة بالطين، أو آخر كلمات كوليت عن زوجها الذى سحله المركيز من كثرة ما كلفه من عمل حتى مات من الجوع والعطش والتعب..
 
 عندما نقرأ هذا مؤكد نرى الفارق الذى أصبح عليه عوام الفرنسيين اليوم عما كان عليه عوام الفرنسيين وقت الإقطاع و الملكية والتفاوت الطبقى، فرنسا من الدول التى طبقت نظاماً وسطا بين الاشتراكية والرأسمالية، ففى فرنسا تعليم مجانى حتى الجامعة وعلاج مجانى، فى فرنسا اعانة بطالة اذا ما كان هناك بطالة. 
 
هذا بينما لم تكن الملكية تهتم بتعليم الشعب ولا علاجه وكانت اغلبية الشعب الفرنسى وقتذاك اميةً جاهلة لا نصيب لها من التعليم، ولكن من المسجل تاريخياً ان ببواكير الثورة زادت نسبة توزيع الجرائد وزاد إقبال الناس على الكتابة والمسرح وزادت نسبة المطبوعات ، وبينما عزف الناس عن الذهاب لقداس الآحاد اصبحوا يبحثون عن روسو و ديدرو و منتسكيو و ڤولتير و الكونت دو ميرابو يستقون منهم الفكر و التنوير ، الفكرة ان هذا يلخص اسباب ارتقاء الشعوب، فالشعوب لا ترقى بزيادة غنى طبقة أو طبقات عن باقى الشعب و تمتع هذه الطبقة وحدها بكل الامتيازات ( الحكم و رأس المال و التعليم و العلاج و .... و .... ) و لتمت باقى الطبقات !! هذه معادلة خاسرة تعجل بالسقوط الى الهاوية فالدول لا ترقى هكذا ! فلا دولة راقية بدون مجتمع راق ... 
 
هذه جولة تفقدية سريعة فى تاريخ شعب من اكثر شعوب العالم رقياً و حضارةً و وعياً ، من المؤكد ان حال كل فرنسى اليوم مئات المرات افضل من حاله أيام الملكية، وكذلك حال فرنسا نفسها فلنسأل انفسنا كيف تحقق للشعب الفرنسى ولفرنسا كل هذا ؟ أكان لتغير النظام عن الرأسمالية هذا الأثر العظيم ؟ 
هذا بمناسبة عودة مواصلة الحملة الضارية على ناصر ؛ بعد هدنة لم تدم طويلا ! فهل لعودة جلد ناصر بعد ما يقرب من خمس عقود على رحيله دلالة معينة ؟ ام هل يسَوِّغ هذا النقد لشىء !
ليفهم الكل ان المجتمع إما أن يرقى جميعاً أو يسقط جميعا ...
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مادورو: فنزويلا طورت نظام دفاعها الوطنى رداً على الضغوط الأمريكية

الذكرى الأولى اليوم لرحيل نبيل الحلفاوي عمدة الأهلاوية على تويتر

مان يونايتد يستضيف بورنموث في ختام الجولة الـ 16 من الدوري الإنجليزي

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

موعد مباراة الأهلى وسيراميكا فى الجولة الثانية بكأس عاصمة مصر


الأمم المتحدة تعرب عن مخاوفها إزاء الأوضاع المتدهورة لعشرات الآلاف من المحاصرين فى الفاشر.. وتؤكد: معاناة مروعة للغاية والمصير المجهول.. ومسئول أممي: انقطاع شبكات الاتصالات يحول دون الوصول إلى الحقائق

النيابة الإدارية تستقبل طلبات التقديم لوظائف معاون نيابة دفعة 2024

موعد مباراة الزمالك ضد حرس الحدود فى كأس عاصمة مصر والقناة الناقلة

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

العوضى يحتفل بعيد ميلاده بتوزيع 300 ألف جنيه ويعلق: السنة الجاية مع المدام


حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها

ماذا قال عمر متولى عن والدته الراحلة شقيقة الزعيم عادل إمام.. فيديو

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني

الرئيس الأوكراني يصل إلى ألمانيا للقاء فريق التفاوض الأمريكي

تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى