مجدى الزغبى يكتب: عفواً.. أيها الأجداد

رجل يصطحب طفلا
رجل يصطحب طفلا

بعد صلاة الجمعة وكالعادة الجميلة التى تعودناها يأخذ الجد الحفيد لأداء الصلاة، ويقوم الحفيد بتقليد الجد فى كل حركاته دون وعى، وبعد خروجهم من محراب الإيمان تبدأ حكاوى الزمان وحكاوى الأجداد لاتنتهى وترتبط غالباً بالمناسبات، "دخول المدارس الأعياد المولد النبوى مولد المسيح"، وهنا قام الجد بشراء جريدة الجمعة المعتادة التى تعود أيضا أن أبوه اشتراها أمامه، وهنا تقع عيناه على العنوان الصادم "المعلمون لصوص".

 وصدم الجد من العنوان، ولكنه كعادة أجدادنا لم يظهر ما بداخله من ضيق وتبسم فى هدوء ونظر لحفيده نظرة حصرة وألم خوفاً على مستقبل جيل كامل، وقال لحفيده جدك عليه رحمة الله كان معلماً محترما كباقى معلمى جيله، كان إيمانه برسالة العلم لا تختلف عن إيمان الطبيب برسالة الطب ولا الضابط برسالة الأمن، كان كل شخص فيهم يعلم قيمة عمل الآخر، كان كل منهم يعشق عمله، كان كل شخص فيهم له هيبته، وكان يعرف دوره.

 كان جدك يعود من عمله ليقف كثيراً ليضع بدلته على الشماعة حتى لا تكون بها عيب والقميص الأبيض زاهى اللون ورابطة العنق لها مكانها وألوانها بألوان المناسبات، الأحمر للأفراح والأسود للعزاء، أما عن الحّذاء فكانت لمعته هى بوابة الخروج من المنزل، ونظر للطفل البرئ الذى لم يرى هذا النموذج، وبخبرته عرف أين هو شارد؟، ولكنه بسرعة لحقه بسؤال عارف جدو إسماعيل إللى فوق ده كان دكتور كبير ولما كان حد بيتعب عندنا كان بيعدى علينا قبل ذهابه للمستشفى ويطمئن ويطمنا، وعند عودته كان بيعدى علينا ليطمئن على المريض وساعات كتير كان يجيب علبة دواء معاه ويقولنا اعطوه من ده 3 مرات فى اليوم، وكان معانا عمو محمد ده كان ضابط فى القسم وكنا نتجمع كلنا بعد الصلاه وبالليل ننزل مع بعض ولكنه استشهد فى مطاردة مع مجرمين فى الأراضى الزراعية وأحمد صاحبك ده يبقى هو جده ولما نروح البيت حفرجك صوره وعارف طنط انشراح ابنها كان جندى استشهد فى حرب أكتوبر، وكنت بذاكر له وهو فى ثانوى.

 ولكن نظر الجد للحفيد فى حسرة لم نعلم أجيالكم أن يكون المعلم لصاً ولا الطبيب جزاراً وسارقا للأعضاء ولا المهندس سارقاً للأسمنت والحديد ولا الضابط قاتلاً ومعذباً، ولكن نظر ثانية للحفيد هناك خطأ حدث هناك خلل لو عالجناه ستعود الحياة كما كانت، فهناك فرق بين الطبيعة وبين الظروف وبين الأخطاء.

 وبدأ الصغير يتململ فهو لا يفهم شيئا، ولكن الجد يعرف أنه يحفر فى ذاكرته تاريخ أجداده الذى ينساه الكثيرون، نسوا جميعا من كان يزرع القطن قبل الثورة "الذهب الأبيض"، وتناسوا من بنى مصانع الحديد والصلب والكارثة أنهم لا يتذكرون من دافعوا عن أرضهم وعرضهم فى أعظم حروب العالم "حرب السادس من أكتوبر ـ العاشر من رمضان" صمم يا ولدى اجدادك على العبور وهم صائمون لا يتذكرون متى آخر مرة تناولوا فيها طعامهم، كان بينهم المدرس والطبيب والمهندس والضابط والعامل والحلاق والموظف، لم يسرقوا شيئا لأن الهدف كان أسمى من أى شىء.

هؤلاء هم أجدادكم العظماء من يشوههم فهو المشوه ومن يشوهكم فالعيب فيه، لا يوجد زرع بدون بذرة ولا تنبت البذرة بدون رى ولن تكون ثمرة جيدة بدون مراعاتها، ازرعوا وارووا الزرع وتابعه سيكون حصادك رائعاً، البيئة النظيفة رائحتها مسك والبيئة الرديئة رائحتها نتنة، وفى نظرة من الطفل لا تتفهم المعانى هناك دمعة فى عين الجد لا يستطيع أن يداريها، وجعلها تسقط لتروى هذه الأرض بدموع تتباكى ليس على تاريخ صنعوه فهم ماضى، ولكن على مستقبل أحفاد لم نستطيع أن نحافظ لهم على تاريخ عظيم، وهنا اتكأ الجد على عصاه فلم يعد قادراً على المشى، وقال لحفيده قدماك الآن أقوى منى فالأمانة بين يديك إذا لم تستطع أن تغير القادم فاحكى لأبنائك أن أجدادهم كانوا عظماء.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الداخلية تكشف أسباب صوت فرقعة بموقف ملحق بمطار القاهرة

موعد مباراة الزمالك القادمة فى الدوري أمام فاركو والقناة الناقلة

متحدث الخارجية الأمريكية السابق: نتنياهو أخبرنا أنه سيواصل الحرب لعقود

واقعة لاعبة الجودو دينا علاء.. هل تلقت القتيلة 3 رصاصات من الزوج لتفدى أطفالهما؟

اعترافات صادمة لعصابة الثقب الأسود: نضرب الأطفال ونجبرهم على التسول.. فيديو


الداخلية تكشف سر الثقب الأسود: بداخله 20 شخصا بينهم 8 سيدات و 5 أطفال

زيزو يتصدر قائمة الأفضل في الدوري المصري بعد نهاية الجولة الثالثة

الداخلية تضبط عصابة "الثقب السوداء" للتسول بالأطفال أسفل كوبرى بالهرم.. فيديو

حقيقة "الثقب الأسود" فى الهرم.. مصدر بـ"محافظة الجيزة" يكشف تفاصيل جديدة

الكيس تحول لخراج.. قلق جمهور أنغام على حالتها الصحية بعد التطورات الأخيرة


وزير الدولة للإنتاج الحربى يكشف عن إنتاج أحدث منظومات المدفعية بالعالم فى مصر

قطع المياه 6 ساعات بين الهرم وفيصل من المساحة وحتى ابن بطوطة مساء اليوم

زلزال بقوة 5.4 درجة يضرب قبالة محافظة "مياجى" اليابانية

اليوم.. ويجز يحيي حفلا غنائيا ضخما بمهرجان العلمين الجديدة

القاهرة تدرس غلق شوارع بوسط البلد ومصر الجديدة وتخصيصها للمشاة فقط.. المحافظ: شارع إبراهيم باشا بالكوربة الأبرز وإنشاء اتحاد شاغلى الشوارع للحفاظ على العقارات التراثية.. و"الخديوية" تشهد تكرار نماذج شارع الألفى

لايبزيج فى ضيافة بايرن ميونخ فى افتتاح الدوري الألماني الليلة

هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟

ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي.. محمد صلاح يتحدى هالاند

أسرع قطارات السكة الحديد.. اعرف مواعيد قطار تالجو اليوم الجمعة 22-8-2025

احتفالات شعبية فى سوق الجمعة وتاجوراء دعما لتشكيل حكومة موحدة فى ليبيا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى