خالد عزب يكتب: الصراع السياسى فى إيران ومستقبلها

الدكتور خالد عزب
الدكتور خالد عزب
كأى ثورة أيدلوجية يأتى زمن يتراجع الوقود الأيدلوجى لكى تأخذ الثورة بعدًا يتعامل مع الواقع، لكن تمثل إيران حالة خاصة، إذ أدت الحرب العراقية الإيرانية إلى تكتل وطنى خلف شعارات الثورة فى زمن الحرب، ثم جاء الحصار الاقتصادى الغربى ليزيد من تماسك الجماهير خلف الثورة وأهدافها، فإلى أى مدى أصبحت إيران فى مرحلة التحول من الثورة إلى الواقعية؟ 
 
فى حقيقة الأمر تشهد إيران صراعا ما، هذا الصراع يبدو غير طافى على السطح ولا ظاهرًا للعيان، إذ أن تآكل جيل الثورة الإسلامية، والذى كان وقودها وسبب تماسكها سواء بالوفاة أو بعامل الزمن وتقادم السن أو بتغير المعطيات على الساحة، والصراع بين أجنحة النظام ولد حالة من حالات خلخلة النظام نفسه، فجيل الإصلاح الذى عبر عنه محمد خاتمى تراجع مع مقولات أحمدى نجاد حول الإصلاح من الداخل، من داخل أيدلوجيا الثورة الإيرانية، لذا فإن نجاد برغم غيابه عن سدة الرئاسة إلا أنه يمثل حالة زخم ويعبر عن قدرات المرشد العام أحمد خامئنى مثل أحمدى نجاد انقلاب ناعم فالشعبويه الدينية تغلبت على النخبة فى صورة نجاد الذى عاش فى أزقة جنوب طهران بعد نزوحه مع أسرته من مدينة كرمسار الفقيرة، احتكاكه بالفقراء جعله يحولهم لطاقة تخدم سياسته، اعتمد نجاد على سرعة الحركة مع سرعة التطورات، واستعان بمن يثق فى قدراتهم على الإنجاز، لكن مع صعود روحانى للرئاسة يستعين الاصلاحيون التقليديون نفوذهم فى الدولة الإيرانية، والمستقبل خلال السنوات القادمة لا شك أنه سيكون مختلف فى إيران، إذ أن طول أمد الحروب والصراعات التى خاضتها إيران منذ الثمانينات من القرن العشرين، أدى إلى رفض الأجيال الجديدة فكرة الحرب لمجرد نشر النفوذ المذهبى أو السياسى دون عائد على مستواه الاقتصادى لذا هناك صراع لن يكون بين الاصلاحيين التقليديين الذين يعدون امتدادًا لرفسنجانى أو ختامى أو إصلاحى الداخل امتداد أحمدى نجاد، لكن بين هاذين الجناحين وأجنحة جديدة، إذا احتدم الصراع بينها أو رفض النظام أو صاحبها فى الحراك السياسى ستكون هناك بوادر حرب أهلية قد تبدأ بحرب شوارع داخل مدن إيران.
 
هنا تبدو الأقليات العرقية والمذهبية فى وضع جديد، إذ أن إيران بها أقليات إما مهمشة أو مهملة مثل: العرب – الترك – الآذاريين – الكرد – البلوش، بل يبدو أن الأكراد والبلوش ستصبح لديهم فرص إما للانفصال أو الحصول على حكم ذاتى هنا تبدو إيران أمام صراع داخلى بين الشيعة والسنة وهو صراع مذهبى حرصت إيران إلى وأده عبر الضغط المستمر على السنة.
هل هذا يعنى أن إيران ستتخلى عن سياسة تصدير الثورة، فى حقيقة الأمر تعد إيران تنشيط المذهب الاثنى عشرة أداة لامتداد نفوذها السياسى لذا فانها لو تخلت مرحليًا عن دعم نشر هذا المذهب، فإن ذلك سيرتبط بمدى قوة نظام ولاية الفقيه فى إيران، فضلًا عن انتقال إيران من مرحلة الثورة الايدلوجية إلى مرحلة الواقعية السياسية، من هذا المنطلق نستطيع أن نفهم أن القيادة السياسية تعى فى إيران أهمية تعزيز الثقافة والصناعات الثقافية كأداة لتماسك الدولة والروح القومية، فإيران التى تصدر بما يزيد على 2 مليار دولار سنويًا من الحرف التقليدية، تتعامل مع هذه الحرف ومع فن الخط العربى والشعر والأدب والتراث المادى فى مدينة كأصفهان كمكون يجرى تعزيزه يوميًا ضد سياسات التغريب أو الاختراق الثقافى لإيران، فإيران تدرك أن تعزيز هويتها الوطنية سيكون هو سبب تماسكها ضد التيارات التى تنادى بالحداثة وتقليص نفوذ وشرعية ولاية الفقيه.
 
ومن المدهش أن الولايات المتحدة الأمريكية دون أن تدرك تعزز من تماسك إيران بل أن سياسات الولايات المتحدة التى تدحض القومية العربية، تعزز التوجه المذهبى لأن التقسيم العرقى والمذهبى أقل خطرًا على الولايات المتحدة وأوروبا من التقسيم القومى المتعارض مع نظام العولمة، فضلًا عن أن أى صراع إيرانى/ غربى أو مفاوضات إيرانية/ غربية، هى فى مجملها تدور حول قضايا تتجاوز فيها إيران حجمها كدولة إلى لاعب إقليمى يخدم مصالح الآخرين، سواء بإشعال حروب جانبية فى المنطقة أو عبر إحداث قلق يستنزف المنطقة العربية، بعيدًا عن الاستقرار الذى يحدث نمو حقيقى.
 
لذا السنوات القادمة من المتوقع أن نشهد فيها تقزم إيران مرة أخرى إلى دولة مهمة لها حساباتها فى المنطقة وليس لاعب رئيسى خاصة أنه من المتوقع تغير تركيبة الحكم سواء بتراجع أو اختفاء سلطة ولاية الفقيه، ستكون بداية هذا استعادة العرب السنة فى العراق دورهم السياسى مما يحدث توازنًا فى العراق بين السنة والشيعة، ثم إنهاء حربى اليمن وسورية وصعود قوى عربية تحدث توازن إقليمى ان الضغوط الاقتصادية فى الداخل الإيرانى تمثل تحديا لنظام الحكم فى إيران ففى ظل أمل الإيرانيين بتحسن الأوضاع بعد الاتفاق النووى تراجع هذا الأمل بشدة مع تصاعد البطالة فى أوساط الشباب لنسب غير مسبوقة ، فضلا عن الحاجة الماسة الآن فى إيران إلى إعادة التوازن فى الموازنة العامة إذ طغت موازنة الجيش على حساب التنمية وموازنة طموحات إيران الإقليمية على حساب تنمية أقاليم إيران خاصة خارج القلب فالأطراف تعانى بشدة نقص الخدمات الخاصة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

القاهرة صوت العقل والحكمة فى المنطقة.. سياسيون: مصر الطرف الأقدر على قيادة تسوية نهائية تضمن حقوق الشعب الفلسطينى وتشكل ركيزة أساسية في جهود وقف العدوان.. ودورها الإقليمي الرائد في دعم غزة يحظى بثقة الجميع

70 % نتيجة التئام ترقوة إمام عاشور

محمد هاني يعود لقيادة الجبهة اليُمنى للأهلي أمام بيراميدز

المعاينة: وجبة سريعة التحضير وراء وفاة الطفل حمزة بالمرج بعد تناوله 3 أكياس

ميكروفون مفتوح يكشف "سر جنونى" بين ترامب وماكرون حول بوتين.. تفاصيل


لعنة الغيابات تضرب الأهلي قبل مواجهة غزل المحلة في الدوري .. افتح القوس

سماع أسرة الزوج وفحص هواتف.. تحقيقات موسعة فى مقتل لاعبة الجودو دينا علاء

582 مليون يورو القيمة السوقية لأندية كأس السوبر السعودي

هدير عبد الرازق أمام حكم بالحبس فى 9 سبتمبر بتهمة الفيديوهات الخادشة.. تفاصيل

الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء هجوم مميت آخر على مخيم أبو شوك بالسودان


تشييع جنازة الدكتور يحيى عزمى بعد صلاة ظهر اليوم

هدير عبد الرازق تعلق على فيديوهاتها المتداولة عبر مواقع التواصل

نجاة راكب أمواج أسترالى بأعجوبة من هجوم مرعب لقرش أبيض.. فيديو

نتيجة تقليل الاغتراب.. مكتب التنسيق: تطبيق الـ10% لقبول تحويلات المتقدمين

كييزا يغلق باب الرحيل ويتمسك بالبقاء مع ليفربول

أمير عابد يغيب عن المقاولون العرب أمام حرس الحدود بعد تعرضه لحادث سير

موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص

الزمالك يخطر المجتمعات العمرانية ووزارة الإسكان بخطاب مهلة إنهاء فرع أكتوبر

قرار جمهورى بتعيين ماجد إسماعيل رئيسًا تنفيذيًا لوكالة الفضاء المصرية

الطقس اليوم.. ارتفاع مؤقت بدرجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 37 درجة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى