فتيات قرية البارشا الصعيدية ينشئن "مسرح شارع" لمواجهة الموروثات الخاطئة

عندما تقرر مشاهدة عرض المسرحى، فيتحتم عليك الذهاب إلى الأماكن المخصصة لها فى قاعات مغلقة بتذاكر بقيمة مالية عالية، لا يقدر البسطاء على اقتنائها، من هنا جاءت فكرة بعض شباب وشابات الصعيد بتأسيس مسرح متجول فى الشارع، يتناول قضايا مجتمعية شائكة تواجه العادات والتقاليد والموروثات القديمة لدى المحافظين من أهالى الصعيد.

أهالى قرية البرشا يتفاعلون مع العرض المسرحى

"مسرح شارع"،  فريق كونه مجموعة من الأقباط بمشاركة عدد من المسلمين، أجتمعوا على حبهم للفن ومواهبهم فى طرح الأفكار والمواجهة، فبدأت الفكرة بتقديم عروض مسرحية مختلفة فى قريتهم تلك التى تمثل نموذجا للوحدة الوطنية، تدعى قرية "البرشا" التابعة لمحافظة المنيا.

عرض مسرحى بالشارع

صعوبات وعقبات هائلة واجهت أعضاء الفريق خاصة الفتيات، منذ بداية تأسيسها وتقديم العروض فى عام 2012،  وكانت بمثابة التحدى لهذه الموروثات القديمة للخروج عن المألوف أشبه بعنق الزجاجة نجح من نجح، ويتخوف كثيرين من الإنضمام للفرقة، وذلك بسبب مجتمع لا يقبل التحديث أو تسليط الضوء على القضايا المجتمعية التى تهم العامة من المواطنين خاصة التى تتعلق بالميراث والزاوج المبكر أو زواج الاقارب، وقضايا الختان، والحرية للفتيات فى العمل والخروج بمفردهم.

أعضاء الفريق يتبنون حملة لانصاف المرأة

من جانبها أعربت مارينا جرجس، الطالبة الجامعية، عن سعادتها الانضمام إلى فريق مسرح شارع، مضيفا أن المشاركة الحقيقية كان تتمثل فى عرض "محكمة القرية"، بمشاركة عدد كبير من الفتيات، لمحاكمة أهاليهم أمام العامة فى الشارع الذين يتمسكون بالعادات التى تضرهم وتؤثر على مستقبلهم وكانت أبرز تلك القضايا التى تناولوها التمييز بين الولد والبنت وضرب الإناث والحجر عليهم، والزواج المبكر والظلم الذى يتعرضون له فى توزيع الميراث.

الزواج المبكر لفتيات الصعيد

وحول ردود الأفعال من أهالى القرية، أكدت أنها استقبلت الانتقادات اللاذعة من الجمهور بصدر رحب التى تخللتها الشتائم والسخرية، خاصة أن هؤلاء مازالوا يقتنعون أن مكان الفتاة فى المنزل، ولا يجوز لها التمثيل فى الشارع، لافتة إلى أن حرصها على الانضمام  للفرقة يأتى فى إطار التعبير عما بداخلها رغم مخاوف أسرتها من تعرضها للآذى، ويفضلون بقائها فى المنزل خاصة فى أوقات الدراسة.

جانب من العرض المسرحى

فيما أشاد محب سمير، المشرف العام على الفرقة، حرص عدد كبير من الفتيات الإنضمام لــــ«مسرح الشارع»، ورغبتهن فى التعبير عن آرائهم بكل حرية، رغم عادات وتقاليد الصعيد، مضيفا أن الفرقة بدأت بمشاركة 6 بنات، لنقل تجاربهم وعرض مشاكلهم وحكايتهم عن طريق المسرح، وهى تمثل أول تجربة جديدة للمسرح فى شارع الصعيد، ساعدهم فى ذلك خلفيتهم فى العمل الأهلى والمدنى واحتكاكهم بقضايا العنف ضد المرأة وحقوق الأقليات.

عرض المسرحى لمناهضة العنف ضد المرأة

وأضاف "سمير" فى تصريحه لـــ«اليوم السابع»، أن الفرقة المسرحية نجحت فى استهداف أكثر من 10 قرى  بمركز ملوى بمحافظة المنيا، قدموا خلال على مدار ست سنوات نحو 40 عرض مسرحى، لنقد القضايا الشائكة المسكوت عنها، مؤكدا إلى أن الفرقة تسعى إلى إستهداف باقى قرى المركز التى تصل إلى 86 قرية.

الأطفال وبعض الأهالى يشاهدن العرض المسرحى

وحول الاستمرار فى تقديم العروض، أكد أن أعضاء الفريق لن يتنازلوا عن فكرة تقديم العروض المسرحية فى الشارع، رغم مشاركتهم فى مهرجانات دولية وكان آخرها مهرجان صفاقس المسرحى الدولى بتونس ، والمشاركة فى عروض بالقاعات المغلقة، مضيفا أن الفرقة تستعد للمشاركة فى مهرجان آفاق المسرحى بالفيوم إلى جانب مهرجان الدكتور أحمد بهاء الدين بأسيوط، المقرر إقامتهم فى فبراير المقبل.

بينما أضاف جورج يوسف، مسئول بالفرقة، أن الفريق مكون من الأقباط وصل إلى 30 شاب وشاب وطفلا، وشاعر مسلم، مبديا ترحيبه بانضمام الموهوبين من المسلمين، فى ظل عقوبات تمنعم من المشاركة وتحديدا الفتيات، بسبب البيئة المحيطة بهم فى الصعيد، مشيرا إلى أن الفريق قدم أعمالا كثيرة منها «أبيض وأسود- الاوتوبيس- محكمة القرية- الشارع لنا- أحلام للبيع».

وتابع أن أعضاء الفريق هم «مارينا سمير 23 ممثلة، مارتينا نصار 20 سنة ممثلة، ماجدة مسعود 19 سنة ممثلة، مونيكا يوسف 18 سنة ممثلة، وليد عبد المسيح 30 سنة ممثل، ديفيد بسطا ممثل 21، انجى نصار 17 سنة ممثلة، هايدى سامح ممثلة 15 سنة، مارينا جرجس 18 سنة ممثلة، يوستينا سمير مؤسسة ومديرة الفرقة، محب سمير المدير الفنى والمشرف العام، جرجس يوسف مسئول تواصل.