أدهم العبودى يكتب: صبرى موسى الراحل فى صمت الأولياء

الكاتب الراحل صبرى موسى
الكاتب الراحل صبرى موسى

لا يكاد الواحد من هؤلاء يرحل، أقصد المبدعين العظماء، حتّى يتكشّف لنا كمّ هذا الزّيف الذى نعيشه فى أقبح حالاته، عاش "صبرى موسى" كما يعيش العظماء تمامًا، متواريًا عن الأنظار، منكفئا على ما ضمّنه التّاريخ عنه، لا يطالب أحدهم بشىء، ولم يطالب بشىء منذ قبل، رغم كونه مبدعًا كبيرًا، ليس زُهدًا، فقط، بل اعتزازًا حقيقيًا بما يمثلّه الإباء وما يفرضه على طبيعة المُبدع، رحل "صبرى موسى" بلا صخب، كعادة العظماء، وكلّفنا وجعًا فادحًا.

 

وقد نتساءل: لماذا يأسى ويتباكى بعضُهم عليه وهم لم يغرّموا أنفسهم – حتّى- عناء منحه القليل من حقوقه – البديهية - أثناء حياته؟ البعض هؤلاء، تقلّدوا المناصب الثقافية، وترأسوا لجان تحكيم الجوائز، وعقدوا المؤتمرات الدولية، ونظّموا الفعاليات الكُبرى، بالله ألم يشعر به أحدُهم؟ ألم يعرفونه إلّا حين استسلم للرّحيل المُباغت؟ أذكر أنّه مرِض ولم يستجب مسئول واحد من مسئولى الثّقافة فى مصر لتضرّعاتنا، بل تجاهلوه تجاهلًا مؤسفًا، وانغمسوا فى مؤتمراتهم ولجانهم ونداوتهم، ولا كأنّ "صبرى موسى" مريض أو يعانى، إذًا لقد صار الأمر عادة سنّها المسئولون فى الثّقافة المصرية، وهى تجاهل العظماء، أين نعى وزارة الثّقافة لمثل هذا المُبدع الكبير؟ أين كانوا وقتما كان حيًّا بيننا يعيش فى ظلّ كلّ الآخرين؟ وكان صبورًا، لم يجشّم أحدًا عناء السؤال، اكتفى بالمساحة التى وفرّتها له كتابته، وأى مساحة تلك، إنّها مساحة التّاريخ كلّه، لقد عبرت كتابته التّاريخ، وباتت أيقونة، لا يجوز –بحالٍ - أن نذكر استثناءات الرّواية العربية مثلًا ولا نذكر "فساد الأمكنة"، التى تفرّغ لها "صبرى موسى" أعوامًا، بمنحة من وزارة الثّقافة، لينحتها نحتًا، سافر إلى غياهب الصّحراء، ليكتب واحدة من أروع روايات الصّحراء، عرفنا عن طريقها ملامح الصّحراء، وقسوتها، وضبابيتها الرّوحانية، وسلوكها ومأساتها وأثرها فى نفوس ساكنيها، أدركنا معنى "الدّيستوبيا" من روايته "السيّد فى حقل السبانخ"، وهى رواية عبر النوعية، تصنيفها شاق، جرّب فيها شكلًا من أشكال الكتابة الغرائبية، و"حادثة النصف متر"، "النوفيلا" التى لا يُمكن أن نحذف كلمة منها إلّا ويختلّ النّص، وقد لا يعرف الكثيرون أنّ "صبرى موسى" كان سيناريست محترف، كتب واحدًا من أهمّ مائة فيلم عربى، وهو فيلم "البوسطجي"، عن قصّة قصيرة للكاتب الكبير "يحيى حقّي"، وحوّل الحكاية لأسطورة ريفية نادرًا ما يُمكن لأحدهم تصوير مثلها، بهذا الشّكل وهذه البراعة.

 

اليوم يرحل "صبرى موسى" فى صمت، صمت الزّاهدين والأولياء، صمت من لا يريدون إلّا هذا المكان فى الآخرة، رحل تاركًا لنا إرثًا استثنائيًا، أحياه الزّمن، وخلّده التّاريخ، ترك لنا إرثًا من العبقرية.

 

وداعًا "صبرى موسى"، وداعًا يا من كشفت عن الأمكنة فسادها، ورصدت حادثة نصف متر، وعاقرت سيّدًا فى حقل من السبانخ، ليأتيك "البوسطجى” حاملًا معه دعوة لحضور الآخرة، بكلّ بهائها، وخلودها.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمود سعد: أرقام تحاليل أنغام تتحسن لكن موصلتش لمرحلة الخروج من المستشفى

جريندو يقترب من قيادة هجوم غزل المحلة أمام سموحة

رادار المرور يلتقط 1131 سيارة تسير بسرعات جنونية خلال 24 ساعة

حكم قضائى غير قابل للطعن.. تعرف عليه

غدا.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى 2025


باكستان تعلن إنشاء "وحدة صاروخية" جديدة لتعزيز قدرات بلاده العسكرية

سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم

ريبيرو في حيرة بسبب مركز الجناح الأيسر في الأهلي.. اعرف التفاصيل

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

وزارة التعليم: تطبيق أعمال السنة على طلاب الثالث الإعدادى العام الدراسى 2028


وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى

غزل المحلة يٌحصل مستحقات صفقة كاستلو على 3 دفعات من زد

26 شهيدا بنيران قوات الاحتلال فى غزة منذ فجر اليوم

الداخلية: ضبط 3 تيك توكر لنشرهم فيديوهات خادشة للحياء بالغردقة

تعرف على تشكيل زد وسيراميكا لمباراة الفريقين فى الدورى

طقس شديد الحرارة غدا ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 38 درجة وأسوان 49

مطاردة مرعبة على طريق الواحات.. 3 شباب يتسببون في حادث لفتاتين والداخلية تتحرك.. الجناة يعترفون: حاولنا توقيف الضحيتين ومعاكستهما.. وثقنا الواقعة فيديو وسخرنا منهما.. والسجن المشدد مصير المتهمين.. فيديو

التيك توكر مورى تعترف فى التحقيقات: نشرت مقاطع خادشة لكسب المال

ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

اللجنة المصرية توزع آلاف الطرود الغذائية على سكان غزة.. عشائر القطاع: نشكر الرئيس السيسى على دعم القضية الفلسطينية.. القاهرة تدفع بمئات الأطنان للتخفيف عن النازحين.. وإسرائيل تكشف خطتها العسكرية.. فيديو وصور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى